نقص الكولسترول
نقص الكولسترول
نقص الكوليسترول ، أو نقص الكوليسترول في الدم، أو انخفاض نسبة الكوليسترول في الدم، أو انخفاض الكوليسترول الضار، أو هبوط معدل الكوليسترول، جميعُها مصطلحات تُشير إلى انخفاض مستويات الكوليسترول الكلي (بالإنجليزية: Total Cholesterol)، أو الضار المعروف بالبروتين الدهنيّ منخفض الكثافة (بالإنجليزية: Low Density Lipoprotein) في الدم، مع الأخذ بالاعتبار أنّ الخبراء لم يتمكنوا حتّى الآن من الإجماع على تعريف معين يُوضح مفهوم الانخفاض الشديد في مستوى الكوليسترول الضار بدقة، ومن الجدير ذكره أنّ هذه الحالة تُعتبر نادرة الحدوث، وقد ترتبط بالإصابة بمشاكلٍ صحيةٍ مُعينة كما سيتمّ بيان ذلك لاحقًا في فقرة الأسباب، وما زال الأطباء يسعون إلى الكشف عن المزيد من المعلومات التي تُفيد في توضيح العلاقة بين انخفاض الكوليسترول والمخاطر الصحية.
أعراض نقص الكولسترول
إنّ انخفاض مستوى الكوليسترول في الدم يعني عدم حدوث تراكم للمواد الدهنية في الشرايين، ومن الجدير ذكره أنّ هذه الحالة لا تُسبّب ألم الصدر كما يعتقد العديد من الأفراد، ولكنّها قد تؤدي إلى مُعاناة الفرد من عدّة أعراض، والتي نذكر من أبرزها ما يأتي:
- القلق.
- الاكتئاب .
- العصبية الزائدة.
- الشعور باليأس.
- التشوّش والارتباك.
- التهيج.
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
- التغيرات المزاجية.
- اضطرابات أنماط النوم.
أسباب نقص الكولسترول
قد يُعزى حدوث نقص الكوليسترول في الدم إلى نوعين من المُسببات؛ الأولية والثانوية، بحيث تكون الأولية موروثة من الآباء ومرتبطة بجيناتٍ معينة، أمّا الثانوية فهي مُكتسبة بحيث تكون ناجمةً عن أمراضٍ مُعينة يُصاب بها الشخص لاحقًا في حياته، وبشكلٍ عامّ تُعتبر الأسباب المُكتسبة لحالة انخفاض كوليسترول الدم أكثر شيوعًا مقارنةً بالأسباب الموروثة، ومن الجدير ذكره أنّ العديد من المُسبّبات المُكتسبة أو الثانوية تستلزم الكشف المُبكر عنها وإجراء التدخلات العلاجية المُناسبة، إذ إنّ لذلك تأثير إيجابي في السّيطرة على حالة الشخص وتجنّب المضاعفات المُترتبة عليها.
نقص الكولسترول الثانوي
كما تمّت الإشارة سابقًا فإنّ حالة نقص الكوليسترول الثانوي تُعزى إلى مُسببات وأمراض مُكتسبة، والتي نذكر من أبرزها ما يأتي:
- اضطرابات الدم: إذ يرتبط انخفاض كوليسترول الدم بالعديد من أمراض الدم، رغم أنّ آلية حدوث ذلك ما تزال مجهولة وغير واضحة تمامًا، وقد وضع العلماء مُقترحاتٍ عدّة لتفسير ذلك؛ من بينها زيادة الحاجة إلى الكوليسترول، وانخفاض تركيز البلازما نتيجة فقر الدم، ومن اضطرابات الدم التي قد تكون مصحوبة بانخفاض كوليسترول الدم ما يأتي: الثلاسيميا (بالإنجليزية: Thalassemia) أو فقر الدم المنجليّ (بالإنجليزية: Sickle Cell Anemia)، ونقص إنزيم سُداسيّ فوسفات الجلوكوز النّازع للهيدروجين (بالإنجليزية: Glucose-6- phosphate dehydrogenase deficiency)، وكثرة الكريات الحمر الكروية (بالإنجليزية: Spherocytosis)، وفقر الدم اللاتنسجيّ (بالإنجليزية: Aplastic Anemia).
