إنّ مسؤولية الآباء عظيمة وفيها الكثير من التحديات، لذلك يحرص الآباء على تقديم أفضل ما يمكن في تربية أبنائهم، وقد يجعلهم هذا في قلق دائم بشأن اختياراتهم ومدى تأثيرها على أطفالهم، لحرصهم على توفير نموذج يُحتذى به لهم، فيحتاج ذلك إلى الكثير من الصبر، والاستمرار في تقديم كل ما يحتاجه الطفل من الحب، والعطف، والرعاية مع استخدام الأدوات و الأساليب الصحيحة في التربية .
أثر التربية الخاطئة على شخصية الطفل
يجب على الآباء تقييم مهاراتهم التربوية لتقديم كل ما هو أفضل لأبنائهم، فالتربية الخاطئة قد تكون سبب في تدمير الأطفال لما لها من آثار سلبية عليهم، وفيما يلي نذكر أهمها:
- عدم المقدرة على تكوين علاقات وصداقات طويلة الأمد، ويعود السبب في ذلك إلى عدم معاقبة الطفل، أو توبيخه عند ارتكاب الأخطاء مما يولد لديهم شعور السيطرة، وأنه على حق دائماً، فيكون الطفل مدللاً ويفتقد ل روح التعاون مع الآخرين .
- تعرض الطفل للإساءة والإهمال منذ صغره، والذي قد يجعله عُرضةً للإصابة بالاضطرابات النفسية.
- إصابة الأطفال بالاكتئاب وقلة الثقة بالنفس؛ بسبب نظرتهم السلبية التي تكونت مع الوقت تجاه أنفسهم، والتي نتجت من سيطرة الآباء عليهم والتحكم بهم بشكل كبير، وعدم السماح لهم باتخاذ القرارات، وانتقادهم بشكل دائم.
- معاناة الطفل من الغضب الداخلي، وممارسة عدة سلوكيات خاطئة من بينها العنف، بحيث يميل الطفل إلى إيذاء الآخرين، والإساءة لهم بنفس الطريقة التي تم إيذاؤه بها، نتيجة إهمال الطفل وتعرضه للعنف الأسري ، كما أنّ ذلك قد يتطور إلى ميول إجرامية في مرحلة البلوغ.
- عدم مقدرته على التواصل مع الآخرين، حيث وجدت بعض الدراسات أنّ الأسلوب العدائي مع الطفل يجعله أكثر عرضةً للاضطراب الاجتماعي وكراهية أقرانه له.
- ضعف أداء الطفل في المدرسة وقلة تحصيله العلمي مقارنةً بزملائه، والتي تعد أحد المؤشرات على إهمال الوالدين، كما أنّ نقل الطفل المتكرر من مدرسته قد يؤثر بشكل سلبي على المستوى الدراسي له، حيث يعتقد الآباء أنّه أمرٌ يمكنهم التحكم به دون الرجوع للطفل ومعرفة مدى تأثير هذه التنقلات عليه.
- معاناة الأطفال من مشاكل عاطفية وسلوكية مثل؛ العدوانية وعدم مقدرتهم على الالتزام بالقوانين المدرسية، نتيجة قسوة الآباء عليهم، والتي يصاحبها تهديد لفظي أو جسدي، سواء كان ذلك بالصراخ أو الضرب.
- التمرد، وهي إحدى المشاكل التي يعاني منها الطفل، خاصة الذي ينشأ في بيئة صارمة تفرض عليه الانضباط بشكل مبالغ فيه، حيث تدفعه هذه الطريقة في التربية إلى مخالفة القوانين والتحكم بالآخرين، كما أنه قد يعاني من اضطراب الوسواس القهري ، وبعض السلوكيات السلبية الأخرى التي قد تدعو للقلق.
أنماط التربية وتأثيرها على الطفل
وفقاً لعدة دراسات تم إجراؤها إلى جانب الدراسة التي أجرتها الطبيبة النفسية ديانا باومريند على أكثر من 100 طفل، تم التوصل إلى عدد من الاستنتاجات عن أنماط التربية المختلفة، ومدى تأثيرها على شخصية الطفل، ومنها ما يأتي:
- النمط المستبد: قد يؤدي اتباع هذا الأسلوب مع الطفل إلى أن يكون مطيعاً وذا كفاءة عالية، إلاّ أنّه يكون أقل سعادةً من غيره، وأقل قدرةً على التكيف الاجتماعي، بالإضافة إلى قلة احترامه لذاته.
- النمط المتساهل: غالباً ما يؤدي التساهل مع الطفل إلى ضعف مقدرته على التنظيم الذاتي، وسيعاني من مشاكل في السيطرة، والأداء الضعيف في المدرسة.
