هل يصح توزيع الأضحية بعد عيد الأضحى؟
هل يصح توزيع الأضحية بعد عيد الأضحى؟
يُشترط في صحَّة الأضحية عدداً من الشروط منها؛ أن يتمَّ ذبحها بعد ذبح الإمام خلال أيَّام العيد، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أوَّلَ نُسُكِنَا في يَومِنَا هذا، أنْ نَبْدَأَ بالصَّلَاةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ وافَقَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ ذلكَ، فإنَّما هو شيءٌ عَجَّلَهُ لأهْلِهِ ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ). إلَّا أنَّه لا يُشترط توزيعها خلال تلك الفترة، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّه يجوز للمسلم أن يقوم بتوزيع لحم أضحيته بعد عيد الأضحى، ولا حرج عليه في التأخير سواءً أكان ذلك لعذرٍ أم بغيره، وقد استدلُّوا على ذلك بعدّة أدلة، منها ما يأتي:
- بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ونَهَيْتُكُمْ عن لُحُومِ الأضاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ، فأمْسِكُوا ما بَدا لَكُمْ).
- وبما ثبت عن عبد الله بن وقدان -رضي الله عنه- قال: (نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ) إلى قوله: (قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأسْقِيَةَ مِن ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ منها الوَدَكَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَما ذَاكَ؟ قالوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقالَ: إنَّما نَهَيْتُكُمْ مِن أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)، ويُقصَد بالدَّافَّة؛ الفقراء، حيث كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد نهى عن ادِّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثةِ أيَّامٍ، وذلك لوجود عددٍ كبيرٍ من الفقراء الذين دخلوا المدينة، وفي السَّنة التالية أذِنَ رسول الله للنَّاس بالإدِّخار فوق ثلاث لانتفاء الحاجة الملحَّة التي تسوتجب النَّهي عن ذلك.
تجدر الإشارة إلى أمرين، وهما ما يأتي:
- أوَّلهما: يجوز تأخير توزيع الأضحية بعد عيد الأضحى إلَّا أنَّ الأفضل المسارعة في توزيعها عملاً بقول الله -تعالى-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ).
- ثانيهما: ذهب الإمام ابن تيمية إلى القول بجواز الإدخار فوق ثلاث حال عدم وجود فقراء بأعدادٍ كبيرةٍ كما الدَّافَّة، أمَّا بوجودهم فلا يجوز ذلك ويجب التَّصدُّق عليهم بلحوم الأضاحي.
كيفية توزيع الأضحية
يُستحبُّ للمسلم أن يُقسِّم لحم أضحيته ثلاثة أثلاثٍ، فيجعل ثلثاً لأهل بيته، وثلثاً يهدي به من يشاء من أقاربه وجيرانه وأصدقائه، وثلثاً يتصدَّق به على الفقراء لقول الله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
وقت الأضحية
اتَّفق الفقهاء على أنَّ أفضل وقتٍ لذبح الأضحية هو يوم العيد الأوَّل قبل غروب الشَّمس، كما اتَّفقوا على أنَّ وقت التَّضحية لا يكون إلَّا بعد طلوع فجر اليوم الأوَّل، إلَّا أنَّه قد تعدَّدت آراءهم في جواز الذَبح بعد الصَّلاة وقبل الخطبة، نعرضها فيما يأتي:
- الحنفيَّة: قالوا بجواز الذَّبح بعد الصَّلاة وقبل الخطبة وذلك لأهل الأمصار، أمَّا أهل القرى الذين لا صلاة عيد عليهم، جاز لهم الذَّبح بعد طلوع فجر اليوم الأوَّل مباشرةً.
- المالكيَّة: قالوا إنَّ وقت الذَّبح لإمام صلاة العيد يكون بعد الصَّلاة والخطبة، أمَّا غير الإمام فيكون وقت ذبحه بعد الصَّلاة والخطبة وذبح الإمام، فإن لم يذبح الإمام فإنَّه ينتظر مضيَّ وقتٍ بقدر ذبح الإمام.
- الشافعيَّة والحنابلة: قالوا إنّ الذَّبح لا يكون إلَّا بعد الصَّلاة والخطبة، أو بمضيِّ وقتٍ قدر صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين من طلوع فجر اليوم الأوَّل.
الحكمة من مشروعية الأضحية
لا شكَّ بأنَّ الأضحية لها شأنٌ عظيمٌ في الاسلام فهي من شعائر الله -تعالى- الدَّالَّة على تقوى العبد، قال -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، أمَّا حكمة مشروعيتها فتكمن في عدَّة أمورٍ، منها ما يأتي:
- إحياء سنَّة نبيِّ الله إبراهيم -عليه السَّلام- عندما امتثل لأمر الله -تعالى-، وذبح الفداء عن ابنه إسماعيل -عليه السَّلام- .
- الاقتداء بصبر إبراهيم وإسماعيل -عليهما السَّلام- عندما امتثلا لأمر الله -تعالى-.
- الخضوع والانصياع والاستسلام لأوامر الله -تعالى-.