- فرط نشاط الغدة الدرقية: (بالإنجليزية: Hyperthyroidism)، إذ إنّ هذه الحالة من شأنها التسبّب بانخفاض كوليسترول الدم، نظرًا لامتلاك هرمون ثلاثي يود الثيرونين (بالإنجليزية: Triiodothyronine) المعروف ب(T3) دورًا أساسيًّا في تحفيز الكبد تجاه معالجة وإزالة كميات الكوليسترول الزائدة في الجسم، وبالتالي فإنّ زيادة مستوى هذا الهرمون تُحفّز هذه العمليات ويترتب عليها انخفاض مستويات الكوليسترول.
- نقص التغذية: إذ يحتاج جسم الإنسان كمياتٍ كافيةً من الطعام لإنتاج الكوليسترول، وبالتالي فإنّ الإصابة بحالة سوء التغذية من شأنها التسبّب بانخفاض مستويات الكوليسترول، وفي هذا السّياق يُشار إلى ضرورة اتباع نظام غذائي صحي غنيّ بالعناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم تجنًبًا للإصابة بالأمراض والاضطربات.
- سوء امتصاص الأمعاء: إذ قد تحول الإصابة بهذه الحالة دون قدرة الجسم على الحصول على العناصر الغذائية الضرورية التي يحتاجها حتّى وإن كان الشخص يتناول كمياتٍ كافيةٍ منها، وقد يترتب على ذلك حدوث مُضاعفاتٍ عدّة؛ من بينها نقص كوليسترول الدم، وتجدر الإشارة إلى أنّ حالة سوء الامتصاص قد ترتبط بالإصابة بالعديد من الحالات المرضية؛ ومنها: الداء الزلاقي أو مرض السيلياك (*) (بالإنجليزيّة: Celiac disease)، وداء كرون (*) (بالإنجليزية: Crohn's disease)، والتهاب البنكرياس المزمن (بالإنجليزية: Chronic pancreatitis)، والتليّف الكيسي (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis).
- العدوى المزمنة: فقد يترتب على الإصابة بالعدوى حدوث تغيّراتٍ ذات تأثير في أيض الدهون ومكونات البروتينات الدهنية، بما في ذلك انخفاض مستويات كلٍّ من البروتين الدهنيّ منخفض الكثافة ومرتفع الكثافة.
- أمراض الكبد المزمنة: ويُلاحظ ذلك في حالات الإصابة بالقصور الكبدي المزمن الشديد، ويُعزى ذلك إلى أنّ الخلايا الكبدية تُمثل أكثر المواقع النشِطة لحدوث أيض الدهون، وبالتالي فإنّ تأثر قدرتها على أداء وظائفها ينعكس على إنتاجها للدهون والكوليسترول.
- الأورام والسرطانات: إذ استطاعت بعض الأبحاث التوصّل إلى وجود علاقةٍ عكسية بين تطوّر الأورام والسّرطانات وبين مستويات الكوليسترول في البلازما، وتوصّلت دراسات عدّة إلى أنّ الإصابة ببعض أنواع السرطانات الخبيثة من شأنه التسبّب بارتفاع نشاط مستقبلات البروتين الدهنيّ منخفض الكثافة، ويترتب على ذلك تحفيز الخلايا السّرطانية لإدخال هذا النّوع من البروتينات الدهنية إلى داخل الخلايا وتحطيمه، كما يحدث في حالات الإصابة بابيضاض الدم أو اللوكيميا (بالإنجليزية: Leukemia) وغيرها من حالات السّرطانات، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ مستقبلات البروتين الدهنيّ منخفض الكثافة تكون موجودة على الجدار الخلوي الخاصّ بخلايا الكبد إضافةً إلى خلايا أخرى من الجسم، وعبرها يتمكّن الكوليسترول من الدخول إلى داخل الخلايا، وبمجرد ارتباط البروتين الدهنيّ منخفض الكثافة مع مستقبلاته الموجودة على الخلايا الكبدية فإنّ ذلك يتسبّب بتحرير محتواه من الكوليسترول.
