هل مرض السرطان معدٍ
هل مرض السرطان معدٍ
في الحقيقة لا يوجد أيّ دليل علمي حتى الآن يُثبت أنّ مرض السرطان أو المرض الخبيث (بالإنجليزيّة: Cancer) هو مرض مُعدٍ، ولا يُمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال المباشر بين الشخص السليم والشخص المُصاب؛ بما يتضمّن اللمس، أو استنشاق نفس الهواء، أو التقبيل، أو مُشاركة الطعام، أو ممارسة العلاقة الجنسيّة، لذا يُعدّ مرض السرطان واحداً من الأمراض غير المُعدية، وحتى لو حدث وانتقلت بعض الخلايا السرطانية بطريقةٍ ما إلى شخصٍ سليم فإنّ جهاز المناعة يكون في الغالب قادراً على التعرف والقضاء على الخلايا الغريبة؛ بما يتضمّن الأنواع السرطانية منها.
طُرق انتقال مرض السرطان
هُناك العديد من العوامل التي يُعتقد بأنّها قد تُسبّب انتقال مرض السرطان من شخصٍ لآخر، أو قد تكون سبباً في زيادة خطر الإصابة بالسرطان، وسيتمّ مناقشتها بشيءٍ من التفصيل فيما يأتي:
الإصابة بأنواعٍ معينة من العدوى
العدوى الفيروسيّة
يعتقد البعض أنّ مرض السرطان يُمكن أن ينتقل من شخصٍ لآخر، وكما أشرنا سابقاً فهذا الأمر غير صحيح، ولكن هُناك العديد من الأمراض المُعدية التي تنتج عن الإصابة بعدوى فيروسيّة -بعضها تُعتبر شائعة جداً- قد تنتقل من شخصٍ لآخر عن طريق الاتصال الجنسي أو الدم في الغالب، وقد يترتّب على الإصابة بها زيادة خطر الإصابة بمرض السرطان، وهذا على الأرجح هو السبب وراء الاعتقاد الخاطئ بأنّ مرض السرطان من الأمراض التي يُمكن أن تنتقل من شخصٍ لآخر، وتجدر الإشارة إلى أنّ العدوى الفيروسية وحدها لا تؤدي عادةً إلى الإصابة بمرض السرطان، ولكن هناك العديد من العوامل إلى جانب العدوى الفيروسيّة يُمكن أن تُساهم في تطوّر السرطان بسهولةٍ أكبر؛ مثل: التدخين، وضعف جهاز المناعة، وأنواع العدوى الأخرى، وغيرها من المشاكل الصحيّة، وفيما يأتي بيان لأبرز الفيروسات التي قد تلعب دورًا في زيادة خطر الإصابة بالسرطانات:
- فيروس التهاب الكبد: مثل: التهاب الكبد الفيروسي من النوع ب (بالإنجليزيّة: Hepatitis B virus)، واختصاراً (HBV)، والنوع ج (بالإنجليزيّة: Hepatitis C virus)، واختصاراً (HCV)، وتُعد الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي من النوع ج سببًا رئيسيًا لمرض سرطان الكبد في جميع أنحاء العالم، وهو أكثر الفيروسات المنقولة عن طريق الدم شيوعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يُمكن أن ينتقل هذا الفيروس في حال التعرّض لوخز إبرة ملوثة بدم شخص مُصاب بالفيروس؛ كما يحدث عند مُشاركة الإبر الملوثة؛ وخصوصاً لدى متعاطي المخدرات عبر الوريد، وفي الحقيقة يُمكن الكشف عن الإصابة بمرض التهاب الكبد الفيروسي من النوع ج عن طريق إجراء فحص دم بسيط، يتمثّل بأخذ عينة دم من الشخص المُصاب، أمّا بالنسبة لعلاج التهاب الكبد الفيروسي من النوع ج فهناك العديد من الأدوية الفعّالة والآمنة التي يُمكن وصفها للمريض من قِبل الطبيب، ويجدر التنويه إلى أنّ عدم الحصول على العلاج يُمكن أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بالكبد وحدوث بعض المضاعفات؛ كتشمّع الكبد (بالإنجليزيّة: Liver cirrhosis)، وسرطان الكبد الأولي (بالإنجليزيّة: Primary liver cancer).
