أبيات في الشوق
عاد قلب الشوق إذ عدت عيده
يقول ابن سناء الملك :
عادَ قَلبُ الْشُوقِ إِذْ عُدتَ عِيدُه
- وَوَفَى وَعْدُه وَوَافَتْ سُعُودُه
وسَقَاهُ مَاءُ الحياةِ فَمَا أحمر
- مُحَيَّاً لَه ولا اخْضَرَّ عُودُه
وهنيئاً له السرورُ ولا غَر
- وَفَمَنْ يُبدِي السُّرورَ يُعِيدُه
وهنيئاً له مِنَ الْخَلْقِ لمَّا
- جَاءَه مَنْ يَسُوسُه ويَسُودُه
من يودُّ الزَّمَانُ مِنه الرِّضَا عَنه
- ولا شَيءَ فِي الزَّمانِ يَؤُوده
مَنْ يُنيم الأَنَامَ أَمْناً ولاَ يُمسكُ
- عِقد الوجودِ إِلاَّ وُجُوده
من أَتَتْه الأَيَّامُ مُعْتذِرَات
- فأَتى صَفْحُه وَرَاحَتْ حُقُودُه
من أَقَرَّت له الملوكُ وقَالَتْ
- هُو سُلطَانُنا ونَحْن عَبيدُه
إِنَّ فَضْل الإِله جَدَّدَ للأَفـ
- ـضلِ ما قَدْ بَنَتْه قِدْماً جُدُودُه
وحَبَاه الملكَ الَّذي صدَّعَتْه
- وأَبى الله أَنْ يَتِمَّ صُدودُه
ذِيدَ عَنْ مُلْكِه الموكِّل واللهُ
- إِليه لاَ عَنْه كَان يَذُودُه
إِنَّ مِصراً ترى به إِرْثَه الأقدم
- حَقَّاً أَثاثُه مَوْجُودُه
ملكُه عنْ أَبِيه قَدْ أَكَّدت فيه
- عَليهم عُقودُه وعُهودُه
أإن حن مشتاق ففاضت دموعه
يقول ابن عنين:
أَإِن حَنَّ مُشتاقٌ فَفاضَت دُموعُهُ
- غَدَت عُذَّلٌ شَتّى حَوالَيهِ تَعكُفُ
وَما زالَ في الناسِ المَوَدَّةُ وَالوَفا
- فَما لي عَلى حِفظِ العُهودِ أُعَنَّفُ
نَعَم إِنَّني صَبٌّ مَتى لاحَ بارِقٌ
- مِنَ الغَربِ لا تَنفَكُّ عَينيَ تَذرِفُ
وَما قيلَ قَد وافى مِنَ الشامِ مُخبِرٌ
- عَنِ القَومِ إِلّا أَقبَلَ القَلبُ يَرجفُ
وَأُعرِضُ عَن تَسآلِهِ عَنكَ خيفَةً
- إِذا خَفَّ كُلٌّ نَحوَهُ يَتَعَرَّفُ
فَكَيفَ اِحتِيالي بِاللَيالي وَصَرفُها
- بِضِدِّ مُرادي دائِماً يَتَصَرَّفُ
أُحاوِلُ أَن أَمشي إِلى الغَربِ راجِلاً
- وَأَحداثُها بي في فَمِ الشَرقِ تَقذِفُ
أهاج لك الشوق القديم خياله
يقول الفرزدق :
أَهاجَ لَكَ الشَوقَ القَديمَ خَيالُهُ
- مَنازِلُ بَينَ المُنتَضى وَمُنيمِ
وَقَد حالَ دوني السِجنُ حَتّى نَسيتُها
- وَأَذهَلَني عَن ذِكرِ كُلِّ حَميمِ
عَلى أَنَّني مِن ذِكرِها كُلَّ لَيلَةٍ
- كَذي حُمَةٍ يَعتادُ داءَ سَليمِ
إِذا قيلَ قَد ذَلَّت لَهُ عَن حَياتِهِ
- تُراجِعُ مِنهُ خابِلاتِ شَكيمِ
إِذا ما أَتَتهُ الريحُ مِن نَحوِ أَرضِها
- فَقُل في بَعيدِ العائِلاتِ سَقيمِ
فَإِن تُنكِري ما كُنتِ قَد تَعرِفينَهُ
- فَما الدَهرُ مِن حالٍ لَنا بِذَميمِ
لَهُ يَومُ سَوءٍ لَيسَ يُخطِئُ حَظُّهُ
- وَيَومٌ تَلاقى شَمسُهُ بِنَعيمِ
وَقَد عَلِمَت أَنَّ الرِكابَ قَدِ اِشتَكَت
- مَواقِعَ عُريانٍ مَكانَ كُلومِ
تُقاتِلُ عَنها الطَيرَ دونَ ظُهورِها
