هل يجوز ذكر الله وأنا على جنابة
حكم ذكر الله على جنابة
يجوز ذكر الله -تعالى- في كل حال من الأحوال ؛ للمُحدث والجنب وغيرهما، وقد أجمع أهل العلم على ذلك لما جاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ)، فيجوز الذِّكر بالتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، ونحوها من الأذكار المشروعة، باستثناء قراءة القرآن بنية التلاوة؛ فقد ذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم إلى تحريم قراءة القرآن للجنب بنية التلاوة، أمَّا إذا كانت القراءة بنية الذكر أو الدعاء، فهذا ممَّا لا حرج فيه.
حكم قراءة القرآن للجنب
تعددت أقوال الفقهاء في حكم قراءة القرآن للجنب إلى عدة أقوال؛ فمنهم من منع القراءة مطلقًا، ومنهم من أجازها مطلقًا، ومنهم من منعها إذا كانت بنية التعبد، وأجازها إذا كانت بنية الذِّكر والدعاء، وفيما يأتي بيان لهذه الحالات:
حكم قراءة القرآن بنية التعبد
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وأكثر أهل العلم، إلى تحريم قراءة القرآن للجنب بنية التعبد؛ سواءً قرأ من القرآن قليلاً أو كثيرًا، أو كانت القراءة من المصحف أو عن ظهر قلب، واستدلوا بعدة أحاديث تنهى الجنب عن قراءة القرآن، وكذلك ببعض الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وذهب بعض أهل العلم؛ كالبخاري، والطبري، وأهل الظاهر، وغيرهم، إلى جواز قراءة القرآن للجنب بنية التعبد، مستدلين بقول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ)، والقرآن ذكر، فيدخل في عموم الحديث.
أمَّا مجرد إمرار القرآن على القلب، أو الاستماع له، أو النظر في المصحف، فهذا ممَّا لا خلاف في جوازه؛ شريطة عدم تحريك اللسان والشفتين بالقراءة، لأنَّ تحريك اللسان والشفتين بالحروف يعتبر من القراءة، وقد جاء النهي عن ذلك.
حكم قراءة القرآن بنية الذكر
يجوز قراءة القرآن للجنب إذا كانت القراءة بنية الذكر لا بنية التعبد، كأن يقول: بسم الله، سبحان الله، والحمد لله، أو يقول عند الركوب: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ)، أو القول عند المصيبة: (إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، أو كما في أذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم والاستيقاظ، ونحوها من الأذكار، وتجوز كذلك القراءة إذا كانت بقصد الدعاء؛ كأن يدعو بقوله -تعالى-: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وغيرها من الأدعية القرآنية.
آداب الذكر
يوجد العديد من الآداب المتعلقة بالذكر والتي يُستحب مراعاتها، ومن تلك الآداب ما يأتي:
- استحضار عظمة الله -تعالى، قال -تعالى-: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ﴾.
- طلب العون من الله -تعالى، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذًا على أن يقول: (اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ).
- الطهارة؛ وذلك بأن يكون طاهرًا من الحدث الأصغر والأكبر ، نظيف البدن والثياب.
- استحباب تطييب الفم بالسواك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ، مَرضاةٌ للرَّبِّ).
- البكاء عند ذكر الله في الخَلْوة، فمن السبعة الذين يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه كما جاء في الحديث الشريف: (رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).
- التماس الأوقات الفاضلة؛ كما بين الأذان والإقامة، ودبر الصلوات المكتوبات، ووقت السحر، وساعة يوم الجمعة وغيرها من الأوقات.
- استقبال القِبلة، والجلوس متذللًا بسكينة ووقار وخشوع.