أقسام الصدقة الجارية
الصّدقة الجارية
إنّ الصّدقة هي إحدى القُرباتِ المباركة التي يرتجي بها العبدُ مرضاة الله تعالى وجليل عطاياه، وهي ما يُخرجه المسلم من مالٍ وغيره تقرباً لله رب العالمين، وتعد الصّدقة الجارية إحدى أنواع صدقات التّطوع ، والتي يمكن تعريفها أنها ما يبذله المسلم في حياته الدنيوية من مال وغيره، ويبقى مستمراً بعد موتِه، على حسب تيسير الله تعالى لها في استمرارها أو عدمه، أو هي الوقف المحبوس، بحيث يُنتفع به، دون أن يكون ملكاً لأحد، فيبقى موقوفاً والانتفاع به مستمرّ، طوال الزمان، فلا يوهب ولا يباع، حيث جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم : (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
أقسام الصدقة الجارية
تتعدّد أقسام الصدقة الجارية، فهي ذات أمثلة وأنواع كثيرة، وقد ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة أقساماً وأنواعاً كثيرة تندرج تحت الصدقة الجارية، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِمَّا يلحقُ المؤمنَ من عملِهِ وحسناتِه بعدَ موتِه عِلمًا علَّمَه ونشرَه وولدًا صالحًا ترَكَه ومُصحفًا ورَّثَه أو مسجِدًا بناهُ أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناهُ أو نَهرًا أجراهُ أو صدَقةً أخرجَها من مالِه في صِحَّتِه وحياتِه يَلحَقُهُ من بعدِ موتِهِ)، وقوله أيضاً: (سبعٌ يجري للعبدِ أجرُهنَّ وهو في قبرِه بعد موتِه : من علَّم علمًا ، أو كرى نهرًا ، أو حفر بئرًا ، أو غرس نخلًا ، أو بنى مسجدًا ، أو ورَّثَ مصحفًا ، أو ترك ولدًا يستغفرُ له بعد موتِه)، وفيما يلي ذكر بعض أنواع الصدقة الجارية بشيء من التفصيل:
العلم النافع
أي أبرز علماً نافعاً للخلق، وأظهره بأيّ صورة كان؛ سواءٌ عن طريق تدريسه أو تأليفه أو كتابتِه أو غير ذلِك، وكذلك قد يكون له تلاميذ ينشرون ويبرزون له علمه بعد موتِه؛ فهؤلاءِ من العلم النافع له، ما داموا يدرسون أو يُدرّسون هذا العلم أو ما يتعلق به؛ فأجره جارٍ ما جرى علمه النّافع بين الناس.
الولد الصالح
الولد الصالح من الصدقة الجارية التي تلحق العبد بعد وفاتِه؛ فإذا خلّف وراءه ولداً صالحاً يدعو له، ويعمل العمل الصالح، وكان الوالد هو من علّمه هذه الأعمال الصّالحة، فيبقى أجرها للوالد ما دام الولد الصّالح مداوماً عليها.
سقي الماء وحفر الآبار
إنّ سقاية الماء من أفضل الأعمال والصدقات التي يُبتغى بها وجه الله تعالى؛ وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلم: (أفضلُ الصدقةِ سقيُ الماءِ)، سواءٌ كان سقيُ الماء عن طريق حفر الآبار أو إجراء الأنهار؛ فكلّه يدخل في سياق سقي الماء؛ فمن استنبط بئراً أو أجرى نهراً يدرّ بالخير والماء للنّاس؛ فأجره يستمرّ له بعد وفاتِه.
ومن الأمثلة على الصدقة الجارية أيضاً:
- القيام ببناء المستشفيات والمراكز الصحية، والمدارس والجامعات والمعاهد، وبناء دور الأيتام والأرامل والمسنين.
- القيام ببناء المساجد، والمكتبات الإسلامية، والمراكز، وإنفاق المال على ذلك؛ لنشر العلم، وخدمة طلبة العلم والعلماء.
- القيام بالتأجير للبيوت والمحال التجارية، وإنشاء المشاريع التنموية والخدمية، وتقديم دعمها للعائدات نفقة للفقراء والمساكين.
- القيام بالتكفل بعملية الطباعة والنسخ لمصاحف القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة وتوزيعها ونشرها في الأطراف والأمصار، للمحافظة على بقاء دعائم العقيدة الإسلامية الأساسية، وبذلها لله رب العالمين.
- القيام بغرس الأشجار، والمساعدة في إيصال الاحتياجات الأساسية الدائمة؛ مثل: الكهرباء والماء والتدفئة، وذلك إعانة للمحتاجين والفقراء.