نقص الكولسترول الأولي
يتسبّب وجود طفرات جينية مُعينة؛ والتي قد تكون طفرة واحدة أو عدّة طفرات بحدوث انخفاضٍ في إنتاج البروتين الدهنيّ منخفض الكثافة أو زيادة سرعة عمليات التخلّص منه، وفي الحقيقة يحدث ذلك من خلال اضطرابات رئيسية ثلاثة، نُبينها فيما يأتي:
- فقد البروتين الشحمي بيتا من الدم: (بالإنجليزية: Abetalipoproteinemia)، ويُعتبر أحد الاضطرابات الوراثية نادرة الحدوث، والتي يُعزى حدوثها إلى وجود طفرات في جين البروتين الصبغي ناقل الشحوم (بالإنجليزية: Microsomal triglyceride transfer protein) المعروف اختصارًا بجين (MTTP)، والذي يكون مسؤولًا عن إعطاء الجسم التعليمات التي يحتاجها لتصنيع البروتينات اللازمة لتشكيل البروتينات الدهنية من النوع (بيتا)، ويترتب على وجود هذه الطفرات انخفاض مستويات البروتينات الدهنية من النوع (بيتا)، ممّا يؤدي إلى ضعفٍ في قدرة الجسم الطبيعية على امتصاص ونقل كلٍّ من الدهون وبعض الفيتامينات من النظام الغذائي ، ممّا يؤدي إلى انخفاض شديد في مستويات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون؛ أيّ فيتامين (أ) و(ك) و(هـ)، وبالتالي مُعاناة الفرد من مجموعةٍ من العلامات والأعراض، وغالبًا ما تظهر العلامات والأعراض الأولية لهذه الحالة في مرحلة الرضاعة، وتؤثر في العديد من أجزاء الجسم؛ تحديدًا الجهاز الهضمي، والجهاز العصبي ، والعيون، والدم، وتتضمّن الأعراض: فشل القدرة على اكتساب الوزن، وفشل النمو بحيث يكون معدّل نمو الطفل أقلّ من المتوقع، إضافةً إلى المُعاناة من أعراض أخرى؛ كالإسهال.
- نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي: (بالإنجليزية: Familial hypobetalipoproteinemia)، ويُعتبر أيضًا أحد الاضطرابات الوراثية نادرة الحدوث، ويُعزى حدوثه إلى طفرة في البروتين المعروف بصميم البروتين الشحمي من النوع "ب" (بالإنجليزية: Apolipoprotein B)، ومن الجدير ذكره أنّ هذا البروتين يرتبط بجزيئات البروتين الدهني منخفض الكثافة ويلعب دورًا في نقل الكوليسترول إلى خلايا الجسم، وتؤدي الإصابة بحالة نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي إلى مُعاناة الفرد من مجموعةٍ من الاضطرابات التي تتراوح درجتها بين الخفيفة إلى الشديدة؛ والتي قد تتضمّن انخفاضًا في مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة، وسوء امتصاص الدهون في الجسم، وأمراض الكبد، وانخفاضًا في مستوى الفيتامينات، ويترتب على ذلك الحاجة لاتباع نظام غذائي خاص واستخدام المكملات الغذائية التي يوصي بها الطبيب في سبيل السّيطرة على الأعراض التي يُعاني منها المُصاب.
- مرض احتباس الكيلومكرونات: (بالإنجليزية: Chylomicron retention disease)، والذي يُعرف أيضًا بداء آندرسن (بالإنجليزية: Andersen's Disease)، ويؤثر هذا الاضطراب الجيني في قدرة الجسم على امتصاص بعض الفيتامينات الذائبة في الدهون، والكوليسترول، والدهون الموجودة في النظام الغذائي، ومن الجدير ذكره أنّ أعراض هذه الحالة تكون مماثلة بدرجةٍ كبيرةٍ لأعراض الإصابة بحالة فقد البروتين الشحمي بيتا من الدم، كما أنّها تظهر في مرحلة الرضاعة.
