نقص النمو عند الأطفال
نقص النمو عند الأطفال
يُشير فشل النمو (بالإنجليزية: Failure to Thrive) أو ما يُعرف عامّة بنقص النمو عند الأطفال إلى الحالة التي يكون فيها وزن الطفل أو مُعدّل اكتساب وزنه أقل بكثير مُقارنةً بأطفال آخرين من نفس الجنس والفئة العمرية، ولا يُعدّ نقص النمو مرضًا أو اضطرابًا بحدّ ذاته فقد يكون مؤشرًا على احتمالية مُعاناة الطفل من نقص التغذية، فمعظم الأطفال ينمون بسرعة وتزداد أوزانهم خلال السنوات الأولى من حياتهم؛ إذ يزداد الوزن منذ الولادة وحتّى أربعة شهور بمعدل الضعف، ومع حلول العامّ الأول يصِل وزنه إلى ثلاثة أضعاف، وعليه يُمكن القول أنّ الطّفل يُعاني من نقص النمو إذا لم يتغيّر وزنه على هذا النّحو، وفي بعض الأحيان قد يبدأ النّمو بشكلٍ سليم لكنّه يتباطأ لاحقًا وقد يتأثر الطول أيضًا مع مرور الوقت، وعليه يُمكن القول أنّ تسجيل وزن الطفل وطوله خلال سنته الأولى مع كلّ زيارة للطبيب أمر في غاية الأهمية في سبيل التأكد من نمو الطفل بمعدلٍ ثابت من خلال مقارنة القراءات بالنّسب المئوية (بالإنجليزية: Percentiles) مع نتائج أطفال آخرين من نفس العمر والجنس، ويُشار إلى أنّ نقص النمو لدى الأطفال يشيع بمعدّلاتٍ أكبر في المناطق الريفية والحضرية ذات الوضع الاقتصاد المُتردّي، ويعتمد مدى انتشاره على تعريف نقص النمو المُعتمد والتركيبة السّكانية لشريحة الأطفال الخاضعة للدراسة، وقد أشار مقال نُشر عام 2004م في المجلة الدولية لعلم الأوبئة (بالإنجليزية: International Journal of Epidemiology) إلى أنّ انتشار نقص النمو تبعًا لتعريف الحالة المُستخدم في الدراسة يتراوح بين 1.3%-20.9%.
أسباب نقص النمو عند الأطفال
تُقسم مُسببات نقص النمو إلى عضوية طبيّة، وغير عضوية بيئية أو اجتماعية، ويُعزى نقص النمو في العديد من الأطفال إلى مجموعةٍ من العوامل البيولوجية، والبيئية، والنفسية الاجتماعية؛ نُبيّنها فيما يأتي:
- أسباب نقص النمو الطبية: ومنها ما يأتي:
- اضطرابات الكروموسومات (بالإنجليزية: Chromosome abnormalities)؛ مثل متلازمة تيرنر (بالإنجليزية: Turner Syndrome) ومتلازمة داون (بالإنجليزية: Down Syndrome).
- خلل عضوي في أحد أجهزة الأعضاء الأساسية.
- فقر الدم (بالإنجليزية: Anemia) أو أيّ من أمراض الدم الأخرى.
- تلف في الدماغ أو الجهاز العصبي المركزي، والذي قد يُسبّب صعوباتٍ في التغذية لدى الأطفال حديثي الولادة.
- مشاكل القلب أو الرئتين، والتي قد تؤثر في كيفية انتقال الأكسجين والعناصر الغذائية عبر الجسم.
- العدوى المزمنة.
- مُضاعفات الحمل، وانخفاض الوزن عند الولادة.
- الشلل الدماغي (بالإنجليزية: Cerebral Palsy).
- التهاب المعدة والأمعاء (بالإنجليزية: Gastroentiritis) والارتجاع المعدي المريئي (بالإنجليزية: Gastroesophageal Reflux)، ولكن عادةً ما تكون هذه الأسباب مؤقتة.
- عدم حصول الطفل على التغذية بشكلٍ جيد، والتي تترافق عادةً مع الحساسية المفرطة في الفم أو اعتلالات عصبية، أو قد تُعزى بعض الحالات إلى الإصابة بمتلازمة فلح الشفة والحنك (بالإنجليزية: Cleft Palate) التي تؤثر في قدرة الطفل على بلع الطعام.
- اضطرابات تمنع استفادة الطفل من المُغذيات التي يتناولها؛ مثل التليّف الكيسي (بالإنجليزية: Cyctic Fibrosis)، والداء البطني (بالإنجليزية: Celiac Disease)، وأمراض الكبد، وبعض أمراض الجهاز الهضمي الأخرى.
- ارتفاع معدّل الأيض، فقد يستهلك جسم بعض الأطفال سعراتٍ حراريةٍ بمعدلٍ أعلى من الآخرين، كحالات الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hyperthyroidism) الذي يزيد من معدل الأيض.
- أسباب نقص النمو غير العضوية: ونذكر من أبرزها ما يلي:
- العادات الغذائية السيئة؛ مثل عدم الالتزام بأوقات الوجبات الرئيسية أو تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز.
- التعرّض للعدوى أو الطُفيليات أو السموم.
- التغذية غير الصحيحة، ويتمثل ذلك بعدم حصول الطفل على كميّة كافية من الطعام أو تناول أطعمة غير صحيّة، فقد يشرب الطّفل الحليب الصناعي مع كميّةٍ كبيرةٍ أو قليلةٍ من الماء، أو قد يُعاني من مشاكل في الرضاعة الطبيعية، أو قد يشرب عصائر الفاكهة الغنية بالسّكر، وقد تُعزى هذه المشكلة في بعض الحالات إلى ضعف الشهية أو تفضيل الطفل أنواع مُحددة من الطعام دون غيرها.
- الضغط والتوتر، إذ يُعدّ التوتر عاملًا مألوفًا لنقص الوزن عند الأطفال؛ فاكتئاب الأم يؤثر في رغبتها تجاه إطعام طفلها، وقد يترتب على مُعاناة الأم من الاكتئاب استجابة الطفل لذلك بالانطوائية والانعزال وبالتالي يقلّ تناوله للطعام، ومن الأسباب الأخرى لنقص النمو توتر الأهل وقلقهم الدائم حول آلية التغذية وإجبار الطفل على تناول الطعام في بعض الحالات، ومن الجدير ذكره أنّ المشاكل الاقتصادية قد تؤثر في التغذية والظروف المعيشية للعائلة.
أعراض نقص النمو عند الأطفال
رغم الاختلاف الكبير في مفاهيم النمو الطبيعي وتغيّراته، إلّا أنّ هُناك إجماع على أنّ الأطفال وحديثي الولادة الذين يُعانون من نقص النمو يكونون أقصر أو أصغر حجمًا مُقارنةً بأقرانهم، وحول المُراهقين فإنّهم قد يتّسمون بقصر القامة أو عدم تطوّر التغيّرات الطبيعية التي تُصاحب مرحلة البلوغ (بالإنجليزية: Puberty)، ومن الجدير ذكره أنّ الأعراض المُصاحبة لنقص النمو تعتمد بشكلٍ أساسي على شدّة الحالة والأسباب المؤدية لها، وليس بالضرورة أن تظهر كافّة الاعراض معًا، لكن وبشكلٍ عامّ يُعتبر عدم نمو الطفل على النّحو الطبيعي مُقارنةً بالأطفال الآخرين هو العَرَض الأساسي لنقص النمو، وحول الأعراض الأخرى التي قد تُصاحب هذه الحالة ففيما يلي بيان لأبرزها:
- قراءات الطول والوزن ومحيط الرأس التي لا تتماشى مع مخططات النمو القياسية (بالإنجليزية: Standard Growth Charts).
- الوزن الذي يقل عن الرتبة المئوية 3-5.
- توقّف النمو أو تباطؤه بشكلٍ ملحوظ.
- عدم تطوّر المهارات الحركية كالوقوف والمشي.
- عدم تطور المهارات العقلية والاجتماعية بالشكل المطلوب.
- البكاء المُفرط.
- الإمساك .
- التهيّج وحدّة الطباع (بالإنجليزية: Irritability).
- النّعاس المفرط.
ولمعرفة المزيد عن أعراض نقص النمو عند الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: ( أعراض نقص النمو عند الأطفال ).
