نظرية المعرفة عند أفلاطون وأرسطو
نظرية المعرفة عند أفلاطون وأرسطو
اهتم فلاسفة اليونان اهتماماً كبيراً بالمعرفة؛ فقد طور أفلاطون نظرية الفلسفة، ورأى أن المعرفة فطرية غير مكتسبة، فقد نشأت منذ الولادة وهي مجرد ذكريات، وإن تعلم معارف جديدة؛ فهي اكتشاف للأفكار، والتخيلات المدفونة في أعماق النفس.
وأن الروح كانت موجودة من قبل، ويتم استرجاع الأفكار عند تعلمها معرفة جديدة؛ لأنها موجودة في الأصل داخل النفس البشرية، بينما كان لتلميذه أرسطو رأياً مغايراً تمامًا؛ بأنها وليدة الإدراك الحسي والتجريد العقلي، وتبدأ من الحيرة والرغبة في فهم الإنسان، عن ما يدور حوله.
المعرفة عند أفلاطون
النظرية الأفلاطونية هي عبارة عن الذكريات، فالمعرفة تُكتسب بالحراك إليها، ومرهونة باكتشاف المرء لها واسترجاعها، وأشار أفلاطون على الاختلاف بين المعرفة والرأي الصحيح؛ فالمعرفة هي شيء مؤكد، بينما الرأي هو مجرد احتمال غير مؤكد، فنتوصل إلى معرفة المثل ونكتشفها في النفس بالتفكير بالعقل لإعطاء صورة صحيحة.
وإذا تمكنا من استخراج معرفة لم يلقنها لنا أحدهم من قبل؛ فبالتأكيد كنا قد اكتسبناها في حياة سابقة، ويصنف أنواع المعرفة في العلوم المختلفة على أساس تفرقته الميتافزيقيا ؛ وإلى أنه يوجد عالمين: المحسوس ويسميها الظن، وعالم المثل اللامرئي، والمعقول يسميها يقينيه أو العلم والتعقل.
أنواع المعرفة عند أفلاطون
وهي كما يأتي:
- الإحساس
وهو إدراك عوارض الأجسام أو أشباحها.
- الظن
هو نعمة إلهية؛ وليست اكتساباً عقلياً، وإنما بمثابة قلق في النفس يدفعها إلى طلب العلم.
- الاستدلال
يتبع منهج الرياضيين في حل المشاكل؛ بالإيجاب أو السلب.
- التعقل
هو إدراك الماهيات المجردة من كل مادة، وتعتبر أسمى درجات المعرفة.
أنماط الاستعارة في كتابهِ الجمهورية
ويمكن تلخيصها بما يأتي:
- استعارة الشمس بالخير
استخدم أفلاطون الشمس في كتابهِ " الجمهورية " كاستعارة؛ على أنها ضوء المعرفة ونموذج الخير، فشبه الشمس وحاجة العين لها؛ لترى لأنها مصدر الضوء الأقوى وتمكننا من مشاهدة الأشياء بوضوح عالٍ، كالخير فهو مهم لرؤية وفهم أي شيء آخر؛ لنصل إلى المعرفة والحقيقة، وإن فهم الأشياء والتفاصيل بدون توضيح يؤدي للفشل حتمًا، وكل ذلك يسمى بعالم أفلاطون للأشكال.
- رمزية الكهف
قارن بها بين أثر العلم وعدمه على الطبيعة البشرية، فشبه سقراط بالحوار أن مجموعة أشخاص عاشوا حياتهم مقيدين أمام جدار فارغ، يشاهدوا عليه الظلال نتيجة اسقاطها على الجدار عند مرورها أمام النار، لكن هي ظلال أجسادهم وحقيقتهم.
- الخط المقسم
كتب أفلاطون النظرية على شكل حوار بين سقراط وجلاكون؛ بتخيل هذا الخط المستقيم على أنه غير متساوٍ بل مقسم إلى أربع أقسام؛ وكل قسم منها يمثل جزءاً من النفس.
- أسطورة العجلة
يتمثل الشكل المجازي هنا بسائق عربة يجرها حصانان؛ فشبه الأسود بالعواطف، والأبيض بالطبيعة سريعة الغضب، وشبه العجلة بالعقل، وبالتالي نلخصها بالحاجة إلى ترويض الطبيعة العاطفية للفرد؛ للتمكن من والوصول والحصول على المعرفة الحقيقية.
المعرفة عند أرسطو
إن النظرية الأرسطية تُعنى بالجانب العقلي أكثر منها بالحسي، حيث افترض أن هذا العالم هو عالم الوجود الحقيقي، ورأى أن المعرفة هي معرفة الأشياء الثابتة، وصور الأشياء المحسوسة؛ حيث قسم أنواع المعرفة إلى المعرفة التي تنتج الخبرات، والتي نستخدمها والتي تكمن فيها الأحكام الصحيحة، باستخدام الخير وغيرها من المعارف.
واعتبر الإدراك الحسي أنه مجرد انفعال وشيء متغير، وفعال في إدراك الواقع، وليس استعادة أفكار وذكريات، كما اعتبر التأمل قوة فعالة حقيقية، وقد كان أرسطو أكثر العلماء تعمقًا في أساس المعرفة؛ وأسس معظم العلوم المعروفة مثل: "المنطق وعلم النفس وعلم الأخلاق وعلم السياسة".
وضع أرسطو أساس علم المنطق الذي ارتبط باسمه، والإدراك الحسي هو أول خطوات المعرفة؛ حيث بتكراره تتولد الذاكرة ثم الخبرة، واعتقد بأن البشر يولدون كاللوح الفارغ ويتعلمون من خلال التجربة.
بالإضافة إلى أن أرسطو جمع أنواع النباتات والحيوانات، وصنفها بناءً على خصائصها، وخلق تسلسلاً هرمياً للأشياء الحية، وبالإشارة إلى أنه لا يكفي تصنيف الأشياء حسب خصائصها المادية؛ فقد درس أرسطو طبيعة الحواس والأسباب الأربعة، وهي:
- السبب الجوهري "المادي": من ماذا صُنعت؟
- السبب الرسمي: ترتيب أو شكل المجسم؟
- السبب الفعال: كيف تم جلبها؟
- السبب النهائي: ما الهدف منها؟