وسائل الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله
تعدّ الدعوة إلى الله -تعالى- من أفضل الأعمال وأشرفها وأعظمها؛ لأنّها وظيفة من سبق من الأنبياء والرّسل، فإنّ أوّل ما فعلوه هو الدّعوة إلى الله تعالى، فكانوا يدْعون الناس ويتوكّلون على الله رجاء هدايتهم، فالله -تعالى- وحده هو من يهدي عباده، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا)، حيث تعتبر الكلمات والأفعال والأقوال الخاصّة بالدّعوة من أفضل ما يُقال ويُفعل، فالدّاعي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ، ويعود ذلك عليه بالنفع والأجر من الله -تعالى- مهما كانت النّتيجة، سواء كانت بالقبول أو الرّفض، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدىً، كان له من الأجرِ مثلُ أُجُور من تبِعهُ، لا ينقُصُ ذلك من أُجُورِهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالةٍ، كانَ عليه من الإثم مثلُ آثام من تبِعهُ، لا يَنقصُ ذلك من آثامهِم شيئاً).
وحكم الدّعوة إلى الله -تعالى- ثبت في القرآن الكريم ، والسّنة النّبوية الشريفة أنها واجبة، قال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)، وقال علماء المسلمين بأنّ الدّعوة فرض كفاية، فإذا قام بها البعض في المكان الذي يقطنون فيه، سقط عن الآخرين، أما إذا لم يكن هنالك من يقوم بها أصبحت الدعوة فرض عينٍ على الجميع، وإلا استحقوا الإثم جميعاً.
وسائل الدّعوة إلى الله
إن الدعوة تصل إلى الناس من خلال تبليغها، وهذا التّبليغ يكون من خلال الوسائل التي شرعها الله -تعالى- وأمر بها، ونزل بها التشريع الإسلامي ، فلا يمكن أن تكون الوسائل محرّمة شرعاً، بل يجب أن تكون موافقة للشرع الإسلامي، وهي سبيل الداعي في دعوته؛ حتى يصل إلى النّتيجة المرجوّة التي يبتغيها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض الوسائل التي يتبعها الداعي خلال مسيرة دعوته:
- الوسيلة الأولى: استخدام لغة الخطاب والتخاطب بحيث تناسب المدعوّين، ولا بدّ أن تكون اللّغة المستخدمة مما يفهمها المخاطبون، حيث تتمثل الدعوة بالقول الحسن في المناقشات، والنّدوات، والحلقات، وإلقاء الدّروس الهادفة، والخطب الممتعة، والمحاضرات الشّيقة ذات الأهداف الحسنة، ويجب أن تكون أقوال الداعي سهلة ميسّرة على النّاس، ويخاطبهم حسب مستوياتهم، وينتقي الألفاظ بعنايةٍ وحكمةٍ، ومن الأفضل أن يبدأ الدّاعي خلال دعوته بأسلوبٍ ليّنٍ في القول، فيه عطفٌ ورحمة على المدعوّين، ثمّ بعد ذلك يبدأ بالتّدرج بالشدّة في القول إن احتاج الأمر لذلك، فيدعو كلّ قومٍ بما يناسبهم من حيث الشّدة أو اللين، وهناك بعض الأسس التي يجب أن تتوفر في القول والخطاب حتى يكون مؤثرا في المخاطبين، ومنها:
- وضوح القول، بحيث لا يلتبس على المدعو شيءٌ من المعنى أو الحديث، فبذلك تصل إليه الفكرة سليمةٌ، واضحةٌ، مفهومةٌ.
- تناسب القول، وتلاؤمه مع الواقع الذي يعيش فيه الناس، وطبائعهم المختلفة.
- صواب القول، وصحّته، وخلوّه من الأخطاء.
- الوسيلة الثّانية: استخدام أسلوب التحاور من خلال شبكة المعلومات الدوليّة المسمّاة بالإنترنت، ويتم من خلال هذه الشبكة ووسائل تكنولوجيا المعلومات التّواصل مع الناس، والقيام بالرد على الشّبهات التي تُثار ضدّ الإسلام والمسلمين، وعلى الداعي أن يلتزم بالموضوع الذي يدعو إليه، أو المزاعم التي يرد عليها، ولا يلتفت إلى المواضيع الجانبيّة التي لا أهميّة لها، كي لا يقوم بالتشويش على نفسه وعلى الآخرين.
- الوسيلة الثالثة: الإكثار من أداء الأعمال الصالحة ، والحرص على أن يكون الداعي قدوةً حسنةً في معاملته مع الآخرين وخلال دعوته، فيدعو الدّاعي النّاس وهو يتمثّل الصّدق في الحديث، والمعاملة الطيبة، ويُحسن إلى النّاس ويرفق بهم، ويتحلّى بالأخلاق الإسلاميّة؛ ومنها الصّبر، والوفاء بالعهود، وعدم الإخلاف فيها، والأمانة في كلّ ما يؤدي، فهذا كفيلٌ بأن يكون قدوةً حسنةً في التّعامل، فتصل دعوته أسرع إلى من يبلّغه، وأيضاً على الدّاعي في دعوته أن يستمرّ بالإكثار من العمل الصّالح، ويحرص على أن يكون قوله مطابقاً لعمله؛ حتّى لا يعدّ من المنافقين.
- الوسيلة الرّابعة: الجهاد ، ويكون الجهاد بأنواعه: الجهاد بالنّفس بأن يحرص الدّاعي على مجاهدة نفسه، والسّعي لإصلاحها، وإبعادها عن كلّ ما لا يرضي الله تعالى، وتعلّم العلوم المفيدة، والعمل بما تعلّم، والابتعاد عن وساوس الشّيطان ، وعدم إبقاء مدخلاً لوساوسه في قلبه وأعماله، أو الجهاد في سبيل الله -تعالى- لإعلاء كلمة الله، ونصرة دين الإسلام، وصدّ الأعداء.
فضل الدّعوة
الدعوة إلى الله -تعالى- لها فضلٌ عظيمٌ، وللدّاعي لها أيضاً فضائل متنوّعة، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الفضائل الخاصّة بالدّعوة:
- الدّعوة إلى الله هي بالأصل مهمّة الرّسل -عليهم السّلام- ومن تبعهم، فلما يعلم الدّاعي أهمّية ما يقوم به، وأنّه وظيفة أشرف النّاس وأكرمهم عند الله، فإنّه يزداد عزّةً وشرفاً وفخراً أنّه قام بمهام الرّسل والأنبياء عليهم السلام.
- الدعوة إلى الله -تعالى- هي أفضل الأقوال وأشرفها.
- استحقاق الأجر والثّواب الكثير المترتب على الدعوة، فإذا دعا إلإنسان لشيءٍ كان له مثل أجره عند فاعله.
- ابتعاد اللعنة والعذاب يوم القيامة عن الداعية، فينجو منهما.
- نيل شرف دعاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمن يدعو إلى الله تعالى.
الأمور التي يجب التّحلي بها خلال الدعوة
هنالك عددٌ من الأمور التي من الأفضل أن يتحلّى بها الدّاعية خلال طريقه في دعوته، وفيما يأتي بيانٌ لبعض هذه الأمور:
- أن يتحلّى الدّاعي بالإخلاص لله –تعالى- في كلّ أقواله وأفعاله خلال مسيرته في الدّعوة.
- أن يتعلّم الدّاعي العلوم الشرعية الهادفة، ويسعى للمزيد من التّعلم، حتى تكون دعوته قريبةٌ من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أن يكون هدف الدّاعي خلال دعوته تحصيل الأجر من الله تعالى، لا من النّاس، وأن يكون في دعوته من المهتدين.
- أن يتحلّى بالأخلاق الإسلاميّة، ومنها خلق الصّبر ، والأناة، والحِلم خلال دعوته، فعلى الدّاعي أن يتمهّل في انتظار النّتائج، ولا يتعجّل في ذلك.
- أن يبقى الدّاعية على علمٍ أن رسالة الإسلام رسالةً عالميّةً شموليّةً للعالم بأكمله، حتّى تتحقّق إقامة الحجّة على النّاس.
- أن يكون الدّاعية ليّناً في دعوته، متحلّياً بالرّفق والطّيبة والمودّة تجاه من يدعو.