نبذة عن كتاب مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق
عنوان الكتاب وسبب تأليفه
كتاب "مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق" لابن حزم طبع عدة طبعات بأسماء مختلفة، منها: الذي طبعته الدار السلفية في المدينة المنورة بالاسم ذاته، ووقع في (127) صفحة، ومنها باسم: "الأخلاق والسير" طبعته دار المشرق العربي في القاهرة، سنة (1988م)، في (187) صفحة، ومنها باسم: "الأخلاق والسير في مداواة النفوس"، طبعته دار الآفاق الجديدة في بيروت سنة (1979م)، في (95) صفحة.
أما سبب تأليفه للكتاب فذكر العلماء في ذلك حادثة أثرت في ابن حزم، وجعلته يكتب هذه الرسالة في الأخلاق؛ وكأنها سيرة ذاتية كتبت بنبرة تشاؤمية لواقع مجتمعه، تلك الحادثة هي إحراق المعتمد بن عباد لكتبه؛ حين كان في إشبيلية بالأندلس، بعد هزيمة ابن حزم في سلسلة مناظرات في نفي القياس، وإبطال الرأي، وما يترتب عنها من فروع فقهية، عُقدت بينه وبين الباجي، الذي أظهر تفوقاً بارزًا؛ فهزمه.
التعريف بفصول الكتاب
طبع المؤرخ د. إحسان عباس محتويات الكتاب ضمن موسوعة جمع فيها رسائل ابن حزم، أطلق عليها اسم: "رسالة في مداواة النفوس، وتهذيب الأخلاق والزهد في الرذائل"، وقد أدرج الرسالة في الجزء الأول من تلك الموسوعة، في الصفحات (335-416)، وتم تقسيم الرسالة إلى أحد عشر فصلاً، وفيما سيأتي بيان لعناوينها:
- فصل في مداواة النفوس وإصلاح الأخلاق الذميمة.
- فصل في العلم.
- فصل في الأخلاق والسير.
- فصل في الإخوان والصداقة والنصيحة.
- فصل في أنواع المحبة.
- فصل في أنواع صباحة الصور.
- فصل فيما يتعامل به الناس في الاخلاق.
- فصل في مداواة ذوي الأخلاق الفاسدة.
- فصل في غرائب أخلاق النفس.
- فصل في تطلع النفس إلى معرفة ما تستر به عنها.
- فصل في حضور مجالس العلم.
مقتطفات من الكتاب
عقد ابن حزم في كتابه فصلاً خاصاً حول شرف العلم، بدأ فيه ببيان أنه لو لم يكن مِن فضلِ العلم إلا أنَّ الجهلة من الناس يهابون العالم ويحبونه لكفى، وفي الوقت ذاته فإنَّ أقرانه من العلماء يحبونه ويكرمونه، لكان ذلك سبباً يعزز من علو الهمة إلى وجوب طلب العلم، فكيف إذا أضفنا لذلك فضائله الأخرى في الدنيا والآخرة، ويكفي للتدليل على ذم الجهل بأن صاحبه يحسد العلماء، فكيف بسائر رذائله في الدنيا والآخرة.
كما عقد ابن حزم في كتابه فصلاً تحدث فيه عن غرائب أخلاق الناس، ونصح بأن لا يحكم العاقل بصدق الباكي المتظلم، وكثرة تشكِّيه، وشدة تلويه ألماً، وغزارة دموع بكائه؛ لأن ابن حزم قد وقف مِن بعض مَن يفعل ذلك رغم أنه هو الظالم المعتدي يقيناً، كما أنه رأى بعض المظلومين ساكن الكلام، معدوم التشكِّي، مظهراً لقلة المبالاة، فهذا مكانٌ ينبغي فيه التثبت فيه ومغالبة ميل النفس نحو الشاكي الباكي.
وهذا الذي ذكره ابن حزم له ما يؤيده، فقد قيل: "ثلاث إِذَا لم تكن في القاضي فليس بقاض؛ يشاور إن كان عالماً، ولا يسمع شكيةً من أحد ليس معه خصم، ويقضى إِذَا فهم"، وعلى القاضي أن يبذل أقصى المجهود في الاستماع للطرفين؛ فكل الناس سواسية عنده بالاهتمام، وأبرز ما يعين على ذلك هو أن "يسوِّي بين الخصوم إذا تقدموا إليه، اتفقت مللهم أو اختلفت، فاسم الناس يتناول الكل".