تعد الغيرة في الإسلام من الأخلاق الكريمة التي فطر عليها الإنسان، وقد اهتم الإسلام بالغيرة ومنحها شأنها ورفعتها، واعتبر دفاع المسلم عن عرضه وغيرته على حريمه جهادًا، ومن يضحى بنفسه من أجل غيرته على الإسلام يوضع موضع الشهداء، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِه فهوَ شهيد، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دينه فهوَ شهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهله فهوَ شهيدٌ"، وفيما يلي توضيحٌ لمعنى الغيرة في الإسلام وأنواعها وفوائدها وأسباب ضعفها.
تعريف الغيرة
تُعرف الغيرة على أنها الهيجان والغضب الذي يشعر به الإنسان عندما يحس بأن شخصاً ما قد شاركه في أحد حقوقه أو أموره الخاصة، وهي شعور مشترك قد يصيب النساء كما يصيب الرجال، وتشتد الغيرة بين الزوج وزوجته بشكل أكبر، وهي غريزة طبيعية، فطرَ الله -تعالى- الإنسان عليها.
أنواع الغيرة في الإسلام
قسم ابن القيم الغيرة في الإسلام إلى عدة أنواع وفق اعتباراتٍ مختلفة، وبيان هذه الأنواع على النحو الآتي:
الغيرة من حيث كونها غيرة لمحبوب أو عليه
وقد قسم ابن القيم هذا النوع من الغيرة على النحو الآتي:
- الغيرة للمحبوب: وتتمثل هذه الغيرة بقيام الشخص بحماية المحب والغضب على من يؤذيه، وقد تأخذه الغيرة للمبادرة في التغيير والقيام بمحاربة كل من يؤذيه، وتعد غيرة الرسل ومن اتبعهم على الله -سبحانه وتعالى ممن أشرك به مثالًا على هذا النوع.
- الغيرة على المحبوب: تتمثل هذه الغيرة بحماية المحب من أن يشاركه غيره في محبوبه أو أن يحب غيره معه.
الغيرة من حيث كونها محمودة أو مذمومة
وقد قسم ابن القيم هذا النوع من الغيرة على النحو الآتي:
- الغيرة المحمودة الممدوحة: وهذا النوع من الغيرة يحبه الله -سبحانه وتعالى-، بحيث يغار العبد عند حصول الريبة، ومعنى الريبة هو الشيء المحرم، فإذا رأى الإنسان أن أحد أهله فعل شيئاً محرماً فغار عليهم من ذلك فهي غيرة محمودة، مثل أن يرى الرجل إحدى محارمه لا ترتدي اللباس الشرعي الكامل أثناء خروجها من المنزل فيغار عليها.
- الغيرة المذمومة: وهذا النوع من الغيرة لا يحبها الله -سبحانه وتعالى- بحيث يغار العبد ولكن بدون ريبة، بل يكون مجرد سوء ظن، وينتج من هذه الغيرة الوقوع في الغيبة والسعي في إضرار الغير والحسد والحقد وغيرها من الأمور المذمومة ويتم معالجتها من خلال تقوى الله، والقناعة والإحسان إلى الغير وغيرها.
فوائد الغيرة في الإسلام
إنّ الغيرة في الإسلام تعود على العبد بالخير والنفع، ومن فوائدها ما يلي:
- تدل الغيرة على قوة إيمان العبد بالله -عز وجل-.
- الغيرة صفة من الصفات التي يحبها الله.
- تحمي الغيرة القلب والجوارح من الوقوع في المعاصي والفواحش.
- تساهم الغيرة في تطهير المجتمع من الرذيلة.
- الغيرة تساهم في صون الأعراض.
أسباب ضعف الغيرة في الإسلام
لعل من أبرز الأمور التي تؤدي إلى إضعاف الغيرة في قلب الإنسان المسلم ما يلي:
- قيام الإنسان بالمعاصي التي تغضب الله -سبحانه وتعالى-، فالحرص على الإيمان يؤدي إلى زيادة الطاعة والتقليل من المعاصي، وكلما زادت الطاعة زادت الغيرة في الإسلام.
- الغزو الفكري ويتمثل هذا بانقياد المسلم نحو تطبيق أفكار الغرب التي تبعد كل البعد عن تعاليم الدين الإسلامي.
- ضعف قوامة الرجال ، وسبب ذلك انقياده نحو العواطف وحبه وتعلقه بالشخص فيضعف سلطته على غيره.
- الاندماج مع ملذات وشهوات الدنيا.
- احتساب الغيرة بأنها جزء من العادات والتقاليد وليس جزء من الدين والعقيدة والإيمان.