أبيات من شعر المدح في العصر الجاهلي
قصيدة لله نافلة الأجَلّ الأفضل
قال لبيد بن ربيعة :
لِلَّهِ نافِلَةُ الأَجَلِّ الأَفضَلِ
- وَلَهُ العُلى وَأَثيثُ كُلِّ مُؤَثَّلِ
لا يَستَطيعُ الناسُ مَحوَ كِتابِهِ
- أَنّى وَلَيسَ قَضائُهُ بِمُبَدَّلِ
سَوّى فَأَغلَقَ دونَ غُرَّةِ عَرشِهِ
- سَبعًا طِباقًا فَوقَ فَرعِ المَنقَلِ
وَالأَرضَ تَحتَهُمُ مِهادًا راسِيًا
- ثَبَتَت خَوالِقُها بِصُمِّ الجَندَلِ
وَالماءُ وَالنيرانُ مِن آياتِهِ
- فيهِنَّ مَوعِظَةٌ لِمَن لَم يَجهَلِ
بَل كُلُّ سَعيِكَ باطِلٌ إِلّا التُقى
- فَإِذا اِنقَضى شَيءٌ كَأَن لَم يُفعَلِ
لو كان شَيءٌ خالِدًا لَتَواءَلَت
- عَصماءُ مُؤلِفَةٌ ضَواحِيَ مَأسَلِ
بِظُلوفِها وَرَقُ البَشامِ وَدونَها
- صَعبٌ تَزِلُّ سَراتُهُ بِالأَجدَلِ
أَو ذو زَوائِدَ لا يُطافُ بِأَرضِهِ
- يَغشى المُهَجهَجَ كَالذَنوبِ المُرسَلِ
في نابِهِ عِوَجٌ يُجاوِزُ شِدقَهُ
- وَيُخالِفُ الأَعلى وَراءَ الأَسفَلِ
فَأَصابَهُ رَيبُ الزَمانِ فَأَصبَحَت
- أَنيابُهُ مِثلَ الزِجاجِ النُصَّلِ
وَلَقَد رَأى صُبحٌ سَوادَ خَليلِهِ
- مِن بَينِ قائِمِ سَيفِهِ وَالمِحمَلِ
صَبَّحنَ صُبحاً حينَ حُقَّ حِذارُهُ
- فَأَصابَ صُبحًا قائِفٌ لَم يَغفَلِ
فَاِلتَفَّ صَفقُهُما وَصُبحٌ تَحتَهُ
- بَينَ التُرابِ وَبَينَ حِنوِ الكَلكَلِ
وَلَقَد جَرى لُبَدٌ فَأَدرَكَ جَريَهُ
- رَيبُ الزَمانِ وَكانَ غَيرَ مُثَقَّلِ
لَمّا رَأى لُبَدُ النُسورِ تَطايَرَت
- رَفَعَ القَوادِمَ كَالفَقيرِ الأَعزَلِ
مِن تَحتِهِ لُقمانُ يَرجو نَهضَهُ
- وَلَقَد رَأى لُقمانُ أَن لا يَأتَلي
غَلَبَ اللَيالي خَلفَ آلِ مُحَرِّقٍ
- وَكَما فَعَلنَ بِتُبَّعٍ وَبِهِرقَلِ
وَغَلَبنَ أَبرَهَةَ الَّذي أَلفَينَهُ
- قَد كانَ خَلَّدَ فَوقَ غُرفَةِ مَوكِلِ.
قصيدة يا أيها الملك الذي راحاته
قال عنترة ابن شداد :
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي راحاتُهُ
- قامَت مَقامَ الغَيثِ في أَزمانِهِ
يا قِبلَةَ القُصّادِ يا تاجَ العُلا
- يا بَدرَ هَذا العَصرِ في كيوانِهِ
يا مُخجِلاً نَوءَ السَماءِ بِجودِهِ
- يا مُنقِذَ المَحزونِ مِن أَحزانِهِ
يا ساكِنينَ دِيارَ عَبسٍ إِنَّني
- لاقَيتُ مِن كِسرى وَمِن إِحسانِهِ
ما لَيسَ يوصَفُ أَو يُقَدَّرُ أَو يَفي
- أَوصافَهُ أَحَدٌ بِوَصفِ لِسانِهِ
مَلِكٌ حَوى رُتَبَ المَعالي كُلَّه
- بِسُمُوِّ مَجدٍ حَلَّ في إيوانِهِ
مَولىً بِهِ شَرُفَ الزَمانُ وَأَهلُهُ
- وَالدَهرُ نالَ الفَخرَ مِن تيجانِهِ
وَإِذا سَطا خافَ الأَنامَ جَميعُهُم
- مِن بَأسِهِ وَاللَيثُ عِندَ عِيانِهِ
المُظهِرُ الإِنصافَ في أَيّامِهِ
- بِخِصالِهِ وَالعَدلَ في بُلدانِهِ
أَمسَيتُ في رَبعٍ خَصيبٍ عِندَهُ
- مُتَنَزِّهًا فيهِ وَفي بُستانِهِ
وَنَظَرتُ بِركَتَهُ تَفيضُ وَماؤُه
- يَحكي مَواهِبَهُ وَجودَ بَنانِهِ
في مَربَعٍ جَمَعَ الرَبيعَ بِرَبعِهِ
- مِن كُلِّ فَنٍّ لاحَ في أَفنانِهِ
وَطُيورُهُ مِن كُلِّ نَوعٍ أَنشَدَت
- جَهرًا بِأَنَّ الدَهرَ طَوعُ عِنانِهِ
مَلِكٌ إِذا ما جالَ في يَومِ اللِق
- وَقَفَ العَدُوُّ مُحَيَّرًا في شانِهِ
وَالنَصرُ مِن جُلَسائِهِ دونَ الوَرى
- وَالسَعدُ وَالإِقبالُ مِن أَعوانِهِ
فَلَأَشكُرَنَّ صَنيعَهُ بَينَ المَل
- وَأُطاعِنُ الفُرسانَ في مَيدانِهِ.