- فيروس الورم الحليمي البشري: (بالإنجليزيّة: Human papillomavirus)، واختصاراً (HPV)، ويُعد أحد أكثر أنواع العدوى المنقولة جنسيّاً شيوعًا في جميع أنحاء العالم، وبشكلٍ عام قد تُشكّل بعض أنواع هذا المرض عامل خطر يزيد من احتمالية الإصابة بالعديد من أنواع السرطانات؛ مثل: سرطان عُنق الرحم ، وسرطان القضيب (بالإنجليزيّة: Penile cancer)، وسرطان الشرج (بالإنجليزية: Anal cancer)، وسرطان المهبل (بالإنجليزية: Vaginal Cancer)، وسرطان الفم (بالإنجليزية: Oral cancer)، وسرطان الحلق (بالإنجليزيّة: Throat cancer)، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يوجد حتى الآن أيّ علاج لفيروس الورم الحليمي البشري ، إلّا أنّ الفيروس عادةً ما يختفي من تلقاء نفسه، ولحسن الحظ يتوافر لقاح وقائي من شأنه المُساهمة في تقليل احتمالية الإصابة به.
- فيروس إبشتاين-بار: (بالإنجليزيّة: Epstein-Barr virus)، واختصاراً (EBV)، ويُعد أحد أنواع الفيروسات التي تنتمي لعائلة الفيروسات الهربسية ، وهو المُسبّب الرئيسي لمرض كثرة الوحيدات العدائيّة (بالإنجليزيّة: Mononucleosis)، ومن الجدير ذكره أنّ أغلب الأشخاص المصابين بفيروس إبشتاين-بار يتعافون منه دون أن يواجهوا أيّ مشاكل صحيّة أُخرى، وبالرغم من ذلك فقد يُشكّل عامل خطر للإصابة بالعديد من أنواع السرطانات، مثل: سرطان المعدة، وسرطان البلعوم الأنفي (بالإنجليزية: Nasopharyngeal carcinoma) الذي يؤثر غالباً في الجزء الخلفي من الأنف، وبعض أنواع سرطانات الغدد الليمفاويّة؛ والتي تتضمن: لِمْفُومةُ هودجكيِن (بالإنجليزية: Hodgkin's lymphoma) ولمفومة بيركت (بالإنجليزية: Burkitt's lymphoma)، وبشكلٍ عام يُمكن أن تنتقل العدوى بفيروس إبشتاين-بار من الشخص المُصاب إلى الآخرين عبر الفم، وذلك من خلال السُعال، أو مُشاركة الطعام والشراب، أو التقبيل، أو العُطاس.
- فيروس تي- الليمفاوي البشري من النوع الأول: (بالإنجليزية: Human T-lymphotropic virus 1)، واختصاراً (HTLV-1)، إذ قد يرتبط هذا الفيروس بالإصابة بأنواعٍ مُعيّنة من سرطان الدم الليمفاوي (بالإنجليزيّة: Lymphocytic leukemia)، واللمفومة اللاهودجكيِنية (بالإنجليزيّة: Non-Hodgkin lymphoma) المعروف اختصاراً بـ(NHL).
- فيروس الهربس البشري من النوع 8: (بالإنجليزيّة: Human herpes virus Type 8)، واختصاراً (HHV-8)، والذي يُسبب غالبًا ساركوما كابوزي (بالإنجليزيّة: Kaposi sarcoma) لدى المُصابين بفيروس العوز المناعيّ البشريّ.
- فيروس العوز المناعيّ البشريّ: (بالإنجليزيّة: Human Immunodeficiency Virus) واختصاراً (HIV)، المُسبّب لمرض الإيدز (بالإنجليزيّة: AIDS)، فقد تكون بعض أنواع السرطانات شائعة لدى المُصابين بفيروس العوز المناعي البشري؛ ويُعزى ذلك إلى ضُعف الجهاز المناعي لديهم كما تمّت الإشارة سابقًا، ومن الأمثلة عليها: سرطان عنق الرحم من النوع الغزوي (بالإنجليزية: Invasive cervical cancer)، وبعض أنواع الأورام الليمفاويّة ، كما قد تلعب الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري أو فيروس الهربس البشري من النوع 8 دوراً رئيسيًا في نمو وتطوّر السرطانات المُرتبطة بفيروس العوز المناعي البشري.
