هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب
هل يجوز قراءة القرآن بدون حجاب
يجوز للمرأة قراءة القرآن الكريم بدون حجاب ، ولا يجب عليها ارتداء الحجاب لقراءة القرآن، فلا يوجد دليلٌ واضحٌ وصريحٌ يُوجب عليها ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم، وإنَّما يُستحبّ للمرأة ارتداء الحجاب عند قراءة القرآن الكريم تأدُّباً مع كلام الله -تعالى-، ولأنَّ ارتداء الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم يعدّ من الزّينة التي تحدّث عنها السّلف مثل: ابن عباس، وعروة -رضيَ الله عنهما-، والحجاب أفضل وأكمل للزّينة، ولا يُعدّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بدعة بل يجوز ذلك، وإنَّما تحصل البدعة إذا تمَّ لبس الحجاب عند تلاوة القرآن الكريم بنيّة التعبّد.
فإذاً لبس الحجاب عند قراءة القرآن الكريم هو الأفضل مع جواز القراءة بدونه، لأنَّه يعدّ من تمام الأدب مع كلام الله -تعالى- وتُثاب بإذن الله -تعالى- المرأة على هذا الفعل، لقوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) وقد ورد أنَّ الصحابيّ أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- كان يرتدي أفضل ما عنده ويتزيّن عندما كان يريد أن يحدّث بحديثٍ للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولنا فيهم القدوة الحسنة، فيُحاول المسلم أن يقتفي أثرهم ويفعل مثل أفعالهم.
هل يجوز سجود التلاوة بدون حجاب
تعدّدت آراء العلماء في حكم سجود التلاوة من غير حجاب، فذهب بعض العلماء إلى اعتبار سجود التّلاوة كحكمِ الصّلاة، فيجب فيها ما يجب في الصّلاة من وضوء ، وستر، فيوجبون بناءً على ذلك لبس الحجاب للمرأة عند أداء سجود التّلاوة، وذهب بعض العلماء إلى عدم اعتبار سجود التّلاوة مثل حكم الصّلاة، ولم يشترطوا لها ما يُشترط للصّلاة من وضوء وستر، فقالوا بجوازِ سجود التّلاوة بدون حجاب للمرأة، ولكن الأحوط للمرأة لبس الحجاب عند أداء سجود التّلاوة خروجاً من الخلاف.
وذهب جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى اشتراطِ شروط الصلاة لأداء لسجودِ التّلاوة؛ ومنها الطّهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، واستقبال القبلة ، وستر العورة، وطهارة مكان الصّلاة، وطهارة الجسد والثّياب، وتكبيرة الإحرام ثم السجود للتّلاوة، ولا يُشترط التّسليم عند الانتهاء من سجدة التّلاوة، ولا يجب على الحائض والنّفساء سجود التّلاوة؛ لأنَّ السّجدة تُعتبر ركن من أركان الصّلاة، والصلاة غير واجبة على الحائضِ والنّفساء، ويُشترط لوجوبِ سجدة التّلاوة أيضاً الإسلام والبلوغ والعقل، وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط الطهارة عند أداء سجود التلاوة مثل: ابن تيمية -رحمه الله-؛ لأنَّه لم يعتبر سجدة التّلاوة مثل الصّلاة؛ فلم يَشترط لها ما يُشترط للصّلاة من استقبال القبلة أو الطّهارة.
ويَشترط جمهور الفقهاء لصحّة سجود التلاوة دخول وقت السّجود؛ ويتحقّق دخول وقت سجدة التلّاوة بقراءة جميع كلمات آية سجدة التّلاوة أو سماعها؛ فلو سجد شخصٌ قبل الانتهاء من آية سجدة التّلاوة ولو بحرف واحدٍ؛ فسجوده غير صحيح؛ لأنَّه سجد قبل دخول وقت سجود التلاوة، كما أنَّ الصّلاة لا تصحّ قبل دخول وقت الصّلاة فسجدة التّلاوة تأخذ أحكام الصّلاة في ذلك؛ فلا تصحّ قبل دخول وقتها.
آداب قراءة القرآن
تعدّ قراءة القرآن الكريم أفضل الذّكر، فهيَ أفضل من التّسبيح، والتّهليل، والتّكبير، ويُستحب قراءة القرآن الكريم في كلّ وقت من اللّيل والنهار؛ لنيلِ رضا الله -تعالى- والفوز بجنّته، ولقراءة القرآن الكريم آداب كثيرة نذكر منها ما يأتي:
- الإخلاص لله -تعالى- وحده؛ فيجب على قارئ القرآن الكريم أن يقصد بقراءة القرآن الكريم نيل رضا الله -تعالى-، والأجر والثواب المترتّب على قراءة القرآن الكريم، وألّا يقصد غرضاً من أغراض الدنيا من مناصب وأموال وشُهرة ورِفعة بين النّاس، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
- الطّهارة؛ يُستحب لقارئ القرآن الكريم أن يقرأ على طهارة ووضوء؛ فإذا قرأ القرآن الكريم من غير وضوء، فهو جائز بإجماع علماء الأمّة ولا يكون قد ارتكب أمراً مكروهاً وإنَّما خالف الأفضل والأولى بقراءة القرآن الكريم من غير وضوء.
