وصف الأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج
تعريف الإسراء والمعراج
الإسراء لغة من السَّرى: وهو السير ليلاً، وأما اصطلاحاً: فهو رحلة أرضية تمت بقدرة الله -تعالى- لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى بيت المقدس في سرعة تتجاوز الخيال، حيث قُطعت مسافةُ أربعين يوماً في لحظات، وفي الآية الكريمة موضع التعجب من هذه الرحلة في قوله -تعالى-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، أما المعراج: فهو رحلة سماوية تمت بقدرة الله -تعالى- لرسوله من بيت المقدس إلى السماوات العلا ثم إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بالله -سبحانه وتعالى- ومن ثم الرجوع إلى المسجد الحرام في مكة، والمعراج هو الارتفاع والارتقاء من عالم الأرض إلى عالم السماء، والإسراء والمعراج إحدى معجزات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- العظيمة، وقد حدثت في السنة العاشرة للبعثة، وقيل حدثت بين السنة الحادية عشرة والثانية عشرة للبعثة.
وصف الأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج
التقى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الإسراء والمعراج بجميع الأنبياء عليهم السلام، حيث صلى بهم إماماً في المسجد الأقصى، ثم التقى بعددٍ منهم في معراجه إلى السماء، وقد وصف بعضاً منهم، وقد اختلف العلماء في حقيقة اللقاء مع الأنبياء، هل كان لقاء أجساد وأرواح، أم لقاء أرواح فقط، على قولين، أما نبينا -صلى الله عليه وسلم- فقد سرى وعرج بجسده وروحه، والواجب على المسلم الإيمان بما جاء في السنة النبوية الصحيحة دون قياس على الحياة الدنيا، فإن حياة القبور مختلفة، ولا يعلم حقيقتها إلا الله -تعالى-، وفيما يأتي نذكر الأنبياء الذين ورد وصفهم في رحلة الإسراء والمعراج.
موسى -عليه السلام-
حيث التقى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الأقصى، وفي السماء السادسة، ومما قال عنه -صلى الله عليه وسلم- في وصفه: (فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصَلِّي، فإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ، جَعْدٌ كَأنَّهُ مِن رِجالِ شَنُوءَةَ)، فقد كان موسى عليه السلام رجلاً نحيفاً خفيف اللحم، ذا شعرٍ مجعدٍ ليس بمسترسل، طويلاً كأنه من قبيلة شنوءة اليمنية المشهورة بالطول، وجاء في روايةٍ أخرى: (وَأَمَّا مُوسَى فَآدَمُ، جَسِيمٌ، سَبْطٌ، كَأنَّهُ مِن رِجَالِ الزُّطِّ)، ومعنى هذا أن موسى -عليه السلام- كان ذا بشرة سمراء، طويلاً، يشبه رجال السودان.
عيسى -عليه السلام-
والتقى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الأقصى، وفي السماء الثانية، ومما جاء في وصفه: (وإذا عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أقْرَبُ النَّاسِ به شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ)، فقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن عيسى عليه السلام كان يشبهه الصحابي عروة بن مسعود الثقفي -رضي الله عنه-، وفي روايةٍ أخرى: (فأمَّا عِيسَى فأحْمَرُ، جَعْدٌ، عَرِيضُ الصَّدْرِ)، فقد كان أبيضاً فيه احمرار في البشرة، وشعره فيه انثناء، وكان ذو جسمٍ ممتلئٍ قليلاً، معتدل الطول، مسترسل الشعر كما جاء في رواية أخرى: (ورَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ).
يوسف -عليه السلام-
وقد التقى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في السماء الثالثة، ووصفه بقوله: (ثُمَّ عَرَجَ بي إلى السَّماءِ الثَّالِثَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذا هو قدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ)، أي أن يوسف عليه السلام بأنه كان شديد الجمال، وقد منحه الله -تعالى- نصف الجمال الذي خلقه، وقد جاء في روايةٍ عند البيهقي: (ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل عن الناس بًالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب. قلت: يا جبريل! من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف).
إبراهيم -عليه السلام-
وقد التقى به النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الأقصى، كما جاء في الحديث: (وإذا إبْراهِيمُ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أشْبَهُ النَّاسِ به صاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحانَتِ الصَّلاةُ فأمَمْتُهُمْ)، فقد كان إبراهيم عليه السلام يُشبهُ النبيَّ محمداً -صلى الله عليه وسلم-، والتقى به في السماء السابعة، كما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فقِيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإبْراهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ).