أفضل ما يهدى للميت
أفضل ما يُهدى للمِّيت
إنّ من أفضل الأعمال التي تُهدى للمِّيت ؛ الصَّدقة، والاستغفار، والدُّعاء، والحجُّ، وأفضلُ الصَّدقة عنه ما كانت مُستمرَّةً وباقيةً، وكانت حاجة الفقير لها شديدة، كسقي الماء في مكانٍ يَقلُّ فيه الماء، ويرى ابن عُثيمين أنَّ الدُّعاء أفضل ما يُقدَّم للميِّت، استدلالاً بِقول النَّبيّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)؛ لِتخصيص النَّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- الدُعاء للميّت،
ويُعدُّ الدّعاء من الأعمال التي يصل ثوابها للمِّيت، وكان السَّلف الصَّالح يُكثرون من الدُّعاء لمن سبقهم من المؤمنين، لِقولهِ -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ)، ومما يُؤكِّدُ أهميَّة الدُّعاء للمّيت؛ تشريعُ الله -تعالى- لصلاة الجنازةِ عليه؛ لِما فيها من الدُّعاء له بعد التَّكبيرة الثّالثة للميّت، حيث إنّ المقصود من تشريع صلاة الجنازة الدَُعاء للمّيت ، وطلب الرَّحمة والمغفرة له، والتَّجاوز عن سيّئاته، والاستغفارِ له، لِورودِ ذلك عن النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، ولضعفه وشدَّة حاجته في تلك اللّحظة إلى الدُّعاء له بالمغفرة والرَّحمة، وبدُخول الجّنة، والنّجاةِ من النّار.
أعمال تنفع الميِّت
توجد الكثير من الأعمال التي تُهدى للميّت وتنفعهُ بعد موته، ومنها:
- الدُّعاء والاستغفار له: وهو من الأعمال المُجمع عليها، وجاء ذكرُهُ في كثيرٍ من الأدلّة، وكان النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- يقولُ في دُعائه: "اللّهم اغفر لحيّنا وميّتنا"، ونُقل ذلك عن الصّحابةِ الكِرام.
- الصّدقة: وذكر الإمام النَّوويّ الإجماع على وُصول ثوابها للمّيت، سواءً كانت من أولاده أو من غيرهم، لِقول النَّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- فيما يرويه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهلْ يُكَفِّرُ عنْه أَنْ أَتَصَدَّقَ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ).
- قِراءة القُرآن : وهي من الأعمال التي تصل للميت كما جاء عند الجُمهور، فبعد الانتهاءِ من القراءة يَنوي الإنسان ثواب ما قرأ للميّت ويُسمّيه.
- الصَّوم والحجُّ: وهذا من باب قضاء الدَّين والنَّذر عنه؛ وممّا يُؤكّدُ وصول ثوابه للميّت، قول النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقالَ: لو كانَ علَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).
- الصّدقة الجارية: وهي الصّدقة التي يبقى ثوابها للمّيت موصولاً إلى يوم القيامة؛ كحفر آبار الماء، أو بناء المساجد، فيبقى الأجر يجري للإنسان ما دام العمل موجوداً.
الصّدقة الجارية عن الميّت
يجوز أن تكون الصّدقة الجارية عن الإنسان قبل موته أو بعدهُ، من قِبل أولاده أو من غيرهم، وتُعرَّف الصدقة الجارية بأنّها الصّدقة التي يستمرُّ نفعُها للنّاس مُدّةً من الزّمن، ويبقى أجرُها مستمرّاً ما دامت باقية، فعمل الإنسان يتوقّف بِمُجرّد موته إلّا في الصّدقة الجارية، ومنها ما ورد في قول النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له)، فذكر أهلُ العلم أن الميّت ينتفع بما يصلهُ من الصّدقات، سواءً كانت من الصّدقات الجارية، أو غير الجارية، والصّدقات الجارية كثيرةٌ ومُتنوعةٌ؛ كطباعة الكُتب، وتوزيعها على المكتبات أو على طلبة العلم، وإنشاء شبكات المياه؛ ليشرب منها الإنسان أو الحيوان، وحفرالآبار، وتركيب المظلّات التي تقي النّاس من حر الصّيف ومطر الشّتاء، وغير ذلك من الصدقات الجارية.