أهمية العقيدة وأثرها على الفرد والمجتمع
أهمية العقيدة
تعرَّف العقيدةُ الإسلامية على أنَّها الاعتقاد الجازم بما أخبر الله -عزَّ وجلَّ- به في كتابه أو بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمو الدين، اعتقادًا جازمًا لا يُخالطه ريبٌ ولا شكٌّ.
فيما يأتي ذكر أهميةِ العقيدة:
- إنَّ العقيدةَ تعدُّ أساس الدين وأصله، وأنَّ إيمان العبدِ لا يكون مقبولًا عند الله -عزَّ وجلَّ- إلَّا إذا كانت عقيدته سليمة، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
- إنَّ العقيدة هي أساس دعوة جميع الأنبياء والرسل، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، فهذه الآية تبيِّن أنَّ الأنبياء جاؤوا بذات العقيدة.
- إنَّ التزام المسلم بالعقيدةِ الإسلامية إنَّما هي تطبيقٌ لأمرِ الله -عزَّ وجلَّ- حيث قال الله -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا).
- إنَّ العقيدةُ تعدُّ أساس وجود البشر، والحكمةُ من وجودهم في هذه الدنيا، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، فالله -عزَّ وجلَّ- إنَّما خلق الجنَّ والبشرَ لعبادته.
- إنَّ العقيدةَ وتطبيقها هي المهمة الكبرى والعظمى التي يجب على المسلم تحقيقها في هذه الدنيا.
إنَّ العقيدة تعرَّف على أنَّها الإيمان الجازمِ باللهِ وبما جاء به نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم- إيمانًا جازمًا لا يقبل الشكَّ، وإنَّ لهذه العقيدة أهميةً كبيرةً؛ تتلخص بكونها أصل من أصول الدينِ وأساسِ دعوةِ الرسل والأنبياء، وأنَّها المهمة الكبرى التي خُلق من أجلها البشر وأنَّ طبيقها الغاية العظمى للمسلم في هذه الحياة الدنيا.
أثر العقيدة على الفرد
لا يقتصر أهميةُ العقيدةِ الإسلامية على ما تمَّ ذكره في الفقرة السابقةِ، بل يتعدى إلى أكثر من ذلك بكثيرٍ، مثل الأثر الإيجابي الذي يظهر على الفرد من خلال تطبيقها والالتزام فيها، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ ذكر بعض الآثارالإيجابية للعقيدةِ على الفردِ، مع شرح كيفية تحقيق هذا الأثر:
تعطي الفرد الاطمئنان والرضا
يمتاز صاحب العقيدة السليمة بنيله الطمأنينة والسكينة في حياته؛ إذ إنّ لتطبيق العقيدة الصحيحة تحقيقاً لانشراح الصدر والرضا في قلبه؛ نتيجةً لتحقّق العبودية لله -تعالى-، كما أنَّ القنوط واليأس لا يصيبانه؛ لإيمانه بقول الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، فتجده مطمئنَّ البالِ ومستريحَ الفكرِ، وغير قلقٍ على مستقبله.
تُربّي الفرد على إيثار الآخرين والبعد عن الأنانية
يمتاز صاحب العقيدةِ السليمة بالإيثار والتضحيةِ من أجلِ الآخرين والبعد عن الأنانية وحبِّ الذات، ويكون ذلك نابعًا من إيمانه بقول الله -تعالى-: (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ)، فتجده يبذل ماله وروحه في سبيل الله ويؤثرغيره على نفسه؛ إذ إنَّه يعتبر ذلك كلَّه عبادةً لله -عزَّ وجلَّ- وأنَّ روحُه ملكٌ لربه، يقبضها بالوقتِ الذي يشاء، حيث قال الله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، مما يربِّي فيه أيضًا الشجاعةِ وعدم خوفه فتجده يبذل روحه في سبيل الله وفي سبيل مساعدةِ الآخرين.
تُربّي الفرد على مراقبة تصرّفاته وأقواله
إنَّ العقيدةَ الإسلامية المغروسة في القلب بشكلٍ صحيحٍ تُوقظ ضمير المسلمِ، فتُربي فيه مراقبةِ النفس كما أنَّها تجعله حذرًا من نزغاتِ الشيطانِ وهوى النفسِ، وبواعث الشرِّ، فيكون رقيبًا على أفعاله وتصرفاته، وذلك لإيمانه المطلق بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لا يخفى عليه شيء، ولأنَّه يؤمن بأنَّ الله قد جعل له رقيبان من الملائكةِ يسجلانِ كلَّ كبيرةٍ وصغيرةٍ كما قال -تعالى-: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، فتجد صاحب العقيدةِ السليمة يُحاسب نفسه ويُراقب أفعال وتصرفاته، ويُحاول إصلاح ظاهره وباطنه.
تصنع فردًا حرًا ثابتًا على الحق
تصنع العقيدة من المسلم فردًا حرًا؛ لأنَّها تهبه العزةَ بسبب شعوره بمعيةِ الله -عزَّ وجلَّ- ولأنَّه يؤمن إيمانًا مطلقًا بقول الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، والذي يجعله حرًا لا يُستعبدُ لغير الله، بالإضافة إلى أنَّ العقيدةَ تهبه موازينَ ثابتةً، تمكنَّه من التفريقِ بينَ الحقِّ والباطل، مما يجعله ثابتًا على الحقِّ لا يتزحزح عنه.