العدوى البكتيريّة
يُمكن أن تُساهم الإصابة ببعض أنواع البكتيريا الشائعة؛ مثل: بكتيريا الملوية البوابية (باللاتينية: Helicobacter pylori)، أو المعروفة أيضاً بجرثومة المعدة في زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع سرطانات المعدة، وخاصةً في حال كانت الإصابة بهذه الجرثومة طويلة الأمد، إذ إنّه مع مرور الوقت يُمكن أن تُسبّب هذه الجرثومة تلفاً في الطبقة الداخليّة من المعدة، وقد يترتب على ذلك زيادة احتماليّة الإصابة بسرطان المعدة .
العدوى الطفيلية
تُعد الطُفيليّات (بالإنجليزيّة: Parasites) أيضاً من الأسباب التي يُمكن أن تحفز تطور السرطان، حيثُ يمكن لبعض الديدان الطُفيلية أن تعيش داخل جسم الإنسان، مُسببةً زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات، مثل: سرطان القنوات الصفراويّة (بالإنجليزيّة: Cholangiocarcinoma)، وسرطان المثانة (بالإنجليزيّة: Bladder cancer)، وتجدر الإشارة إلى نُدرة احتمالية الإصابة بالعدوى الطفيلية المُسبّبة للسرطان في البلدان المُتقدمة؛ كالولايات المتحدة الأمريكيّة.
انتقال السرطان أثناء عمليات زراعة الأعضاء
في الحقيقة، يُعد خطر انتقال مرض السرطان عن طريق زراعة الأعضاء مُنخفضاً جداً، وتبعًا لما نشرته إحصائيات المعهد الوطني للسرطان (بالإنجليزية: National Cancer Institute) يبلغ مُعدل الإصابة بالسرطان عن طريق زراعة الأعضاء نحو حالتين من أصل 10 آلاف حالة تلقّوا عضوّ من مُتبرع لديه تاريخ للإصابة بالسرطان ، وبالرغم من ذلك فإنّ خطر ذلك ما يزال قائمًا، ويُمكن القول بأنّ الشخص الذي تلقى عضوًا أو نسيجًا من مُتبرع كان مصابًا بالسرطان في السابق هو أكثر عُرضة للإصابة بالسرطان في المستقبل، وتجدر الإشارة إلى أنّ عملية زراعة الأعضاء أو الأنسجة، هما الحالتان الوحيدتان اللتان قد تتسبّبان بانتقال مرض السرطان من شخصٍ لآخر، وغالباً ما يتجنّب الأطباء اللجوء أخذ عضو أو أنسجة من متبرعين لديهم تاريخ شخصي للإصابة بالسرطان، ومن ناحيةٍ أخرى قد ترفض بنوك الدم أيضاً تلقيّ وحدات دم من مرضى السرطان، بالرغم من عدم وجود أيّ دليل علمي يُثبت أنّ مرض السرطان قد ينتقل عبر التبرع بالدم (بالإنجليزية: Blood donation).
انتقال السرطان من الأم لجنينها
بشكلٍ عام، هُناك عدد قليل من الحالات المُسجّلة التي حدث فيها انتقال السرطان من الأم إلى جنينها أثناء فترة الحمل، وقد يحدث ذلك من خلال ثلاث حالات رئيسية، يمكن بيان كل منها فيما يأتي:
- نشوء السرطانة المشيمائية: (بالإنجليزية: Choriocarcinoma)، والتي تُمثل أحد أشكال الأورام الخبيثة النادرة، وغالباً ما تنشأ في المشيمة، ويُعدّ ذلك الحالة الوحيدة التي ينتقل فيها السرطان بشكلٍ متسلّسل؛ أيّ أنه عند نقل الأعضاء من الأم المُصابة إلى الشخص المُتلقي فإنّ ذلك يكون مصحوبًا بانتقال السرطان على النحو الآتي: من المشيمة إلى الأم، ثم من الأم إلى مُتلقي الأعضاء، أمّا بالنسبة لانتقال مرض السرطان من الأم لجنينها ففي هذه الحالة يُصيب هذا السرطان كلًّا من الأم والطفل.
