نص إنشائي عن التعاون (لطلاب الإعدادي)
المقدمة: التعاون خلق نبيل
يعد التعاون من أنبل الأخلاق وأحسنها التي ينبغي أن يتحلى بها الأفراد والمجتمعات على حد سواء، فلا يمكن أن يستغني كل من الأفراد أو المجتمعات عن بعضهم بعضًا، فكلهم قائمون ببعضهم لا بذواتهم فيكتملون معًا، وبالتعاون يرقى صاحبه في درجات الإنسانية، وكسوه الحلة البهية، ومما لا يمكن الاختلاف عليه أن هذا الخلق سبب في نهضة المجتمعات وعلو شأنها إذا ما تعاون أفردها، وتآزرت مؤسساتها، وقد أمرنا الحق تبارك وتعالى بالتحلي بهذا الخلق فقال: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى".
العرض: التعاون فرصة لتبادل الخبرات
يعتبر التعاون من الصفات الحميدة التي يتحلى بها الفرد وهي صفةٌ سهلٌ كسبها، يسير تطبيقها، ينبغي تعليمها للأطفال منذ صغرهم، والامتثال بها للكبار في كل أحوالهم، وقد خلق الله الإنسان اجتماعيًا بطبعه يكره الوحدة ووحشتها، ويحب الجماعة ويستأنس بها، مما يلزمه أن يشارك الآخرين ويساندهم، يساعدهم ويعاضدهم، يكمل نقصهم، ويجبر كسرهم وكل ذلك لا يتأتى إلا بالتعاون وإيّاهم لا باعتزالهم، فيسند كل منهم ظهره بظهر أخيه، ويلصق كتفه بكتف أخيه، فيتجلّى لنا مجتمعًا متماسكًا يصعب اختراقه أو كسر شوكته، ولو اكتفى كل فرد بذاته دون التعاون فيما بينهم لهدمت روابط الإخوة بينهم، لحصدنا مجتمعًا هشًّا ضعيفًا يسهل اختراقه، وكسر شوكته.
يؤثر التعاون على المجتمع إذ تظهر أهمية التعاون من خلال توثيق الروابط الاجتماعية بين الأفراد، فعندما يساند الجارُ جارَه والمديُر موظفَه تتوثق عرى المحبة بينهم وتزيد، كذلك ويكمن أهميته في إنجاز أكبر قدر ممكن من الأهداف في أقل وقت وجهد، فلو امتثلت المؤسسات التي بداخل المجتمع بهذا الخلق لرأينا حجم الإنجاز الكبير الذي تحققه في وقت قليل وجهد يسير، كذلك ويساهم التعاون في زرع الثقة في قلوب الناس، وصناعة الشخصية القوية التي تحمل أخلاقًا تساهم في بناء المجتمع، فبعض الناس يعاني من ضعف الثقة بالنفس وضعف في الشخصية لكن من خلال التعاون نجبرهم على مشاركة الآخرين ممن يتميزون بقوة في الشخصية وثقة النفس، فيتبادلون معهم الخبرات والمعارف مما يزيد من ثقتهم بأنفسهم فيساهمون في بناء مجتمعهم.
ومما لا شك فيه أن خلْق فرص لتبادل الخبرات والمعارف هي من الأهمية بمكان لخلق التعاون، ويظهر ذلك في أمثلة عدة منها: ما يقوم به الطالب المجتهد بتقديم يد المساعدة لزميله فيعاونه في دروسه مما يسهم في ارتفاع تحصيله الدراسي نتيجة الخبرات التي أخذها من زميله، كذلك ما يقوم به المدير في مؤسسته مع موظفيه فيعاونهم بهدف تبادل الخبرات فيما بينهم فتنشأ مؤسسة بناءة في المجتمع، كذلك ما تقوم به المؤسسات داخل المجتمع الواحد بتقديم يد المساعدة لبعضها بعضًا فيقوّم كل منهم الآخر من خلال المشاركة والمعاونة فيما بينهم، فيزدهر المجتمع وينمو كما تنمو النبتة عند سقائها، فالتعاون هو ماء المجتمع فإن سُقي بالماء نما وترعرع، وإن لم يُسق به مات واضمحلّ.
ويجدر الإشارة إلى نوع مذموم من أنواع التعاون وهو التعاون على الإثم والعدوان وقد حذرنا منه الحق تبارك وتعالى في القرآن لما يترتب عليه من الآثار السلبية على الأفراد والمجتمعات فقال: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ ويكمن خطورة هذا النوع في أنه عنصر هدم في المجتمع لا عنصر بناء؛ لأن قيام بعض الأفراد أو المؤسسات في التعاون فيما بينهم على الشر ونشر الفساد في المجتمع نتيجة ضعف الوازع الديني والاجتماعي هو سبب كفيل لتشتت أفراده، وهدم قيمه، واستنزاف مقدراته من أعدائه، فيحرص الفرد على مقاومة مثل هذا الشكل، كذلك يحرص على توعية الآخرين بعدم الانغماس أو الانخراط فيه، حتى لا يجعل من مجتمعه لقمةً سائغة في حلق أعدائه.
ولا يخفى على ذي بصيرة أن الدين الإسلامي حثنا على التعاون ، هذا الخلق الفضيل الذي كان له أثر كبير في رفع راية الأمة ووصولها للقمة، وقد ذكر لنا النبيّ صلى الله عليه وسلم ملمحًا في حديثه عن هذا الخلق فقال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة"
فبين لنا ثواب من سار في حاجة أخيه معاونًا له قضى الله حاجته في الدنيا والآخرة وما ذلك كله إلا لتوثيق عرى الأخوة والألفة بين الناس جميعا.
وقد خلّد التاريخ الكثير من المواقف التي عاون فيها القائد جنده فظهروا كمظهر الجسد الواحد وذلك لما عاون النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في حفر الخندق فتعب أشد من تعبهم، وجاع أشد من جوعهم حتى أيده الله عز وجل بالنصر من عنده، كذلك وقد عاونهم أيضًا في بناء المسجد، كذلك ظهر لنا في التاريخ ذلك التعاون العظيم الذي كان بين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وبين سعد بن الربيع رضي الله عنه لما آخى النبي بينهما، فأراد سعد أن يتقاسم مع عبد الرحمن ماله وزوجه ويعاونه بما يملك ويبادله الخبرات، وقد أصرّ عبد الرحمن على أن ينزل السوق فربح الربح العظيم.
الخاتمة: التعاون صور مختلفة لمجتمع متماسك
في حقيقة الأمر خلق التعاون مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بضمير الفرد، بمعنى أنه إن صح ضميره زاد تعاونه ومساعدته للناس، وإن مات ضميره لم يبال بالآخرين ولا بحاجتهم، بل وقد يعتزلهم؛ لذلك قيام المجتمعات أو انحدارها مربوطٌ بخيطٍ خفي بالفرد وما يصدر منه، فإن عاون غيره، وساهم في حاجة من أتاه، نهض المجتمع وتكلّل بحضارة عظيمة، وإن اعتزل الآخرين، تهاوى في الانحدار والانحطاط ؛ لذلك نحرص أن نبني مجتمعًا متماسكًا، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى.
قد تفيدك قراءة مقال مشابه، ننصحك بمقال: موضوع تعبير عن التعاون .