- بِأَفواهِ شُدقٍ غَيرِ ذاتِ شُحومِ
أَضَرَّ بِهِنَّ البُعدُ مِن كُلِّ مَطلَبٍ
- وَحاجاتُ زَجّالٍ ذَواتُ هُمومِ
وَكَم طَرَّحَت رَحلاً بِكُلِّ مَفازَةٍ
- مِنَ الأَرضِ في دَوِّيَّةٍ وَحُزومِ
كَأَحقَبَ شَحّاجٍ بِغَمرَةِ قارِبٍ
- بِليتَيهِ آثارٌ ذَواتُ كُدومِ
إِذا زَخَرَت قَيسٌ وَخِندِفُ وَاِلتَقى
- صَميماهُما إِذ طاحَ كُلُّ صَميمِ
وَما أَحَدٌ مِن غَيرِهِم بِطَريقِهِم
- مِنَ الناسِ إِلّا مِنهُمُ بِمُقيمِ
وَكَيفَ يَسيرُ الناسُ قَيسٌ وَرائَهُم
- وَقَد سُدَّ ما قُدّامَهُم بِتَميمِ
سَيَلقى الَّذي يَلقى خُزَيمَةُ مِنهُمُ
- لَهُم أُمُّ بَذّاخينَ غَيرَ عَقيمِ
هُما الأَطيَبانِ الأَكثَرانِ تَلاقَيا
- إِلى حَسَبٍ عِندَ السَماءِ قَديمِ
فَمَن يَرَ غارَينا إِذا ما تَلاقَيا
- يَكُن مَن يَرى طَودَيهِما كَأَميمِ
أَبَت خِندِفٌ إِلّا عُلُوّاً وَقَيسُها
- إِذا فَخَرَ الأَقوامُ غَيرَ نُجومِ
وَنَحنُ فَضَلنا الناسَ في كُلِّ مَشهَدٍ
- لَنا بِحَصىً عالٍ لَهُم وَحُلومِ
فَإِن يَكُ هَذا الناسُ حَلَّفَ بَينَهُم
- عَلَينا لَهُم في الحَربِ كُلَّ غَشومِ
فَإِنّا وَإِيّاهُم كَعَبدٍ وَرَبِّهِ
- إِذا فَرَّ مِنهُ رَدَّهُ بِرُغومِ
وَقَد عَلِمَ الداعي إِلى الحَربِ أَنَّني
- بِجَمعِ عِظامِ الحَربِ غَيرُ سَؤومِ
إِذا مُضَرُ الحَمراءُ يَوماً تَعَطَّفَت
- عَلَيَّ وَقَد دَقَّ اللِجامَ شَكيمي
أَبَوا أَن أَسومَ الناسَ إِلّا ظُلامَةً
- وَكُنتُ اِبنَ ضِرغامِ العَدُوِّ ظَلومِ
سيل أشواقي
يقول عبد الرحمن العشماوي:
مُقِلٌ ولكن بهمَّتي الأغنى
- فما أشتكي نقصاً ولا أشتكي غَبْنا
أميرةَ قلبي لستُ بالشاعرِ الذي
- يُقدِّمُ باليُسرى ويأخُذُ باليُمنى
ولستُ الذي أصغي لكلِّ ناعقٍ
- إذا سمعَ الأبواقَ أصغى لها الأُذُنا
ولستُ الذي يخلو من الحبِّ قلبُهُ
- ويطعنُ ظهرَ الواثقينَ بهِ طعْنا
تعلَّمتُ من صفو الحياةِ وبؤسه
- دروساً عليها ظهرُ طالبها يُحنى
فَطِنتُ إليها منذُ أنْ غرَّد الصِّب
- وحرَّكَ أشواقاً غدوتُ بهام ُضنى
وأجرى بحارالشوقِ في نبضِ خاطري
- فلا تسألي ماذا رأينا وما ذُقنا
أُحبُّكِ لو أنَّ البلابلَ أدْركتْ
- حقيقةَ هذا الحبِّ ما ادَّخرتْ لحْنَا
ولو أنَّ حبي مدَّ للكونِ كفَّهُ
- لما قدَّرتْ ليلى هواها ولا لُبنى
ولو أنَّ تياراً منَ السيلِ جارف
- تحدَّرَ منْ أعلى الجبالِ إلى الأدْنى
ووطَّأ أكنافَ الهضابِ وساقه
- وحوَّلها من بعدِ شدَّتها عِهْنا
وسارَ إلى طول البلادِ وعرْضه
- ولمْ يُبقِ سقفاً للبيوتِ ولا رُكنا
ولم يُبقِ للأقدامِ فيها مواضِع
- ولمْ يُبقِ للناجينَ من سيلِهِ سُكْنى
وحوَّلَ آثار البلادِ ولم يدعْ
