ومزاجه من تسنيم
سورة المطففين
المطففين هي من السور المكية في القرآن الكريم، وهي الثالثة والثمانون في المصحف، ويشار إلى أنّ عدد آياتها هو ستٌ وثلاثون، وقد سميت بهذا الاسم لأنّها تتوعد المطففين، أي الذين يغشون في الكيل والميزان، فقد روي عن ابن عباس: (لمَّا قدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ كانوا مِن أخبثِ النَّاسِ كَيلًا فأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين: 1] (فأحسَنوا الكَيلَ بعدَ ذلك)[صحيح ابن حبان] وفي هذا المقال سنذكر الآية السابعة والعشرين من هذه السورة بشكلٍ مفصل، ألا وهي: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ)[المطففين:27] .
تفاسير ومزاجه من تسنيم
يرجع أصل كلمة تسنيم إلى سنام، أي المكان المرتفع، والتسنيم حسب المفسرين هو التفعيل من القول التالي: سنمتهم العين تسنيماً، أي جعل الماء يتدفّق من الأعلى في الهواء، ويصبّ في الأواني المخصّصة للمؤمنين في جنات النعيم، ومن ثمّ يمسك عند الامتلاء، وفيما يأتي بعض التفسيرات التي تشرح هذه الآية:
ابن عبد الأعلى عن الكلبي
قال: (التسنيم هو شراب المؤمنين والمقربين من الله تعالى)، أمّا باقي أهل التأويل فقد قالوا: (إنّ التسنيم هو عينٌ من الماء الممزوجة بالرحيق، والتي تقدّم لأهل اليمين، مع العلم أنّ المقربين يشربون منها صرفاً)، فقد ورد عنه أنه قال : (هو أشرف شراب في الجنة، هو للمقربين صرف، وهو لأهل الجنة مزاج).
أبو كريب عن عبد الله
قال أبو كريب عن الأعمش عن مسروق في قوله: "من تسنيم"، قال: (عين في الجنة يشربها المقربون، وتمزج لأصحاب اليمين)، وقد وافقه في ذلك مسروق، والذي قال: (يشربه المقربون صرفاً، ويمزج لأصحاب اليمين).
تفسير ابن كثير
ذكر ابن كثير في تفسيره لسورة المطففين أنّ الرحيق الذي يشرب منه المقربون من الله تعالى في الجنة يكون ممزوجاً بنوعٍ من الشراب يعرف باسم التسنيم، والذي يعتبر من أشرف وأطيب، المشروبات في الجنة، إذ ورد في تفسيره: (أَيْ وَمِزَاج هَذَا الرَّحِيق الْمَوْصُوف مِنْ تَسْنِيم أَيْ مِنْ شَرَاب يُقَال لَهُ تَسْنِيم وَهُوَ أَشْرَف شَرَاب أَهْل الْجَنَّة وَأَعْلَاهُ قَالَهُ أَبُو صَالِح وَالضَّحَّاك).
تفاسير أخرى
- قال قتادة: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ)(هو شراب شريف، عين في الجنة يشربها المقربون صرفاً، وتمزج لسائر أهل الجنة، وقد وافقه في ذلك عمران بن عيينة عن أبي صالح).
- محمد بن سعد، عن أبيه، عن عمه، عن ابن العباس قال: (وَمِزَاجه مِنْ تَسْنِيم عَيْنًا يَشْرَب بِهَا الْمُقَرَّبُونَ)، عيناً من ماء الجنة تمزج به الخمر.
- يعقوب عن ابن علية عن الحسن قال: (وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) خفايا أخفاها الله لأهل الجنة.
شراب أهل الجنة
- السلسبيل: وهي عينٌ تبع من جنة العدن، وأطلق عليها هذا الاسم؛ لأنها تسيل على أهل الجنة أينما كانوا.
- التسنيم: وهي عين الماء الجارية التي تم توضيحها في الفقرات السابقة.
- الكافور: وهي عين ماء ذات رائحةٍ طيبة، مخصصةٌ للأبرار .
- الزنجبيل: وهو يختلف عن زنجبيل الدنيا، وذلك في طعمه ورائحته وفوائده العظيمة.
- الخمر: وهو غير الخمر المحرم في الدنيا، إذ إنه يمتاز بطعمه اللذيذ، ورائحته الطيبه، وعدم إذهابه للعقل.
- العسل: وهو شرابٌ صافي لا يوجد فيه شمع.
- اللبن: يمتاز بلونه الأبيض الصافي، ومذاقه اللذيذ.