- من الأم إلى الطفل: في الحقيقة لا يؤثر عادةً انتشار السرطان إلى المشيمة على الطفل، إذ تلعب المشيمة دوراً مُهمّا كحاجز يمنع وصول الخلايا السرطانيّة إلى الطفل، وبالرغم من ذلك هُناك العديد من أنواع السرطانات التي يُمكن أن تنتقل بشكلٍ شائع إلى الطفل؛ مثل: الأورام الليمفاويّة، وسرطان الخلايا الصبغيّة (بالإنجليزية: Melanoma)، وسرطان الدم.
- انتقال سرطان الدم من الطفل إلى أخيه التوأم: يُعد من الحالات النادرة، إلّا أنّه قد يحدث في بعض الأحيان انتقال للسرطان بين التوائم.
نصائح للوقاية من السرطان
يُمكن القول أنّه لا توجد طريقة مؤكدة يُمكن اتباعها للوقاية من الإصابة بالسرطان، ولكن هُناك العديد من الطرق التي يُمكن أن تُساعد في تقليل خطر الإصابة بالسرطان وذلك بحسب ما أجمع عليه العديد من الخبراء، ونذكر من أبرز هذه الطُرق ما يأتي:
- المُحافظة على وزن صحي: وذلك من خلال اتباع نظام غذائي صحيّ ومُمارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، ويُعد الحفاظ على الوزن من الأمور المُهمّة، إذ يُمكن أن يترتّب على زيادة الوزن أو السمنة زيادة خطر الإصابة بالسرطان.
- اتباع نظام غذائيّ صحيّ: بشكلٍ عام يُساعد اتباع نظام غذائي صحي على الحفاظ على صحة الجسم، وغالباً ما يتحقق ذلك بالإكثار من تناول الخضروات، والفواكه، والأطعمة التي تحتوي على البروتين الخالي من الدهون (بالإنجليزيّة: Lean proteins)، بالإضافة إلى تناول الحبوب الكاملة (بالإنجليزية: Whole grains).
- مُمارسة التمارين الرياضيّة بانتظام: إذ يُنصح بممُارسة التمارين الرياضيّة لمدة 30 دقيقة على الأقل في مُعظم أيام الأسبوع، وفي حال كان الشخص غير مُعتادٍ على ممارسة الرياضة بانتظام فيُمكن البدء بممارستها بشكلٍ تدريجيّ وببطء حتى 30 دقيقة، أو أكثر.
- الحصول على المطاعيم: كما ذكرنا سابقاً قد ترتبط الإصابة بمرض السرطان ببعض أنواع الفيروسات، والتي يُمكن الوقاية منها من خلال تلقيّ اللقاحات (بالإنجليزية: Vaccines) المُخصصة لذلك، وذلك بحسب ما يراه الطبيب مُناسبًا لحالة المريض.
- الإقلاع عن التدخين: يُعد التدخين سبباً في زيادة خطر الإصابة بالسرطان؛ ولا يقتصر الأمر على سرطان الرئة فحسب، بل قد يرتبط بأنواعٍ أخرى من السرطانات، لذا يُنصح بالابتعاد عن التدخين والإقلاع عنه في سبيل تقليل خطر الإصابة بالسرطانات في المُستقبل.
- تجنب التعرّض المُفرط لأشعة الشّمس: ويُمكن تحقيق ذلك باستخدام واقي شمس مناسب، والبقاء في الظلّ، وارتداء ملابس واقية، وبشكلٍ عامّ يُنصح بتجنّب أشعة الشمس نظرًا لكونها تُعد المصدر الرئيسي للأشعة فوق البنفسجية (بالإنجليزيّة: Ultraviolet Rays) الضارّة، إذ إنّ هذه الأشعة من شأنها زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد .