نبذة عن كتاب علوم الحديث لابن الصلاح
نبذة عن كتاب علوم الحديث لابن الصلاح
لقد كان للحديث أهمّية عظيمة عند علماء المُسلمين، فهم قد عكفوا على دراسة الحديثِ وجمعهِ وترتيبهِ والحكمِ عليه، ليس هذا فحسب، بل قاموا بوضعِ شروطٍ وأحكام وقواعدَ للحديث، تقومُ على تصحيح الأحاديثِ وتضعيفها، وتعملُ على الحكمِ على الرواةِ وبيان وأحوالهم، فمنهم ثقاتٌ ومنهم غير ذلك، ومنهم أهلٌ للضبط والحفظ ومنهم من يسهو وينسى، وقد سمّي هذا بعلوم الحديث.
هذا وقد بَرَعَ علماءُ الحديث في هذا الباب، فألَّفوا في ذلك الكثير من الكتب والمؤلَّفات، وأقاموا الكثيرَ من الندواتِ والدروس والحوارات، التي تتحدَّثُ عن علوم الحديث، ولعلَّ المُتابع لتاريخِ علوم الحديث، يشهدُ أنّ علوم الحديث تتطوّر مع مرورِ الزمن، لكنّها تبقى مُحافظة على أساسها المتين، وإن من الكتب التي أسهبت في هذا الباب كتاب علوم الحديث لابن الصلاح.
منهج كتاب علوم الحديث
لقد شرع الكاتِبُ في كتابه، بذكر أنواع علوم الحديث، وهي معرفة الصحيح من الحديث ومعرفة الحسن والضعيف والمُسند والمتَّصِل والمرفوع والموقوفُ والمقطوع، وأيضًا اهتم بمعرفة المنقَطِع والمعضل والتدليس وحكم التدليس، وأيضًا أوضحَ أهمية معرفة الأفراد وأحوالهم ومعرفة المقلوب والموضوع والمضطرب في الحديث.
ثم انتقل إلى بيان أقسام طرق نقل الحديث وكيفية تحمّله، فكانت كما يأتي:
- القسم الأول: السماع من لفظ الشيخ.
- القسم الثاني: من أقسام الأخذ، والتحمل: القراءة على الشيخ.
- القسم الثالث: من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله الإجازة، وقد تضمّنَ في هذا عدة أقسام.
ومن ثم انتقل إلى طلب الحديث وآداب طالب الحديث، فأوضح أن على طالب العلم أن يسأل الله التيسيرَ والتأييدَ والتوفيق، وأن يتوكّل على الله في ذلك، وأن طلب الحديث هو أعلى أمور الدين، وبيّن أن من نوى تعلّم الحديثِ وتوغَّل فيه أن يأخذَ نفسًا طويلًا، فيشمِّرُ عن ساعده، ويبدأ السماع من أهل السند في شيوخ بلده، وأن يرتحِلَ طلبًا لهذا العلم الجليل.
وقد تحدَّث المؤلف عن آداب المحدِّث، وبيّن أنّ هذا العلم علم الآخرة، فحريٌّ أن يكونَ المحَدِّثُ مشتملًا على مكارم الأخلاق، وأن يكونَ قدوةً لغيره، وأن يكونَ سبيلهُ في ذلك هو ابتغاء وجه الله -سبحانه وتعالى-، فيكونَ هينًا مع مريديه وتلامذته، ويكون أسلوبهُ حسنًا سلسًا في ذلك.
التعريف بمؤلف كتاب علوم الحديث
إنّ مؤلف كتاب علوم الحديث هو الإمام العلّامة أبو عمرو عثمان بن المفتي صلاح الدين، وقد كان مولدهُ في سنة خمسمائة وسبع وسبعين، هذا وقد نشأ في بيتِ علمٍ وصلاح، فتفقّه على يد والده، ثم أرسلهُ للعمل مدةً ليشتدَّ عوده فكان عمله في الموصل، فاستفاد من ذلك أنّه سمع الحديث من أهل السند من الشيوخ في الموصل، فقد كان شغوفًا في الحديث.
ثم انتقل إلى دمشق فاشتغل فيها، وقد تتلمذ على يد الكثير من أهل السند فيها، ومنهم القاضي أبي القاسم الحرستاني، ثم انضم إلى مدرسة ببيت المقدس، عمل فيها مدرّساً، وهذا وقد كان يستفتيه الناس، وكان ممن ينسج حروف الكتب والمؤلّفات، وعُدَّ من كبار الأئمة.