نظرية ابن خلدون
النظرية الاجتماعيّة
تتحدث نظرية ابن خلدون الاجتماعيّة عن الاحتياجات الإنسانيّة المستمدة من طبيعة الإنسان؛ حيث يحتاج الإنسان إلى الطّعام والشّراب، والملابس، والمأوى، ويمكن تسمية هذه الاحتياجات بالأساسيّة أو الأوليّة، وتؤدي الرغبة في تلبية هذه الاحتياجات إلى دفع الشّخص لاستخدام معرفته وتفكيره بشكل أوسع، مؤدّيةً بدورها إلى نشوء احتياجات ثانويّة، ثم تأتي مرحلة عملية التحضّر، التي يبحث فيها الإنسان عن الكماليات، لذا يجب عليه أن يكون أكثر ذكاءً، ونتيجة لذلك تطوّرت الحضارات، كما تجدر الإشارة إلى أنّ ابن خلدون لم يعني أبداً أنّ الحضارة تقوم على الاحتياجات المادّيّة فقط، كما تحدّث ابن خلدون عن طبيعة الإنتاج وضرورة التّعاون بين أفراد المجتمع؛ لتلبية احتياجات الإنتاج، وبيّن أنّ الإنسان يتكون من جزأين هما: الجزء الجسديّ، والجزء الرّوحي المندمج مع الجزء الجسديّ، ولكل منهما تصوّراته الخاصّة، لكنّ الجزء المدرِك في كلتا الحالتين هو الجزء الرّوحي.
النظرية الاقتصاديّة
تناول ابن خلدون في نظريته الاقتصاديّة تحليلاً منهجياً لآلية عمل الاقتصاد ، وأهميّة التكنولوجيا، والاختصاصية، والتجارة الخارجية في الفائض الاقتصادي، ودور الحكومة وسياساتها المستقرة في تحقيق زيادة الإنتاج والتوظيف، كما بيّن ابن خلدون مشكلة الضرائب المثلى، والخدمات الحكومية الدنيا، والإطار المؤسّسي للاقتصاد، والحوافز، والقانون، والنظام، والتوقّعات، والإنتاج، ونظرية القيمة، وأصبح ابن خلدون أول اقتصاديّ يقدّم تفسيراً بيولوجياً لتقدّم وتخلّف الأمم، باستخدام لغة الفائض الاقتصادي، كما تمتلك نظريّة ابن خلدون القدرة العمليّة والنظريّة لشرح عواقب السياسات الحكوميّة على الإنتاج، والتّجارة، والاستثمار، والاختصاصية، بالإضافة إلى التنبؤ باستمراريّة الدّولة نفسها.
نظرية الدولة
يجب توضيح دور الدّولة، وطبيعتها من أجل رفاه المجتمع؛ لأنّها تقدّم وظائف مهمّة في الحياة الاجتماعيّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة للأمم؛ لذلك وضع ابن خلدون نظرية الدولة، التي تُفيد بأنّ دور الدّولة هو تطبيق القانون والنظام المهم لأي مجتمع متحضّر ليتمكن من المشاركة في التّجارة والإنتاج، ويعد تطبيق كل من: حقوق الملكية، وحماية طرق التجارة، والحفاظ على الأمن، من الأمور المهمّة أيضاً، كما أنّ الفائض الاقتصادي سيزداد عندما تكون هناك سياسات حكوميّة تؤيّد الأنشطة الاقتصاديّة، ويجب على الحكومة أخذ الحد الأدنى من هذا الفائض، عن طريق جمع الضرائب، لتوفير الحد الأدنى من الخدمات والأعمال العامة الضرورية، وبالنسبة لابن خلدون يمكن تحقيق الضرائب المثلى إذا تمكّنت الحكومة من عدم تقليل عملية الإنتاج والتجارة بسبب فرض الضرائب.
النظريّة العصبيّة
قدّم ابن خلدون نظرية "العصبية"، والتي اعتبرها أحد العناصر الحاسمة التي تؤثر على تقدّم، أو تخلف مجموعة من الأشخاص، أو المجتمعات، وتُبنى "العصبية" على رابطة الدم، أو على وجود أو تقاسم الأفراد لمجموعة من المصالح المشتركة، والتي تزّودهم بالقوة للبقاء معاً، والوقوف ضد مجموعات أخرى تُهدد بإضعاف هذه الرابطة، كما أبدى ابن خلدون رأيه في كيفية تخليص بعض العناصر الإضافية، مثل الروح الدينية، أعضاء المجموعة من الغيرة، وجعلها أقوى، وبمجرد وصول المجموعة لأفضل حالاتها، وتمكّن أفرادها من العيش براحة ورفاهية، فإنّ شعور "العصبية" يبدأ بالضعف والتراجع لديهم، ممّا يسبّب تخلّف المجموعة، وعلى الرغم من عدم مرور جميع المجتمعات بنفس هذا التسلسل، إلّا أنّ الرفاهية الزائدة تجلب التخلف للمجموعة، لتُستبدل بمجموعة أخرى تمتلك عصبيّة أكبر.