نشأة علم التجويد
نشأة علم التجويد
إنّ أول من استعمل هذا اللفظ في معنى قريبٍ من معانيه؛ هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ، الذي كان يرشد المسلمين بقوله: "جوّدوا القرآن وزيّنوه بأحسن الأصوات"، وكان يتقن تلاوة وتجويد القرآن الكريم لا سميا وأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبكي عندما يسمع ابن مسعود يرتل القرآن ويجوّده، من هنا يظهر أن علم التجويد بدأ ينشأ تلبية لنداء عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- ومحاولة لوضع أصول وضوابط وقواعد التلاوة تتبعا لأثره؛ الأمر الذي جعل كل مصنّف للتجويد يحتوي على قواعد التلاوة.
وبداية التجويد العمليّة ونشأته مرتبطةٌ بنزول القرآن الكريم على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في قوله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، هذه الآيات تلاها جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- مجوَّدةً، فحفظها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على تلك الطريقة التي سمعها بها ووعاها وأدّاها كما تلقاها، ويلزم من ذلك أنّ جبريل -عليه السلام- كان يتلو القرآن على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على مُكثٍ وتمهُّلٍ، ويحتمل أنّه قام بإيضاح حروفه وحركاته، وإعطاء كلّ حرفٍ منه حقَّه ومستحقه في النطق والصفات وغيرها.
تعريف علم التجويد
التجويد لغةً مصدرٌ من جود تجويدًا، وهو التحسين، إذا أتى بالتلاوة مجوَّدة الألفاظ، خاليةً من الاعتداء على النطق بها، ونعني به: بلوغ الغاية في إتقانه وفي تحسينه، والتجويد اصطلاحًا: هو إعطاء الحروف حقّها من الصفات اللازمة والعرضيّة، ومستحقّها مع بلوغ الغاية والنهاية في إتقانها وتحسينها وخلوها من خلل الزيادة والنقص، ويمكن تعريف علم التجويد بأنّه: علم يضبط قواعد وأحكام طريقة النطق بالكلمات والألفاظ القرآنية على الكيفية التي أنزل بها على الرسول -صلى الله عليه وسلم-. [1]
موضوع علم التجويد
ويبحث علم التجويد في ألفاظ و كلمات القرآن الكريم من حيث النطق بها، والعناية باللسان وصيانته من عيوب النطق.
فائدة علم التجويد
حماية وصيانة اللسان من الخطأ واللحن في القرآن الكريم.
واضع علم التجويد
من جانب الرواية والتطبيق، هو: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمّا من الجانب العلمي النظري ووضع القواعد فقيل: هو أبو الأسود الدؤلي ، وقيل: أبو عبيد القاسم بن سلام، وقيل: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيلت أسماءٌ أخرى لغيرهم من الأئمة.
مصادره
تُأخذ أدلته وبراهينه من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة المتواترة عن علماء القراءات المتصلة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويدلّ على ذلك ما رواه يعلى بن مملك: أنّه سأل أم سلمة -رضي الله عنها- عن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجابته: ما لكم وصلاته؛ ثمّ تصف تلاوته، فإذا هي تصف تلاوةً مفسَّرةً متقنةً؛ كأنّه يقرأ كلَّ حرفٍ على حدة.
حكمه الشرعي
وأما عن حكم تعلّم التجويد نظريًّا؛ فتعلمه فرض كفايةٍ ، ولو تعلّمه طائفةٌ من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، أمّا العمل به وتطبيقه؛ ففرض عينٍ على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ يقرأ القرآن أو شيئًا منه، ويتأكّد الأمر في الصلاة وغيرها؛ بأمر الله -تعالى-، والأمر يفيد الوجوب، والوجوب هو ما يُثاب فاعله ويعاقب تاركه.
فضل علم التجويد
ويستمدّ فضله من فضل ما اتّصل وتعلق به؛ فهو من أشرف العلوم الشرعيّة مكانةً ومنزلةً؛ لاتصاله بأشرف كتابٍ نزل من عند الله -تعالى-.
أشهر المصنفات في علم التجويد
المصنفات والمؤلفات التي أُلفت في علم التجويد كثيرةٌ، ومن أهمها ما يأتي:
- رائيّة أبي مزاحم الخاقاني 325هـ، وهو أوّل وأقدم من صنّف في علم التجويد، وهي أوّل ما نُظِّم في هذا العلم، في نهاية القرن الثالث الهجريّ.
- نونيّة علم الدين السخاوي 643هـ، والمسمّاة: عمدة المفيد وعدة المجيد في معرفة التجويد.
- الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، لأبي محمد مكيّ بن أبي طالب القيسي القيرواني ثمّ القرطبي 437هـ.
- التحديد في الإتقان والتجويد لأبي عمرو الداني 444هـ.
- الموضح في التجويد لعبد الوهاب بن محمد القرطبي 461هـ.
- التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذانيّ العطار 569هـ.
- التمهيد في علم التجويد، لإمام الحفاظ محمد بن محمد ابن محمد بن الجزريّ الشافعيّ 833هـ.
- المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه، وتعرف بالمقدمة الجزريّة .
- نهاية القول المفيد في علم التجويد: لمحمد مكي نصر.
- أحكام قراءة القرآن الكريم: لمحمود خليل الحصري 1401هـ.
- حقّ التلاوة: لحسني شيخ عثمان.
- هداية القارئ في تجويد كلام الباري: للشيخ السيد عجمي المرصفي 1408هـ.
- تنقيح الوسيط في علم التجويد: للدكتور محمد خالد منصور.