أقسام الحديث المردود
أقسام الحديث المردود
إن علم الحديث علم دقيق بذل العلماء في تصنيفه وتقسيمه جهداً كبيراً، فالسنة النبوية المصدر الثاني بعد القرآن الكريم للتشريع، لذلك كانوا العلماء حذرين في قبول الأحاديث ووضعها في مصنفاتهم، أو ردها وعدم الأخذ بها، لينقسم الحديث إلى قسمين؛ المقبول وهو الذي اجتمعت فيه ستة شروط في متن الحديث وسنده، والمردود وهو ما فقد شرطاً من هذا الشروط.
وسمّي بالحديث الضعيف الذي يندرج تحته أنواع عديدة، وبحسب الشرط المفقود يقرر العلماء هل هو مردود لا نعمل به ولا نرويه، أو أن الشرط المفقود ينجبر بغيره، وفي تضعيف الأحاديث للعلماء مناهج، منهم المتشدد، ومنهم المتساهل.
واختلال هذه الشروط قد يكون متعلق باتصال سند الحديث، فيكون الحديث منقطع أو معضل أومرسل أومدلَّس، أو يكون الشرط متعلق بإحدى رواة الحديث في عدالته، والعدالة هي حسن إسلامه وأخلاقه، ومروءته وسلامته من الفسق، أو في قوة حفظه وسلامة نقله للحديث، فيكون الراوي مجهول لا نعرفه، أو لين في حفظه، فيكون الحديث مقلوب، أو مدرج، أو مضطرب، أو منكر.
والأحاديث قد تكون ضعيفة من رواية وبسند ما، صحيحة برواية أخرى، أو بمجموع الروايات التي تساند بعضها، أما الحديث الموضوع المكذوب المفترى على رسول الله لن نذكره ضمن مقالنا، لأنه ليس حديثاً أصلاً.
وأقسام الحديث المردود أو الضعيف، هي:
الحديث المردود لانقطاع الإسناد
يرد الحديث الذي في إسناده سقط راوي أو أكثر، سواء كان الراوي الذي سقط في بداية السند، أو نهايته، وينقسم إلى عدة أنواع هي:
المُرْسَلُ
إن الحديث المرسل له حالتين:
- الحالة الأولى
الحديث الذي سقط من سنده الصحابي، فيرويه التابعي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يكون الحديث متصل الإسناد لذلك لا يحتج به، وقد ذكر ذلك مسلم في بداية صحيحه.
- الحالة الثانية
مراسيل الصحابة؛ فيروي الصحابي عن صحابي آخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دون ذكر الصحابي، وهذا الحديث حجة وليس ضعيفاً؛ فالصحابة لا يضرنا جهلهم في السند.
المُنْقَطِعُ
وهو الحديث الذي انقطع اتصال سنده؛ بسقوط رجل أو أكثر من سلسلة الرواة، أو بذكر الرجل مبهم كقول شيخ، أوسمعت رجلين، فيكون مجهولاً لا يعرفه أهل الاختصاص ولا يُعرف حاله.
المُعْضَلُ
هو الحديث الذي سقط منه راويان متواليين وهذا زيادة بالضعف، ومضاعف بانقطاع إسناده، فلم يسقط راو واحد بل اثنين، فيكون من أكثر الأنواع انقطاعاً للسند، فلا يكون حجة يحتج بها.
المُدَلَّسُ والمعلق
المدلس الذي فيه تدليس، أي الصيغة فيها احتمال وقوع السماع من راوٍ آخر دون صيغة جزم وهو لم يسمع منه، وربما لم يعاصره أو عاصره ولم يلتقي به، كرواية راوي في الشام عن راوي في الكوفة، دون أن يسافر أحدهما إلى الآخر، أما إذا استخدم صيغة جازمة أنه سمع وهو لم يسمع فهذا نوع من أنواع الكذب. والمعلق هو الحديث الذي سقط أول إسناده، أو بعضه.
الحديث المردود لطعن في الراوي
يشترط في راوي الحديث العدالة والضبط، جانبٌ يتعلق بعدالته وحسن إسلامه؛ فلا نقبل الفاسق أو الكاذب أو السارق راوي لحديث رسول الله، فلا بد من سلامة دينه، وجانب الضبط الذي يتعلق بالحفظ فضبط الحفظ متفاوت؛ ولا يُقبل من يكثر خطؤه، أو من أصابه النسيان في آخر عمره، ومن أقسام الحديث المردود لطعن في الراوي:
المتروك والمنكر
المتروك هو الحديث الذي يرويه متهم بعدالته بالكذب أو الفسوق، أو متهم بحفظه بكثرة الخطأ. والمنكر هو الحديث الذي يرويه الضعيف مخالفاً لمن هو أوثق منه، فيجتمع سندين للحديث؛ سند رواته ثقات وسند في رواته ضعيف، أو أن يروي الحديث الضعيف في الحفظ فقط ويتفرد به، ولا نجد الحديث إلا عنده.
الشاذ والمدرج والمضطرب
الشاذ هو الحديث الذي يرويه الثقة مخالفاً لمن هو أوثق منه، فيجتمع سندين للحديث؛ سند رواته ثقات، وسند في رواته راوٍ أكثر ثقة من غيره، وهذا نادر لذلك سمي بالشاذ. والمدرج هو الحديث الذي يزيد الراوي في سند الحديث أو متنه، فيدرج في المتن ألفاظاً ليست منه، فتكون هذه الزيادة مردودة ليست من ضمن الحديث.
أما المضطرب فهو الحديث الذي يروى من عدة وجوه مختلفة متساوية بالقوة فلا نستطيع ترجيح واحدة منها، ولا نستطيع الجمع بينها.
الحديث المردود بسبب الغلط
يوجد أنواع من الحديث قد يحكم عليها بالرد أو القبول إذا ثبت الخطأ في سندها أو متنها بعد تصحيح غلطها، وينقسم الحديث الذي وقع الغلط أو الخطأ في كتابته إلى ثلاثة أقسام؛ وهي:
الْمَقْلُوبُ
وهو الحديث الذي وقع الخطأ فيه بقلب المتن أو السند أو إبدالهم، مثل تبديل المتن بعن يمين إلى عن شمال، أو تبديل السند والرواة؛ نافع عن سالم بدلاً عن سالم عن نافع.
الْمُصَحَّفُ والمْحُرَّفُ
الْمُصَحَّفُ هو الحديث الذي وقع الخطأ فيه بعدد نقاط الحروف، مثل السين والشين، وغيرها، ويقع بالسند والمتن. والمْحُرَّفُ هو الحديث الذي وقع الخطأ فيه بالحركات الإعرابية، مثل تبدل الضمة فتحته في جُنَاحٍ إِلى جَنَاحٍ.