قصيدة كأني إذ نزلت على المعلى
قال امرؤ القيس :
كَأَنّي إِذ نَزَلتُ عَلى المُعَلّى
- نَزَلتُ عَلى البَواذِخِ مِن شَمامِ
فَما مُلكُ العِراقِ عَلى المُعَلّى
- بِمُقتَدِرٍ وَلا مُلكُ الشَآمِ
أَصَدَّ نِشاصِ ذي القَرنَينِ حَتّى
- تَوَلّى عارِضُ المَلِكِ الهُمامِ
أَقَرَّ حَشا اِمرِئِ القَيسِ بنِ حُجرٍ
- بَنو تَيمٍ مَصابيحُ الظَلامِ.
قصيدة إن الخليط أجد البين فانفرقا
قال زهير بن أبي سلمى :
بَلِ اِذكُرَن خَيرَ قَيسٍ كُلِّها حَسَبًا
- وَخَيرَها نائِلاً وَخَيرَها خُلُقا
القائِدَ الخَيلَ مَنكوبا دَوابِرُها
- قَد أُحكِمَت حَكَماتِ القِدِّ وَالأَبَقا
غَزَت سِمانًا فَآبَت ضُمَّرًا خُدُجًا
- مِن بَعدِ ما جَنَبوها بُدَّنًا عُقُقا
حَتّى يَأُوبَ بِها عوجاً مُعَطَّلَةً
- تَشكو الدَوابِرَ وَالأَنساءَ وَالصُفُقا
يَطلُبُ شَأوَ اِمرِأَينِ قَدَّما حَسَنًا
- نالا المُلوكَ وَبَذّا هَذِهِ السُوَقا
هُوَ الجَوادُ فَإِن يَلحَق بِشَأوِهِما
- عَلى تَكاليفِهِ فَمِثلُهُ لَحِقا
أَو يَسبِقاهُ عَلى ما كانَ مِن مَهَلٍ
- فَمِثلُ ما قَدَّما مِن صالِحٍ سَبَقا
أَغَرُّ أَبيَضُ فَيّاضٌ يُفَكِّكُ عَن
- أَيدي العُناةِ وَعَن أَعناقِها الرِبَقا
وَذاكَ أَحزَمُهُم رَأيًا إذا نَبَأٌ
- مِنَ الحَوادِثِ غادى الناسَ أَو طَرَقا.
قصيدة ألا طرقتنا بعدما هجدوا هند
قال الحطيئة :
أَلا طَرَقَتنا بَعدَما هَجَدوا هِندُ
- وَقَد سِرنَ خَمسًا وَاِتلَأَبَّ بِنا نَجدُ
أَلا حَبَّذا هِندٌ وَأَرضٌ بِها هِندُ
- وَهِندٌ أَتى مِن دونِها النَأيُ وَالبُعدُ
وَهِندٌ أَتى مِن دونِها ذو غَوارِبٍ
- يُقَمَّصُ بِالبوصِيِّ مُعرَورِفٌ وَردُ
وَإِنَّ الَّتي نَكَّبتُها عَن مَعاشِرٍ
- عَلَيَّ غِضابٍ أَن صَدَدتُ كَما صَدّوا
أَتَت آلُ شَمّاسِ بنِ لَأيٍ وَإِنَّما
- أَتاهُم بِها الأَحلامُ وَالحَسَبُ العِدُّ
فَإِنَّ الشَقِيَّ مَن تُعادي صُدورُهُم
- وَذو الجَدِّ مَن لانوا إِلَيهِ وَمَن وَدّوا
يَسوسونَ أَحلاماً بَعيداً أَناتُها
- وَإِن غَضِبوا جاءَ الحَفيظَةُ وَالجِدُّ
أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ
- مِنَ اللَومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا
أولَئِكَ قَومٌ إِن بَنَوا أَحسَنوا البُنى
- وَإِن عاهَدوا أَوفَوا وَإِن عَقَدوا شَدّوا
وَإِن كانَتِ النُعمى عَلَيهِم جَزَوا بِها
- وَإِن أَنعَموا لا كَدَّروها وَلا كَدّوا
وَإِن قالَ مَولاهُم عَلى جُلِّ حادِثٍ
- مِنَ الدَهرِ رُدّوا فَضلَ أَحلامِكُم رَدّوا
وَإِن غابَ عَن لَأيٍ بَغيضٌ كَفَتهُمُ
- نَواشِئُ لَم تَطرِر شَوارِبُهُم بَعدُ
وَكَيفَ وَلَم أَعلَمهُمُ خَذَلوكُمُ
- عَلى مُعظَمٍ وَلا أَديمَكُمُ قَدّوا
مَطاعينُ في الهَيجا مَكاشيفُ لِلدُجى
- بَنى لَهُمُ آبائُهُم وَبَنى الجَدُّ.
قصيدة لكل أناس سيد يعرفونه
قال عروة بن الورد :
لِكُلِّ أُناسٍ سَيِّدٌ يَعرِفونَهُ
- وَسَيِّدُنا حَتّى المَماتِ رَبيعُ
إِذا أَمَرَتني بِالعُقوقِ حَليلَتي
- فَلَم أَعصِها إِنّي إِذاً لَمَضيعُ.