واذا مرضت فهو يشفين
معلومات حول آية (وإذا مرضت فهو يشفين)
يذكر الله - عزّ وجلّ-على لسان سيدنا إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- نِعم الله -تعالى- عليه، فيقول الله- تعالى-: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين* وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين* وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين) ، فذكر نعمة الله بالشفاء، وفي موقع وسط بين الخلق والإطعام من جهةٍ، وبين البعث والمغفرة من جهة ثانية.
ونَسب -عليه الصلاة والسلام- المرضَ بأنّه من نفسه تأدباً، والشفاء من الله- تعالى-، ولأنّه يذكر نعم الله- تعالى- عليه ناسب ذِكر نعمة الله - تعالى- عليه بالشفاء، ونسب إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- الشفاء لله - تعالى- وحده؛ لأنّه وحده الشافي، ولم ينسب الشفاء إلى الطعام أو الشراب؛ لأنّها من أسباب الشفاء، والشفاء الحقيقي من الله - تعالى- وحده.
شرح آية (وإذا مرضت فهو يشفين)
يُعدُّ المرض من الأقدار التي تُصيب الإنسان، والتي تتطلَّب منه أن يُؤمن بالقدر خيره وشرِّه، فتُشير الآية الكريمة إلى أنَّ إيمان سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بشرِّ القدر، وهو المرض الذي قد يصيبه، وأن خير القدر وهو الشفاء من الله -تعالى-.
وقد فسرَّ أهل العلم المرض والشفاء بالآية بِعِدَّة تفسيرات منها ما يأتي:
- إذا اعتل الجسد بالمرض فإنَّ الشافي هو الله - تعالى-.
- فسِّر المرض برؤية الفاسدين والشفاء برؤية الصالحين.
- فسر المرض بالمعاصي، والشفاء بالمعافاة منها، والابتعاد عنها.
- فسر المرض بالخوف، والشفاء ب الرجاء ، أو إذا كان المرض هو الطمع، كان الشفاء من الله -تعالى- بالقناعة.
اسم الله الشافي والتوكل على الله في الشفاء
كان من هَدِي النبي - صلى الله عليه وسلم- الدعاء باسم الله - تعالى- الشافي، ويرقي به المريض، فقد قال- صلى الله عيه وسلم-: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شَافِيَ إلَّا أنْتَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا)، واسم الله الشافي يُعَدُّ شفاءً من الأمراض المادية التي تصيب الجسد، وأيضاً من الأمراض المعنوية التي تصيب القلب مثل الحسد والغلّ.
فالمسلم المبتلَى بالمرض مأمور بالأخذ بالأسباب، والدعاء باسم الله- تعالى- الشافي، وهذا يُعدُّ من باب التوكل على الله -تعالى- الذي بيده الشفاء، وإذا صبر المريض على الابتلاء بالمرض المادي بعد الأخذ بالأسباب، واحتسب ذلك عند الله- تعالى- غفر الله- تعالى- له ذنوبه.
يقول - صلى الله عليه وسلم-: (ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ، حتَّى يلقَى اللهَ وما علَيهِ خطيئةٌ)، وقد يكون الابتلاء بالمرض من علامات حبِّ الله - تعالى- للعبد لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم)، لذا على العبد أن يصبر على المرض؛ طمعاً بمحبّة الله - تعالى-.
التوكل على الله في الشفاء
التوكُّل على الله - تعالى- عبادة قلبية ، يجب على المسلم أن يتقرَّب بها إلى الله- تعالى- في كل شؤون حياته، ومن المسائل التي يتوكّل بها العبد على الله -تعالى- هي في الشفاء من الأمراض، فالمرض جندٌ من جنود الله - تعالى- يسلِّطه على من يشاء ويصرفِّه عمن يشاء.
فالمسلم مأمورٌ بالأخذ بأسباب الشفاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (يا عبادِ اللهِ تداوُوا، فإن اللهَ لم يضعْ داءً إلا وضعَ له شِفاء)، وكذلك العبد مأمورٌ بالتوكل على الله - تعالى- لقوله -عزَّ وجلّ-: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً﴾.
ومن أمثلة أسباب الشفاء ما يأتي:
- زيارة الطبيب.
- تناول الدواء.
- الالتزام بالطعام المناسب.
- التوكل على الله -تعالى- بأن يوفقه في الأسباب التي قام بها.
وهذا التوكل ليس من باب التجربة، فالذي يُجرَّب هل ينفع أو يضر هو الدواء والطبيب، لذا يكون التوكّل بيقينٍ كاملٍ بأنّ الله - تعالى- هو الشافي، وأنّ بيده وحده نفع المريض بالأسباب التي أخذ بها كالدواء والعلاج.