أقسام الإيثار في الإسلام
تعريف الإيثار
الإيثار في اللغة مصدر آثر يؤثر إيثارًا، بمعنى التقديم والتفضيل، يقال: آثر الشيء، أي: فضّله واختاره، أمّا في الاصطلاح؛ فيعني: أن يقدم الإنسان غيره على نفسه في النفع له، والدفع عنه؛ بغية الحصول على الأجر والثواب من الله -تعالى-، وقد مدح الله -سبحانه وتعالى- الأنصار -رضوان الله عليهم-؛ لأنّهم آثروا النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرين على أنفسهم عندما هاجروا من مكة إلى المدينة، وقاسموهم أموالهم ومزارعهم ومساكنهم، قال الله -تعالى- في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (قَدِمَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ -رضي الله عنه- المَدِينَةَ فَآخَى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ -رضي الله عنهما-، وكانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وأُزَوِّجُكَ، قالَ: بَارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ، دلوني على السوق).
أقسام الإيثار في الإسلام
ينقسم الإيثار إلى قسمين رئيسيين، وفيما يأتي بيانهما.
إيثارٌ يتعلّق بالخالق
إنّ أفضل أنواع الإيثار، وأعلاها منزلةً؛ هو إيثار حبّ الله -سبحانه وتعالى- على حبّ غيره، وإيثار خوفه ورجائه على خوف غيره ورجائه، وهذا النوع من الإيثار له علامتان، فيما يأتي بيانهما:
- أن يفعل الإنسان كلّ ما يأمره الله -سبحانه وتعالى- به، وإن كانت النفس تستثقله وتهرب منه.
- أن يتجنّب الإنسان كلّ ما يكرهه الله -سبحانه وتعالى- وينهى عنه، وإن كانت النفس تحبّه وتهواه.
إيثارٌ يتعلّق بالخلق
قسم ابن عثيمين -رحمه الله- هذا النوع من الإيثار إلى عدَّةِ أقسامٍ، وهي:
- الإيثار بالواجب: وهذا النوع من الإيثار غير جائزٍ، وهو أن يؤثر الإنسان غيره بما يجب عليه شرعًا؛ لأنّ الإيثار في هذه الحالة يؤدّي إلى ترك واجبٍ.
- الإيثار بالمستحب: وهذا النوع من الإيثار مكروهٌ، وهو أن يؤثر الإنسان غيره في الأمور المستحبّة، كمن آثر غيره في الصف الأول.
- الإيثار بالمباح: وهذا النوع من الإيثار مباحٌ وقد يصل إلى درجة الاستحباب، وهو أن يؤثر الإنسان غيره في الأمور المباحة؛ كأن يؤثر المرء غيره بطعامٍ يشتهيه غير مضطرٍ إليه.
- الإيثار بالمحرم: وهذا النوع من الإيثار محرَّمٌ، وهو أن يؤثر الإنسان غيره بما حُرِّم عليه شرعًا، كأن يؤثر المرء غيره بشرابٍ مسكرٍ أو مخدِّرٍ.
فوائد الإيثار
للإيثار فوائد كثيرةٌ، نذكر منها ما يأتي:
- نيل محبّة الله -عزّ وجلّ-.
- إنّ المُؤثِر يكسب محبّة الناس وثناءهم عليه في حياته وبعد مماته.
- سلامة القلب من الشحّ والبخل.
- الفلاح في الدنيا والآخرة.
- التحلّي بخلق الإيثار دليلٌ على وجود التكافل والتآزر بين الناس.
- خلق الإيثار يقود المسلم إلى التحلّي بالأخلاق الحسنة ، كحب الخير للغير، والرحمة، والسعي في حاجة الآخرين.