تشخيص نقص النمو عند الأطفال
يتمّ اكتشاف نقص النمو عند الأطفال وتشخيصه عادةً من قِبل طبيب الأطفال، حيث يقيس الطبيب وزن الطفل بانتظام ثم يبدأ بتقييمٍ كاملٍ للحالة إذا تبيّن تأخر نمو الطفل وتطوّره الوظيفي، ومن الضروري كذلك أن يُحدد الطبيب سبب نقص النّمو إن كان ناجمًا عن مشكلة صحيّة أو عاملًا بيئيًا؛ كالإهمال والاضطهاد، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الوزن والطول اللذان يُقاسان مع كلّ زيارة للطبيب يُعتبران مؤشرًا على حالة الطفل التغذوية، ولتشخيص نقص النمو يُقاس الطول لفترةٍ من الزمن بدلًا من أخذ قراءة واحدة فيما يُعرف بالنمو الخطي (بالإنجليزية: Linear Growth)، ويؤخذ بالاعتبار أنّ سوء التغذية لفترةٍ زمنيةٍ طويلة قد يؤثر في النمو الخطي للأطفال، وعليه إذا شخّص الطبيب نقص النمو فإنّه سيُطلع الأهل على الأعراض المُصاحبة للحالة، وسيُجري فحص سريري للطفل وويستفسر حول تاريخه الغذائي، ويتضمّن ذلك سؤال الأهل عن عادات طفلهم الغذائية أو أيّ مشاكل قد تحول دون قدرة الطفل على الحصول على الغذاء المُناسب، بالإضافة إلى أهمية الحصول على التاريخ المرضي للعائلة، وقد يتطلّب الأمر إخضاع الطّفل للمزيد من الفحوصات بهدف الوصول إلى التشخيص السليم والوقوف على أسبابه، بما يتضمّن إجراء فحوصات الدم والدراسات المخبرية التي تُحدّد بناءً على الأعراض التي يُعاني منها الطفل، والنتائج التي يُظهرها الفحص السريري، والاستجابة الأولية للعلاج، وقد يتطلّب الأمر في بعض الأحيان إدخال الطفل إلى المُستشفى وإبقائه تحت المُراقبة لتحديد أصل المشكلة والبدء بالعلاج الغذائي.
من الجدير ذكره عدم وجود فحوصات مخبرية مُحددة لتشخيص حالة نقص النمو يُمكن اعتمادها لجميع الأطفال؛ ذلك أنّ غالبية الأطفال الذين يُعانون من نقص النمو لا يملكون نتائج مخبرية غير طبيعية، إلّا أنّ التقييم المخبري يجب أن يُبنى فقط على نتائج الفحص السريري والتاريخ المرضي للطفل؛ فاتّسام بُراز الطفل بكونه برازًا دهنيًا (بالإنجليزية: Steatorrhea) يدفع الطبيب لطلب عينة بُراز من الطفل وإخضاعها للفحص المخبري، وقد يطلب الطبيب أيضًا فحص للعرق إذا اشتبه بالإصابة بالتليّف الكيسي، وفي الحالات التي لم تتحسّن فيها أعراض نقص النمو فيلجأ الطبيب في زياراتٍ لاحقة إلى إجراء المزيد من الفحوصات؛ مثل العد الدموي الشامل (بالإنجليزية: Complete Blood Count) وتحليل البول (بالإنجليزية: Urinalysis)، ومع استمرار نقص النمو رغم تناول الغذاء المُناسب، يدرس الطبيب احتمالية إصابة الطّفل بسوء الامتصاص (بالإنجليزية: Malabsorption) من خلال فحوصاتٍ عدّة؛ من بينها فحص البراز.
علاج نقص النمو عند الأطفال
يعتمد علاج نقص النمو على عمر الطفل، والأعراض التي يُعاني منها، وحالته الصحيّة العامّة، إضافةً إلى سبب نقص النمو ومدى شدّة الحالة، وفي هذا السياق يُشار إلى احتمالية ظهور حاجة لإخضاع الطّفل للمتابعة مع أكثر من مُختصّ ليتعاونوا جميعًا مع الأهل في معرفة سبب نقص النمو والتعامل مع الحالة؛ ويتضمّن ذلك الاستعانة بأخصائي تغذية، وأخصائي علاج طبيعي، وباحثين اجتماعي، وأخصائي علم الوراثة .
قد يحتاج الطفل تركيبة حليب مُختلفة أو تركيبة تحتوي على الفيتامينات المُضافة التي تُساعد على النّمو، وقد يحتاج كذلك تناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية؛ مثل الجبنة، وزبدة الفول السوداني، والحليب كامل الدسم، وفي حال عدم مقدرة الطفل على تناول الطعام فقد يلجأ الطبيب لأنبوب التغذية (بالإنجليزية: Feeding Tube) الذي يعبر من خلال فم الطفل أو أنفه إلى المعدة ليتمّ من خلاله إيصال التغذية لجسم الطفل إلى أن يُصبح قادرًا على تناول الطعام من جديد، أمّا إذا فشلت العلاجات السابقة أو في حال كانت حالة نقص النمو شديدة فقد يستدعي الأمر إدخال الطفل إلى المستشفى؛ فهذا من شأنه أن يُساعد مُقدّمي الرعاية الصحيّة في تحديد السّبب الدقيق الكامن وراء نقص النمو.
ولمعرفة المزيد عن علاج نقص النمو عند الأطفال يمكن قراءة المقال الآتي: ( علاج نقص النمو عند الأطفال ).