نبذة عن كتاب لمسات بيانية لفاضل السامرائي
تعريف عام بالكتاب
تحدّث الدكتور فاضل صالح السامرائي عن سبب تأليفه للكتاب في مقدمته، ومما قال فيه: معللاً ذلك بأنه يريد أن خطوة أخرى بعد كتابه "التعبير القرآني" لبيان شيء من أسرار القرآن، فأحبَّ أن يفسر نصوصاً من آيات القرآن التي سئل عن سر التعبير القرآني في بعضها، ثم وجد همته قد نشطت ليختار بعض السور المتعددة؛ ليُبيِّن طرفا مما فيها مِن أسرارٍ تعبيرية، ولمساتٍ فنية، راجياً أن يكون فيها نفعاً لدارسي القرآن.
أمّا عن سر اختيار هذا الاسم للكتاب بدلاً من اسم "الإعجاز القرآني" مثلاً، قال: "هذا العنوان أكبر مني، وأنا لا أستطيع أن أنهض ببيان الإعجاز القرآني، ولا بشيء منه، وإنما هو دراسة في بيان شيء من أسرار التعبير القرآني العظيم الذي لا تنتهي عجائبه"، مبرراً ذلك بأنّه أوضح بأنَّ هذا الكتاب خطوة ثانية تتبعها خطوات -بإذن الله- في طريق يرجو من الله أن يوصل السالك إلى طريق الإعجاز، أو شيء من الإعجاز.
والكتاب يقع في (287) صفحة، طبِعَ في دار عمار طبعةً ثالثة بالعاصمة الأردنية عمّان سنة (2003)، وفيما سيأتي بيان كيفية تقسيم الكتاب الذي رجع فيه إلى حوالي ثلاثين مرجعاً:
- المقدمة.
- سورة الفاتحة.
- من سورة المائدة.
- قصة إبراهيم في سورتي الحجر والذاريات.
- قصة موسى في سورتي النمل والقصص.
- من سورتي المؤمنون والزمر.
- من سورتي المؤمنون والمعارج.
- من سورتي الطور والقلم.
- من سورة القمر.
- من سورة الجمعة.
- من سورة المنافقون.
- من سورتي المعارج وعبس.
- من سورتي المعارج والقارعة.
- سورة القيامة.
- سورة البلد.
- مراجع الكتاب.
وجوه إعجاز القرآن بحسب الكتاب
يرى مؤلف الكتاب أنَّ إعجاز القرآن ليس له جهة واحدة، بل هو أمر متعدد النواحي، متشعب الاتجاهات، فمن المتعذَّر أن ينهض لبيان الإعجاز القرآني الفريد شخص واحد، بل ولا يمكن أن تقوم به حتى جماعة في أي زمن، ما مهما بلغت سعة علمهم، وقوَّة اطلاعهم، وتعددت اختصاصاتهم، فإنما هم -بكل جهودهم- يستطيعون بيان شيء يسير من أسرار القرآن، في نواح متعددة حتى زمانهم هم، ويبقى القرآن مفتوحاً للنظر.
وسيبقى الإعجاز القرآني مفتوحاً لنظر أجيال ستأتي بعدنا في المستقبل، وستجد فيه ما يَجدُّ من الجديد، بل ستجد فيه أجيال المستقبل وجوهاً جديدة من ملامح الإعجاز القرآني وإشاراته ما لم يخطر لنا على بال، ثم ضرب مثلا لتعدد نواحي الإعجازووجوهه، فيما سمعه وقرأه لأشخاص مختصين بالتشريع يتحدثون عن جوانب عميقة في إعجاز التشريع القرآني، التي تظهر فيما سيأتي بيانه من وجوه عدّة:
- الاختيارات الدقيقة للألفاظ التشريعية في القرآن الكريم.
- دقة دلالة الألفاظ التشريعية في القرآن الكريم.
- استحالة استبدال ألفاظ القرآن التشريعية بأي كلمة مرادفة لها.
- استحالة أن تجد لفظةً في كتب اللغة والأدب أدق وأعلى مما اختاره القرآن من ألفاظ تشريعية.
وبعد أن ضرب أمثلة أخرى على سر اختيار اللفظ والتركيب في أمثلةٍ يتداولها المشتغلون بالإعجاز العلمي والتاريخي، عاد للتأكيد على أنَّ الإعجاز القرآني متعدد النواحي، متشعب الاتجاهات، ولا يزال الناس يكتشفون من مظاهر إعجازه الشيء الكثير؛ ف التعبير الواحد، قد ترى فيه إعجازا لغوياً جمالياً، وترى فيه في الوقت نفسه، إعجازاً علمياً، أو تاريخياً، أو نفسياً، أو تربوياً، أو تشريعياً.
أمثلة على اللمسات البيانية المذكورة في سورة الفاتحة
ابتدأ مؤلف الكتاب ببيان اللمسات البيانية الواردة في سورة الفاتحة؛ تبركاً بها، ثم شرع ببيان اللمسات الفنية فيها، وفيما سيأتي بيانٌ لبعض ما ذكره بخصوص ذلك:
- سر قول: "الحمدُ لله" بدلاً من: "المدحُ لله"
الحمد فيه معنى الثناء على جميل النعمة مع محبة المنعِم وإجلاله، لكنك في المدح قد تمدح جماداً، أو حيواناً ولكن لا تحمده، فلا بأس بمدح الكلب، ولكن لا تحمده، وفي هذا قال الرازي: ا لمدح قد يحصل للحي ولغير الحي، ألا ترى أن من رأى لؤلؤة في غاية الحسن فإنه قد يمدحها ولا يحمدها، وبهذا يتبين أنَّ في الحمد تعظيماً وإجلالاً ومحبةً، مما ليس في المدح.
- سر قول: "الحمد لله" بدلاً من: "لله الحمد"
لأنَّ "الحمد لله" جمعٌ بين معنيي الخبر والإنشاء، و عبارة "لله الحمد" تفيد الاختصاص، أو إزالة شكٍّ عمَّن ادعى أن الحمد لغير الله، لكنَّ المقام ليس مقام إزالة شك، كما أنَّ الحمد في الدنيا ليس مختصاً لله وحده؛ فالناس قد يحمد بعضهم بعضاً، وقد ذكر ابن عاشور سبباً آخر وهو أنَّ ال تعريف -بال التعريف- يفيد توكيد اللفظ، وتقريره، وإيضاحه للسامع؛ لأنك لمَّا جعلته معهوداً، فقد دللت على أنَّه واضحٌ ظاهرٌ.