تُحقّق معنى توكل الفرد على الله
إنَّ إيمان المسلم بالله -عزَّ وجلَّ- وبأنَّه هو الرازق والكافي يحقق في معنى التوكلِّ على الله، كما أنَّ إيمانه بربه يجعله يطبقَ أمره في قوله -تعالى-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)، ومما يجدر الإشارة إليه أنَّ التوكلَ لا يعني عدمَ السعيِّ، بل إنَّ المسلم صاحب العقيدةِ السليمة يكون حريصًا على وقته وعمله فيسعى بجدٍ واجتهادٍ؛ لأنَّه يوقن بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- سائله عن عمره وعمله، فتجده نشيطًا منتجًا عاملًا ومتوكلًا على ربه.
للعقيدةِ أثر إيجابي كبير على الفردِ؛ إذ إنَّها تجعله مطمئنًا متوكلًا على الله وثابتًا على الحقِّ، كما أنَّها تربيِّه على الإيثار ومراقبة كافة أفعاله وتصرفاته.
أثر العقيدة على المجتمع
هناكَ علاقةٌ وثيقةٌ بين الفردِ والمجتمعِ؛ إذ أنَّ الأفرادَ هم لبناتِ المجتمعِ، وإنَّ بذلك فإنَّ الآثار التي تنتج عن التزام الأفرادِ بالعقيدةِ الإسلامية، يظهر أثرها على المجتمع الإسلامي كامل، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقال سيتمُّ ذكر أثر العقيدةِ على المجتمع، مع بيان كيفية تحقيق العقيدة لهذا الأثر، وفيما يأتي ذلك:
تُوحّد المجتمع وتُقوّيه وتزيد ترابطه
بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه الكريمَ أنَّ ولاء المسلم إنَّما يكون لله ورسوله وليس للجنسِ أو اللون أو العرقِ أو القرابة، ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ)، وبناءً على هذه الآية يُمكن القول بأنَّ العقيدةَ الإسلاميةِ هي الأساس في تشكيل رابطةِ المجتمعِ وأواصره، فإذا غُرست في قلب المسلمِ بشكلٍ صحيح وجعل المسلم ولاءه لله ورسوله والمؤمنين، وجعل براءته من أعداءِ الدين، فإنَّ ذلك يعمل على توحيد المجتمع الإسلامي وتقويته وزيادةِ ترابطه وتوادِّه.
تُحقّق الأمن والأمان والاستقلال في المجتمع
إنَّ العقيدةَ الإسلامية تربي المسلم على مراقبة كافةِ أفعاله وتصرفاته كما تمَّ بيان ذلك سابقًا، وبناءً على ذلك فإنَّ التزام كلَّ فردٍ من أفرادِ المجتمعِ بالبعدِ عن فعل الشرِّ والأذيةِ والمحرماتِ مثل السرقةِ والقتلِ وهتك الأعراض خشيةً من الله، وكما أنَّ محاولة إصلاح المسلم لنفسه والبعدِ عن هوى النفس وشهواتها ونزغات الشيطانِ يحققُ للمجتمع أمنه واستقراره؛ إذ أنَّه سيصبح حينها مجتمعًا خاليًا الثأرِ وغيره من العادات تهتك المجتماعتِ وتُزلزل أمنَها واستقرارها.
تُبعِد المجتمع عن الكراهية والعنصرية
يُمكن القولُ بأنَّ هذا الأثر ناتجٌ عن توكلِّ المسلمَ على الله -عزَّ وجلَّ- وإيمانه المطلقَ بأنَّ كلَّ ما يحصل عليه الإنسان في هذه الدنيا إنَّما هو بفضل الله -عزَّ وجلَّ- وتوفيقه، ودليل ذلك قوله -تعالى-: (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، فإذا آمن المسلمُ بذلك وأيقنَ أنَّ رزقه ورزق غيره مكتوبٌ وأنَّ الله عادلٌ في تقسيمِ الأرزاق، فإنَّ ذلك يبعده عن الحسدِ، مما يجعلَ هذا المجتمع الإسلامي بعيدًا عن الكراهية والأحقاد، كما أنَّ إيمان المسلم بأنَّ أساس التفاضل بين الناسِ بالتقوى قوة العقيدةِ كما قال الله -تعالى-: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، يجعل هذا المجتمع خاليًا من العنصريةِ.
إنَّ للعقيدة آثار تظهر على المجتمعِ فتجعله مترابطًا آمنًا مستقلًا، كما أنَّها تجعله بعيدًا عن الكراهية والعنصرية والأحقاد.
مصادر العقيدة
إنَّ للعقيدةِ الإسلاميةِ عددٌ من المصادرالشرعيةِ التي تؤخذ منه، وفيما يأتي ذلك:
- القرآن الكريم: وهو أول هذه المصادر، وقد أوفى القرآنِ الكريمِ في بيان عقيدةِ المسلمِ وتصحيها في النفوس، وقد بيَّنت سائر سور القرآنِ الكريمِ أركانَ العقيدةِ على أتمِّ وجهٍ، وبخاصة السور المكية التي نزلت لغرس العقيدةِ في نفوس المسلمينَ.
- السنة النبوية: وهو ثاني هذه المصادر؛ إذ إنَّ السنة النبوية المطهرةِ تعدُّ وحيٌ من الله -عزَّ وجلَّ- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودليل ذلك قول الله -تعالى-: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)، وقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصولَ الدينِ وأصولَ العقيدةِ بأحسنَ طريقةٍ وأحسن بيانٍ.
أنَّ القرآن الكريمِ والسنةِ النبوية المطهرةِ هي مصادرُ العقيدة الإسلامية.