- النمط غير المكترث: يحتل هذا النمط أدنى مرتبة في جميع مجالات الحياة، فعلى الرغم من أنّ هذا النوع من الآباء يلبي جميع الاحتياجات الأساسية لطفله، إلاّ أنّه بعيد عن حياته، ولا يقدم أي نوع من التوجيه والدعم له، وينتج عن ذلك عدم قدرة الطفل على السيطرة على نفسه، وعدم احترامه لذاته، كما يكون أقل كفاءةً من أقرانه.
- النمط الموثوق: باتباع هذا النمط يتم فرض القواعد والمبادئ الأساسية على الطفل، بهدف التأديب وليس العقاب، كما يتم الاستجابة لرغباته والتعامل معه بأسلوب ديمقراطي ؛ مما ينتج عنه طفل سعيد وناجح.
علامات التربية الخاطئة
هناك العديد من السلوكيات والأخطاء الشائعة التي قد يرتكبها الآباء في تربية أبنائهم دون وعي كامل منهم بمدى تأثيرها السلبي عليهم ومنها ما يأتي:
- توبيخ الطفل عند ارتكابه للخطأ على الرغم من صدقه وشجاعته بالاعتراف بذنبه لك.
- معاقبة الطفل أمام الآخرين.
- توجيه النصائح والأوامر له، فعلى سبيل المثال تقول له؛ (يجب أن تستيقظ مبكراً) فضلاً عن تقديم التشجيع والدعم له بكلمات إيجابية فتقول له (كم أنت ذكي يا عزيزي، سأساعدك على الاستيقاظ مبكراً للحصول على درجات أفضل).
- ضعف التواصل العاطفي بينك وبين طفلك، مما يجعله يحاول لفت انتباهك بطرق قد تكون مزعجة بالنسبة لك، بينما هو بحاجة للدفء والحنان والعطف.
- عدم تقديم الدعم اللازم له عند حاجته لك، وانشغالك عنه بأمور أخرى، مما يجعله يشعر بإهمالك له.
- مقارنة طفلك بغيره من الأطفال هي أحد الأخطاء الشائعة في التربية ، وفيها إساءة كبيرة لطفلك.
- عدم التعبير عن فرحتك له بتفوقه، حيث يحتاج الطفل أن يشعر بأنك فخور به، وبما يحققه من إنجازات.
- انتقاده بشكل دائم، وعدم احترام مشاعره.
- التشدد وأخذ القرارات دون إعطائه حقه بالاختيار، مما يجعل الطفل أحياناً لا يتردد في سرقة أي شي قد يعجبه ويتوق للحصول عليه.
- المبالغة في تدليل الطفل مما يجعله مغروراً، دائم التذمر يريد أن يحصل على كل ما يريده ولا يشعر بقيمة الأشياء؛ مما يكوّن صورة اجتماعية سلبية لديه.
- إعطاء الطفل إجابات غير واضحة ومختصرة، مما يتركه في حيرة من أمره، ويسبب له الإحباط، فهو بحاجة لكلمات حكيمة ومريحة منك.
- عدم وعي بعض الآباء أنّ استخدام أسلوب التخويف أو الترهيب الجسدي كأداة أساسية في تأديب الطفل هو أحد أساليب التنمر ضد الأطفال.
- عدم إعطاء الطفل الفرصة للاعتماد على نفسه حتى في أصغر الأمور، مما يقلل ثقته بنفسه واحترامه لذاته.
نصائح في تربية الأطفال
إنّ أي تغيير إيجابي يقوم به الآباء في تربية أبنائهم سيؤدي إلى نتائج أفضل وأكثر إيجابية، وفيما يلي مجموعة من النصائح التي تساعد في التركيز على الجوانب الإيجابية في التربية:
- الاستماع لطفلك، ومعرفة مخاوفه ومشاعره، وتقديم البدائل اللازمة والصحيحة في المواقف المختلفة.
- تأديب الطفل وتعليمه الانضباط، من خلال مكافئته والابتعاد عن الضرب، لأنه يعود بنتيجة عكسية تماماً.
- الحرص على تسمية ووصف السلوك عند قيام الطفل بخطأ ما، وليس وصف الطفل نفسه، فعلى سبيل المثال؛ يجب أن تقول هذا التصرف (يعد تنمراً) ولا تقل (أنت متنمر).
- إظهار الحب و العاطفة له بالكلام والدعم وقضاء الوقت معه.
- دع طفلك يستكشف ويكون مبدعاً، من خلال ارتكاب الأخطاء دون خجل أو انتقاد.
- استثمر وقتك مع طفلك بالأفعال وليس بالكلام فقط، فعليك أن تأخذ بيده وتعلمه كيف يخطو أولى خطواته في الطريق الصحيح ولا تكتفي بالتوجيه اللفظي.