نبذة عن كتاب المدائح النبوية
نبذة عن كتاب المدائح النبوية
يعدّ كتاب المدائح النّبويّة أحد أهم المراجع الّتي تناولت الشّعر الّذي يهتم بمدح النّبي محمد عليه الصّلاة والسّلام من خلال ذكر صفاته المحببّة، وأخلاقه العظيمة، وطرح معجزاته، حيث جمع هذا الكتاب جميع المدائح النبوية منذ بداية ظهورها في أوائل القرن السّابع الميلاديّ إلى نهاية القرن العشرين.
وقد تطرّق الكتاب أيضًا إلى المدائح النّبويّة في الشّعر المعاصر، حيث بيّن الكاتب الاهتمام الشّديد بشخصيّة الرّسول عليه أفضل الصّلاة والسّلام بين روّاد النهضة الثقافيّة والأدبيّة في مطلع القرن العشرين، وقد تتبع الكتاب أيضًا انتشار المدائح النبويّة بين البلدان العربيّة الإسلامية ذاكرًا أهم شعراء هذا الفن الأدبي الإسلامي وأهم ملامح هؤلاء الشّعراء، وأثر البيئة الإسلاميّة على أشعارهم.
مؤلف كتاب المدائح النبوية
الأستاذ الدّكتور محمود علي مكي، ولد عام 1929 في محافظة قنا في صعيد مصر ونشأ هناك، ثم التحق بجامعة القاهرة وتخرّج من كليّة الآداب عام 1949، وبعد ذلك انتقل للعيش في إسبانيا ليكون ضمن أول بعثة من مصر لتدريس الأدب الإسبانيّ، عمل هناك وكيلًا للمعهد المصريّ في مدريد، ثم أصبح مديرًا لإدارة التّرجمة والنّشر في وزارة الثّقافةِ في السّتينيات.
توفي محمود مكي أثناء مكوثه في إسبانيا وذلك بعد أن خلّف وراءهُ العديد من الإنجازات الّتي احتفت بالأدب العربي عبر العصور وذلك عام 2013 عن عمر يناهز (84) عامًا.
محتوى كتاب المدائح النبوية
استهلّ الدكتور محمود مكي كتابه بتمهيدٍ شَرح فيه أثر الرّسول الكريم وقدرته على تحويل مجتمع البداوةِ الجاهليّ الّذي كانت تمزقه العصبيّات القبلية إلى أمّة موحِّدة، واعية بمكانَتها من التّاريخ.
وأشار الكاتب أيضًا في هذا التّمهيد إلى إيمانهِ بأن هذا التّحوّل يبدو كمعجزة من المعجزات الّتي قدمها رسول الأمّة لهذا العالم، فكان التّغيير والتّحول في فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز العشر سنوات وذلك أثناء إقامته في المدينة المنورة حيث شهدت تلك الفترة انتشار دعوة الإسلام السّريع، ودخول النّاس في دين الله أفواجًا.
ومن هنا أشار الكاتب إلى بداية فن المدائح النّبويّة حيث بدأت هذه المدائح بالظّهور على لسان صحابة الرّسول الذين آمنوا برسالته وصدّقوا معجزاتهِ، فنسبوا كلّ جميل من الصفات والشمائل إلى شخصيّة الرّسول، وساعدهم بذلك إيمانهم بما ورد بالقرآن الكريم من آيات، فقال تعالى بقرآنهِ الكريم: "وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين"،وكذلك ما ورد بقوله تعالى: "وإنّك لعلى خلقٍ عظيم".
وقد قسّم المؤلف محمود مكي الكتاب إلى أربعةِ فصول ورتبها وفق الإطار الزّمني لحدوثها من الأقدم إلى الأحدث على النّحو الآتي:
الفصل الأول: الرّسول في شعر معاصريه
أورد الكاتب في هذا الفصل أنّ المديح النّبويّ كان نابعًا من منظورٍ دينيِّ بحت أساسهُ الثّناء والشكر والإشارة إلى صفات خاتم الأنبياء محمد صلّى الله عليه وسلّم، حيث أخذ أصحاب النّبي ومعاصريه هذا الفن الأدبيّ للدفاع عن عقيدتهم ودينهم ورسولهم وعلى رأسهم: حسّان بن ثابت، كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة.
الفصل الثّاني: المدائح النبويّة في شعر الشيعة
أما هذا الفصل فتحدّث عن السلوك الغريب الّذي سلكه الشعراء في تلك الحقبة من الزّمن، حيث لم تعد سيرة الرّسول صلى الله عليه وسلّم وتعداد شمائله من الموضوعات المهمّة الّتي تشغلهم، فقد انشغل المسلمون آنذاك بأحداثٍ كبرى بدأت بحروب الرّدّة ثم الفتوح الإسلاميّة وبعدها الصّراع الدّائر بين الأمويين والشّيعة والخوارج وبين القبائل نفسها بعد أن أثار الأمويون العصبيات القبليّة.
والجدير بالذّكر أنّ في تلك الفترة لم ترد المدائح النبويّة سوى على ألسنة شعراء الشّيعةِ حيث كانوا يعتبرون الخلافة حقًا خالصًا لآل بيت الرّسول ، فكان من الطّبيعيّ أن يتصل بهذا الموضوع الحديث عن فضائل آل بيت الرّسول.
الفصل الثالث: المولد النبوي والمولديّات
ذكر الكَاتب في هذا الفصل نشأة الاحتفال بمولد الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأشار إلى أن أصل الاحتفال بمولد الأشخاص لم يكن من التّقاليد الإسلاميّة الأصيلة؛ ولهذا فإنّ المسلمين لم يتّخذوا من مولد الرّسول احتفالًا في مبتدأ التّاريخ الإسلاميّ،بل ظهرت هذه العادة بعد أن احتفل الشّيعة بالذكرى السّنوية لعيد الغدير، فرأى المتديّنين أن الاحتفال بمولد الرّسول أولى من الاحتفال بمولد الأفراد. ومن أشهر شعراء المولديات، ابن الساعاتي وعمر بن الفارض.
الفصل الرّابع: المدائح النّبويّة في العصر الحديث
تحدّث الكاتب في هذا الجزء عن نماذج شعر المديح النّبويّ في العصر الحديث حيث ذكر مجموعة فريدة من شعراء هذا الفن الأدبيّ، وذكر أيضًا بردة البوصيريّ كنموذجٍ أعلى للمديح النّبوي حتّى بعد النّقلة النّوعيّة للشعر العربيّ، والجدير بالذّكر هنا إشارة الكاتب إلى مجموعة من الشّعراء تمسّكوا بهذا الفن الفريد وكان على رأسهم الباروديّ وأحمد شوقي.
إنّ ما يميّز هذا الكتاب بعيدًا عن ثروته الأدبيّة، التّرتيب الدّقيق الذي اتبعه الدّكتور محمود مكي في عرض المادّة، وكذلك البناء المنطقي الّذي يسلّم أوله إلى آخره، وما تخلل الكتاب من مسائل ونقاشات تُذهب الملل عن الباحث وطالب العلم.