أبيات قيس في ليلى
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت
- وأهوى لنفسي أن تهب جنوب
فويلي على العذال ما يتركونني
- بِغمِّي، أما في العَاذِلِين لبِيبُ
يقولون لو عزيت قلبك لا رعوى
- فَقلْتُ وَهَلْ لِلعَاشقِينَ قُلُوبُ
دعاني الهوى والشوق لما ترنمت
- هَتُوفُ الضُّحَى بَيْنَ الْغُصُونِ طرُوبُ
تُجَاوِبُ وُرْقاً إذْ أصَخْنَ لِصَوْتِهَا
- فَكُلٌّ لِكُلٍّ مُسْعِدٌ وَمُجيبُ
فقلت حمام الأيك مالك باكياً
- أَفارَقْتَ إلْفاً أَمْ جَفاكَ حَبِيبُ
تذكرني ليلى على بعد دارها
- وليلى قتول للرجال خلوب
وقد رابني أن الصبا لا تجيبني
- وقد كان يدعوني الصبا فأجيب
سَبَى القلْبَ إلاَّ أنَّ فيهِ تَجلُّداً
- غزال بأعلى الماتحين ربيب
فكلم غزال الماتحين فإنه
- بِدَائِي وإنْ لَمْ يَشْفِنِي لَطَبِيبُ
فدومي على عهد فلست بزائل
- عن العهد منكم ما أقام عسيب
إليك عني هائم وصبٌّ
إليكَ عَنِّيَ إنِّي هائِمٌ وَصِبٌ
- أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَبُ
لِلّه قلبِيَ ماذا قد أُتِيحَ له
- حر الصبابة والأوجاع والوصب
ضاقت علي بلاد الله ما رحبت
- ياللرجال فهل في الأرض مضطرب
البين يؤلمني والشوق يجرحني
- والدار نازحة والشمل منشعب
كيف السَّبيلُ إلى ليلى وقد حُجِبَتْ
- عَهْدي بها زَمَناً ما دُونَهَا حُجُبُ
تذكرت ليلى والسنين الخواليا
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
- وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
- بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي
- بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
- بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت
- بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى
- وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا
فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ
- إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا
خَليلَيَّ إِن لا تَبكِيانِيَ أَلتَمِس
- خَليلاً إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا
فَما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً
- وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا
وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما
- يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا
- وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا
وَعَهدي بِلَيلى وَهيَ ذاتُ مُؤَصِّدٍ
- تَرُدُّ عَلَينا بِالعَشِيِّ المَواشِيا
فَشَبَّ بَنو لَيلى وَشَبَّ بَنو اِبنِها
- وَأَعلاقُ لَيلى في فُؤادي كَما هِيا
إِذا ما جَلَسنا مَجلِساً نَستَلِذُّهُ
- تَواشَوا بِنا حَتّى أَمَلَّ مَكانِيا
سَقى اللَهُ جاراتٍ لِلَيلى تَباعَدَت
- بِهِنَّ النَوى حَيثُ اِحتَلَلنَ المَطالِيا
وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنىً
- وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا
وَلا نِسوَةٌ صَبِّغنَ كَبداءَ جَلعَداً
- لِتُشبِهَ لَيلى ثُمَّ عَرَّضنَها لِيا
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي
- قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا
قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها
- فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا
وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ
- لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت
- فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا
فَلَو أَنَّ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ
- وَداري بِأَعلى حَضرَمَوتَ اِهتَدى لِيا
وَماذا لَهُم لا أَحسَنَ اللَهُ حالُهُم
- مِنَ الحَظِّ في تَصريمِ لَيلى حَبالِيا
وَقَد كُنتُ أَعلو حُبَّ لَيلى فَلَم يَزَل
- بِيَ النَقضُ وَالإِبرامُ حَتّى عَلانِيا
فَيا رَبِّ سَوّي الحُبَّ بَيني وَبَينَها
- يَكونُ كَفافاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا
فَما طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ
- وَلا الصُبحُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا
وَلا سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا
- سُهَيلٌ لِأَهلِ الشامِ إِلّا بَدا لِيا
وَلا سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَمِيَّةٍ
- مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا
وَلا هَبَّتِ الريحُ الجُنوبُ لِأَرضِها
- مِنَ اللَيلِ إِلّا بِتُّ لِلريحِ حانِيا
فَإِن تَمنَعوا لَيلى وَتَحموا بِلادَها
- عَلَيَّ فَلَن تَحموا عَلَيَّ القَوافِيا
فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَنّي أُحِبُّها
- فَهَذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا
قَضى اللَهُ بِالمَعروفِ مِنها لِغَيرِنا
- وَبِالشَوقِ مِنّي وَالغَرامِ قَضى لَيا
وَإِنَّ الَّذي أَمَّلتُ يا أُمَّ مالِكٍ
- أَشابَ فُوَيدي وَاِستَهامَ فُؤادَيا
أَعُدُّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ
- وَقَد عِشتُ دَهراً لا أَعُدُّ اللَيالِيا
وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني
- أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ بِاللَيلِ خالِيا
أَراني إِذا صَلَّيتُ يَمَّمتُ نَحوَها
- بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها
- وَعُظمَ الجَوى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها
- أَوَ اِشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا
خَليلَيَّ لَيلى أَكبَرُ الحاجِ وَالمُنى
- فَمَن لي بِلَيلى أَو فَمَن ذا لَها بِيا
لَعَمري لَقَد أَبكَيتِني يا حَمامَةَ ال
- عَقيقِ وَأَبكَيتِ العُيونَ البَواكِيا
خَليلَيَّ ما أَرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما
- أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لِيا
وَتُجرِمُ لَيلى ثُمَّ تَزعُمُ أَنَّني
- سَلوتُ وَلا يَخفى عَلى الناسِ ما بِيا
فَلَم أَرَ مِثلَينا خَليلَي صَبابَةٍ
- أَشَدَّ عَلى رَغمِ الأَعادي تَصافِيا
خَليلانِ لا نَرجو اللِقاءَ وَلا نَرى
- خَليلَينِ إِلّا يَرجُوانِ تَلاقِيا
وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ أَن تَعرِضِ المُنى
- بِوَصلِكِ أَو أَن تَعرِضي في المُنى لِيا
يَقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجنونَ عامِرٍ
- يَرومُ سُلوّاً قُلتُ أَنّى لِما بِيا
بِيَ اليَأسُ أَو داءُ الهُيامِ أَصابَني
- فَإِيّاكَ عَنّي لا يَكُن بِكَ ما بِيا
أيا هجر ليلى قد بلغتَ بيَ المدى
أيَا هَجَرْ ليْلى قَدْ بَلغْتَ بِيَ المَدَى
- وَزِدْتَ عَلَى ما لَمْ يَكُنْ بَلَغَ الهَجْرُ
عَجِبْتُ لِسْعَي الدَّهْرِ بَيْنِي وَبَيْنَها
- فَلَمَّا انْقَضَى مَا بَيْننا سَكَنَ الدَّهْرُ
فَيَا حُبَّها زِدْنِي جَوى ً كُلَّ لَيْلَة ٍ
- ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها
- وينبت في أطرافها الورق النضر
وَوَجْهٍ لَهُ دِيبَاجَة ٌ قُرشِيَّة ٌ
- به تكشف البلوى ويستنزل القطر
ويهتز من تحت الثياب قوامها
- كَما اهتزَّ غصنُ البانِ والفننُ النَّضْرُ
فيا حبَّذا الأحياءُ ما دمتِ فيهمِ
- ويا حبذا الأموات إن ضمك القبر
وإني لتعروني لذكراك نفضة
- كمَا انْتَفضَ الْعُصْفُرُ بلَّلَهُ الْقَطْرُ
عسى إن حججنا واعتمرناوحرمت
- زِيارَة ُ لَيْلَى أنْ يَكُونَ لَنَا الأَجْرُ
فما هو إلا أن أراه افجاءة
- فَأُبْهَتُ لاَ عُرْفٌ لَدَيَّ وَلاَ نكْرُ
فلو أن ما بي بالحصا فلق الحصا
- وبالصخرة الصماء لانصدع الصخر
ولو أن ما بي بالوحش لما رعت
- وَلاَ سَاغَهَا المَاءُ النَّمِيرُ وَلا الزَّهْرُ
ولو أن ما بي بالبحار لما جرى
- بِأمْوَاجِهَا بَحْرٌ إذا زَخَر الْبَحْرُ
أحبك حبًّا لو تحبّين مثله
أُحِبُّك حبّاً لو تحبِّين مثلَه
- أصابك منْ وَجْدٍ عليَّ جنونُ
وَصِرتُ بِقَلبٍ عاشَ أَمّا نَهارُهُ
- فَحُزنٌ وَأَمّا لَيلُهُ فَأَنينُ
ألا أيها القلب اللجوج المعذل
ألا أيُّها القَلْبُ اللَّجوجُ المُعَذَّلُ
- أفق عن طلاب البيض إن كنت تعقل
أَفِق قَد أَفاقَ الوامِقونَ وَإِنَّما
- تَماديكَ في لَيلى ضَلالٌ مُضَلِّلُ
سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَنِ الحُبِّ وَاِرعَوى
- وَأَنتَ بِلَيلى مُستَهامٌ مُوَكَّلُ
فَقالَ فُؤادي ما اِجتَرَرتُ مَلامَةَ
- إِلَيكَ وَلَكِن أَنتَ بِاللَومِ تَعجَلُ
فَعَينَكَ لُمها إِنَّ عَينَكَ حَمَّلَت
- فُؤادَكَ ما يَعيا بِهِ المُتَحَمِّلُ
لَحا اللَهُ مَن باعَ الخَليلَ بِغَيرِهِ
- فَقُلتُ نَعَم حاشاكَ إِن كُنتَ تَفعَلُ
وَقُلتُ لَها بِاللَهِ يا لَيلَ إِنَّني
- أَبَرُّ وَأَوفى بِالعُهودُ وَأَوصَلُ
هَبي أَنَّني أَذنَبتُ ذَنباً عَلِمتِهِ
- وَلا ذَنبَ لي يا لَيلَ فَالصَفحُ أَجمَلُ
فَإِن شِئتِ هاتي نازِعيني خُصومَةً
- وَإِن شِئتِ قَتلاً إِنَّ حُكمَكِ أَعدَلُ
نَهاري نَهارٌ طالَ حَتّى مَلِلتُهُ
- وَلَيلي إِذا ما جَنَّني اللَيلُ أَطوَلُ
وَكُنتِ كَزِئبِ السَوءِ إِذ قالَ مَرَّةً
- لِبَهمٍ رَعَت وَالذِئبُ غَرثانُ مُرمِلُ
أَلَستِ الَّتي مِن غَيرِ شَيءٍ شَتَمتِني
- فَقالَت مَتى ذا قالَ ذا عامُ أَوَّلُ
فَقالَت وُلِدتُ العامَ بَل رُمتَ كِذبَةً
- فَهاكَ فَكُلني لا يُهَنّيكَ مَأكَلُ
وَكُنتِ كَذَبّاحِ العَصافيرِ دائِباً
- وَعَيناهُ مِن وَجدٍ عَلَيهِنَّ تَهمَلُ
فَلا تَنظُري لَيلى إِلى العَينِ وَاِنظُري
- إِلى الكَفِّ ماذا بِالعَصافيرِ تَفعَلُ