تشخيص نقص الكولسترول
في الحقيقة، تكون الإصابة بنقص الكوليسترول غير مصحوبةٍ بأيّ أعراض في معظم الحالات، وغالبًا ما يتمّ الكشف عنها بالصّدفة عند إجراء فحوصات الدهون الروتينية، وتستلزم الطريقة الأساسية لإجراء فحص مستويات كوليسترول الدم الصيام لمدةٍ تتراوح بين 9-12 ساعة قبل إجراء الفحص، بحيث يمتنع الشخص خلالها عن تناول أو شرب أيّ أطعمة وسوائل باستثناء الماء، وبعد انقضاء المدة المذكورة يقوم المختصّ بأخذ عينة من دم الأوعية الدموية الموجودة في الذراع، ومن ثمّ إرسالها إلى المختبر ليتمّ إجراء الفحوصات اللازمة، ومن الجدير ذكره أنّ هذا الإجراء يُعتبر غير مؤلمٍ بشكلٍ عام، ويستغرق عدّة دقائق لإتمامه، وعادةً ما يُجرى بشكلٍ مُتكرر للبالغين لأهدافٍ عدّة من بينها الاطمئان على صحّتهم العامة، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ تشخيص الاضطرابات الجينية أو النادرة يُعتبر أمرًا ليس سهلًا، ويستلزم القيام بإجراءاتٍ عدّة، إذ يقوم الطبيب المُختصّ خلال ذلك بأخذ السيرة الطبية للشخص، والكشف عن الأعراض التي يُعاني منها، إضافةً إلى إخضاعه للفحص الجسدي والفحوصات اللازمة التي تُفيد في ذلك.
علاج نقص الكولسترول
يعتمد علاج حالة نقص الكوليسترول على النّوع والمُسببات، ففي حالات نقص الكوليسترول الثانوي فإنّ علاج الحالة يتمّ بعلاج المُسبّب الرئيسي الذي أدّى إلى حدوثها وتطوّرها، ومن الجدير ذكره أنّ علاج نقص الكوليسترول الأولي لا يُعتبر ضروريًا في أغلب الأحيان، ولا يُجرى أيّ تدخل طبي في العديد منها، إلّا أنّ بعض الحالات تستدعي الالتزام بنظام غذائي صارم واستخدام جرعاتٍ مرتفعة من فيتامين (هـ) ومكمّلات الدهون والفيتاميتات الذائبة في الدهون، كحالات المرضى الذين يملِكون طفراتٍ جينية مُعينة؛ ومن ذلك فقد البروتين الشحمي بيتا من الدم ونقص البروتين الشحمي بيتا العائلي، وقد يتم وصف بعض الأدوية للسّيطرة على أعراض مُعينة؛ كالإسهال، ولعلاج مسبّب حالة سوء الامتصاص.
الهوامش: (*) مرض السيلياك: حالة تتمثّل بالاستجابة المناعية للجسم في الأمعاء الدقيقة نتيجة تناوُل الغلوتين؛ وهو البروتين الموجود في القمح والشعير، حيثُ تؤدّي هذه الاستجابة إلى تلف بطانة الأمعاء الدقيقة بمرور الوقت وتمنعها من امتصاص بعض العناصر المغذية، وقد تظهر العديد من الأعراض كالإسهال والتعب وفقدان الوزن والانتفاخ وفقر الدم، ويُمكن أن تؤدِّي أيضًا إلى مضاعفات خطِرة، وقد تؤثّر على النمو والتطوُّر لدى الأطفال، ويُمكن أن يُساعِد اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين في علاج الأعراض وتعزيز الشفاء المعوي.
(*) داء كرون: هو التهاب قد يصيب مناطق مختلفة من الجهاز الهضمي يمكن أن يؤدي إلى ألم في البطن، وإسهال شديد، وشعور بالتعب، وفقدان الوزن وسوء التغذية.
فيديو عن التحاليل المخبرية لنقص الكولسترول
للتعرف أكثر على ما يتعلق بالتحاليل للأشخاص الذين لديهم نقص الكوليسترول.