نبذة عن رواية وكالة عطية
نبذة عن رواية وكالة عطية
بدأت أحداث هذه الرواية من الطالب المتفوق القادم من الريف إلى المدينةِ ليكمل دراسته، والذي لم يتبقَ إلى تخرجه إلا سنة واحدة ليأتي أستاذ ويستمر بإهانته وذلِّه أمام زملائه، وكان يعامله بفوقية لكونه قادماً من الريف وليس من المدينة، إلى أن جاء اليوم الذي تهجم فيه الطالب على الأستاذ وكانت النتيجة بأن طُرد من المدرسة.
وذهب يبحث عن مكان ليتآوى فيه إلى أن وصل إلى وكالة عطية، ذلك المكان الذي كان في السابق خاناً للتجار وأصبح الآن مكاناً يضم بداخله أناساً من مختلف الطبقات، منهم الشحادين والمهندسين واللصوص والبشاوات أيضاً، بالإضافة إلى المتعلمين والجاهلين والمظلومين.
كانت الوكالة بإشراف شوادفي الذي يجلس دوماً أمام البوابة يحتسي شرب الشاي، وما كان من الطالب إلا أن التقى باللصوص والشحادين وغيرهم من الموجودين في الوكالة، وسرعان ما يصبح أحدهم، ويتعايش معهم، وقد أخذ يستمع لقصة كلِّ واحد منهم، وروى لنا القصص التي كان يسمعها منهم، فلكل منهم قصة أتت به إلى وكالة عطية كما الطالب تماماً.
وجد الطالب متعة حال وجوده في هذا العالم السفلي الذي كان سرعان ما يعود إليه عند مغادرته له، والمليء بالقصص والحكايات بعد أن كان من المتفوقين في المدرسة، ولا بد أنه كاد أن يكون له مستقبلٌ باهرٌ لولا تهجمه على الأستاذ.
أسلوب خيري شلبي في وكالة عطية
تعمَّد خيري شلبي في هذه الرواية اختيار ضمير المتكلم الشيء الذي جعلنا نشعر بمصداقيته الفنية مع العلم بأن الرواية خيالية وواقعها ليس موجوداً إلا بمخيلة الكاتب وحده، فعند قراءة الرواية يشعر القارئ بأن الراوي هو الذي يتكلم، وهو الذي يقوم بسرد قصته على المستمعين والقراء.
فقد أخذنا معه في خياله إلى مدينة دمنهور في مصر، وأدخلنا إلى عالم وكالة عطية ذلك المكان المجهول غير الموجود في الواقع والذي ابتدعه المؤلف من مخيلته، والذي ضم حشداً كبيراً ومختلفاً من البشر، فمنهم من كان مهندساً ومنهم من كان من البشاوات والشحادين واللصوص والصعاليك، أخذنا إلى عالم متدهور وعالم جريمة وفشل، ليوصل رسالة مفادها أن ألم الناس واحدٌ وإن اختلفوا في الأجناس والأعراق.
وقد برع خيري شلبي في وصفه للمكان والسكّان وجعل القارئ يؤمن بأنه مكان حقيقيٌ، اعتمد في كتابته على الكلام فكلٌ من أفراد الوِكالة كان يحكي قصته وسيرة حياته ومنهم من كان مستمعاً، واستخدم أسلوب التشويق فما من قارئ بدأ بقراءة الرواية إلا وكان يحمل الإصرار بأن يُكمل قراءتها حتى النهاية دون الشعور بالملل.
ولأن خيري شلبي من الطبقة الفقيرة فقد عاش وتربى معهم وقد وضع على كاهله أن يتكلم عنهم وعن آلامهم وعن كَمِّ المعاناة التي يتعرضون لها من أجل قوتِ يومهم أو من أجل كِسرة خبزٍ تّسدُّ رمق جوعهم فهم شخصياتٌ مهمشة لا تلقي حرية التعبير عن الرأي لهم بالاً.
التعريف بالروائي خيري شلبي
خيري شلبي المصري رائد الفانتازيا التاريخية في الرواية العربية المعاصرة والذي وُلد في 31 يناير عام 1938م، وتوفي في 9 سبتمبر 2011م، من أعماله الشهيرة التي لازالت موجودة بين أيدي القرَّاء هي الوتد، السنيورة، الأوباش، الشُطَّار، العراوي، فِرعان من الصبَّار، موَّال البيات والنوم، منامات عم أحمد السمّاك، بغلة العرش، وكالة عطية، صهاريج اللؤلؤ، نعناع الجناين، وثلاثية الأمالي، موت عباءة غيرها من الأعمال.
تميز خيري شلبي بقدرته على سرد الكلام بأسلوبه المقنع والمشوّق، وكان من أوائل من كتبوا ما يسمى بالواقعية السحرية، ففي أدبه الروائي تتشخص المادة وتحول إلى كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات حيث يصل الواقع إلى مستوى الأسطورة ، فالقارئ والمدقق لروايته (وكالة عطية) يعي أن المؤلف هو ابن السيرة الشعبية وألف ليلة وليلة.
كما يعي أن خيري شلبي كان بأسلوبه الروائي قريباً من أبناء الطبقات المختلفة يحاكي حياتهم وينقل تجاربهم إلى أعماله التي تضفي عليها نوعاً من الجمالية، فقد بدا مشاهداً ومراقباً لحياة شخصيات الوكالة لكنه ما لبث أن أصبح جزءاً لا يتجزأ منهم.
الجوائز التي حصلت عليها الرواية
حصلت رواية وِكالة عطية للراوي خيري شلبي على جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2003م، وصدرت باللغة الإنجليزية عام 2007م، وصُنفت في المرتبة الثامنة والثلاثين في قائمة أفضل مئة رواية عربية.