- السِّواك ، يُستحبّ لقارئ القرآن الكريم تنظيف فمه بالسِّواك، أو بالفرشاة والمعجون قبل قراءة القرآن الكريم، حتى تُصبح رائحة الفم طيّبة، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن السِّواك بأنَّه: (مطهرةٌ للفمِ، مرضاةٌ للربّ)، ولأنَّ الملائكة تستمع وتدنو من قارئ القرآن.
- نظافة المكان الذي يريد المسلم قراءة القرآن الكريم فيه، لذلك استحبّ العلماء قراءة القرآن الكريم في المسجد؛ لأنَّه مكانٌ نظيفٌ وعظيمٌ، ويجوز قراءة القرآن الكريم في الطّريق، وعلى الراحلة، وغيرها من وسائل النقل، إذا لم ينشغل القارئ بما حوله عن قراءة القرآن الكريم، فإذا انشغل عن قراءة القرآن بما حوله، فيُكره له قراءة القرآن الكريم خشية أن يخلط ويخطأ بالقراءة.
- الاتّجاه للقبلة؛ فيُستحبّ لقارئ القرآن الكريم أن يتوجّه للقبلة عند قراءة القرآن الكريم، ويجلس بخشوعٍ ووقارٍ وسكينةٍ وهدوءٍ، ولو كان قائماً أو مضّجعاً على جنبه أو في فراشه جاز ذلك، ولكن يكون أجره أكبر عند الجلوس واستقبال القبلة.
- الاستعاذة والبسملة ، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يستعيذ بالله -تعالى- من الشّيطان الرّجيم قبل البدء بتلاوة القرآن الكريم، فيقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، لقوله -تعالى-: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، فإذا بدء القراءة من بداية السّورة، قال بعد الاستعاذة: "بسم الله الرحمن الرحيم".
- التّرتيل، فقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ القرآن الكريم بالتّرتيل؛ لأنَّه أشدّ تأثيراً في نفس وقلب المؤمن وتوقير واحترام القرآن الكريم، فيتدبّر القارئ الآيات ويتفكّر في معانيها، ويطلب الرحمة والمغفرة من الله -تعالى- عند الوقوف على آيات الرحمة، ويستجير ويستعيذ من عذاب النار وشدّته عند الوقوف على آيات العذاب، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
- الخشوع عند قراءة القرآن الكريم، فعلى قارئ القرآن أن يكون خاشعاً لله -تعالى- متدبّراً آيات القرآن الكريم، فقد كان السّلف يتدبّرون آيات القرآن الكريم حتى أنَّهم كان يردّدون الآية أكثر من مرة ومرّتين لتزداد خشية الله -تعالى- في قلوبهم، وقال بعضهم إنّه كان له ختمة للقرآن الكريم في كلّ أسبوع، وفي كلّ شهر، وفي كلّ سنة، وفي كلّ ثلاثين سنة، ويكون ذلك بحسب تدبّره للقرآن الكريم.
- التّغني بالقرآن الكريم، ولا يُقصد بالتّغني قراءة القرآن الكريم على نغمةٍ موسيقيةٍ أو نغمةٍ معيّنة، فهذا غير جائز، وإنَّما المقصود بالتّغني بالقرآن الكريم أيّ تحسين الصوت عند قراءة القرآن الكريم مع مراعاة أحكام التجويد دون تلحين أو تنغيم في قراءة القرآن الكريم، ويُستحبّ للقارئ البكاء عند قراءة القرآن الكريم، فعن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ).
- البُعد عن القراءة في أوقات الانشغال بالطّعام، والشّراب، والنّعاس، أو انشغال القلب بأمور الدّنيا، فالأفضل أن يقرأ القارئ القرآن الكريم في وقتِ نشاطه وقوّته، فإذا أصابه التّثاؤب والنّعاس، ترك القراءة إلى حين زوال ذلك عنه.
- اختيار الوقت المناسب لقراءة القرآن الكريم، فيُستحبّ لقارئ القرآن أن يقرأ في أوقات تجلّي الله -تعالى- على عبادهِ وفي أفضل الأوقات، كالثّلث الأخير من اللّيل؛ وهو وقت السّحر، ويأتي بعده وقت اللّيل، ثم وقت الفجر ، ثم وقت الصّبح، ثم باقي أوقات النّهار.
- الاستمرار في قراءة القرآن الكريم وعدم قطع القراءة إلّا لضرورة طارئة ومانع شديد يستلزم قطع التّلاوة.