- لأحْسنها في مُقْلتيّ ناظرٍ حُسْنا
وغيَّرها سهلاً وتلاًّ وروضةً
- ولمْ يُبقِ للأشجارِ جِذعاً ولا غُصنا
شوق يروح مع الزمان ويغتدي
يقول إيليا أبو ماضي :
شَوقٌ يَروحُ مَعَ الزَمانِ وَيَغتَدي
- وَالشَوقُ إِن جَدَّدتَهُ يَتَجَدَّدِ
دَع عَنكَ نُصحي بِالتَبَلُّدِ ساعَةً
- يا صاحِ قَد ذَهَبَ الأَسى بِتَبَلُّدي
ما زادَ في أَسَفِ الحَزين وَشَجوِهِ
- شَيءٌ كَقَولِكَ لِلحَزينِ تَجَلَّدِ
ما زُلتُ أَعصيهِ إِلى أَن هاجَني
- ذِكرُ الحِمى فَعَصَيتُ كُلَّ مُفَنَّدِ
وَأَطارَ عَن جَفني الكَرى وَأَطارَني
- عَن مَرقَدي مَشيُ الهُمومِ بِمَرقَدي
في جُنحِ لَيلٍ مِثلِ حَظّي حالِكٍ
- كَالبَحرِ ساجٍ مُقفِرٍ كَالفَدفَدِ
أَقبَلتُ أَنظُرُ في النُجومِ مُصَعِّداً
- عَينَيَّ بَينَ مُصَوِّب وَمُصَعِّدِ
أَو واجِفٍ أَو راجِفٍ مُتَرَجرِجِ
- أَو نافِرٍ أَو حائِرٍ مُتَرَدِّدِ
يَمشينَ في هَذا الفَضاء وَفَوقَهُ
- يَمشينَ فَوقَ الأَكبُدَ
وَالبَدرُ مُنبَعِثُ الشُعاعِ لَطيفُهُ
- صافٍ كَذِهنِ الشاعِرِ المُتَوَقِّدِ
ما زالَ يَنفُذُ في الدُجى حَتّى اِستَوى
- فيهِ فَيا لَكَ أَبيَضاً في أَسوَدِ
وَالشُهبُ تَلمَعُ في الرَفيعِ كَأَنَّها
- أَحلامُ أَرواحِ الصِغارِ الهُجَّدِ
لك منزلٌ في القلب لا يتغيرُ
يقول المعولي العماني:
لك منزلٌ في القلب لا يتغيرُ
- وصفاءُ وُدٍّ قط لا يتكدرُ
ومودةٌ منا تقادمَ عهدُها
- وودادُ صدق باللقاءِ يفسرُ
ما جئتُ أطلبُ منك يوماً حاجة
- أبداً وظنِّي أنها تتعسّرُ
إن كنتُ قد قارفْتُ ذنباً غافلا
- في كسْبه أنا تائبٌ مستغفرُ
أو كنتَ أنتَ سمعتَ مِنى غيرَ مَا
- تَهْواه من طبعي أنَا مُتَعذِّرُ
حاشاكَ أن تجفو محبّاً مخلصاً
- لك وُدّه أبداً ولا يتغيرُ
عَهدِى بقلبك لِي ودادٌ باطنٌ
- لكن بحسن خلائقٍ لك يظهرُ
وإذا أتيتُك قبلَ ذا في حاجةٍ
- لا يعتريك تلكؤٌ وتعسرُ
واليومَ لا أدرى لأيةِ علةٍ
- مودودُنا عن حاجتي تَسْتنفرُ
أنا مُذْ عرفتُك ما تكدَّر خاطري
- أبدا وقد مرت سنونَ وأعصرُ
أنا لستُ أنسى ما حييتُ وِدادَكم
- لو مر ألفٌ في السنينَ وأكثرُ
أنا حافظٌ ودي لأهل مودتي
- مترفقٌ لو بدلُوا أو غيرُوا
أنا لا أجازي بالجفاءِ أحبتي
- لو أنهم بعد الصفاءِ تنمّرُوا
وإذا أتى مستغفراً من ذنبه
- خِلٌّ غفرتُ له ولا أتكبّرُ
يرث الممالك والمفاخر والعلا
- سيفُ بن سلطان الإمامُ الأطهرُ
يَعفُو عن الذنبِ العظيم تكرماً
- وتجاوزاً وهو الحليم الأقدرُ
دمْ إمامَ المسلمين موفَّقاً
- في كلِّ أمر صالحٍ لا يعسرُ
ما غردتْ ورْقاءُ أو هبت صَباً
- بين الغصون وما هَمَى مُسْحَنْفِرُ
تَمَلأَّ مِنْ شَوقِي إليك جَنَانِي
يقول الورغي:
تَمَلأَّ مِنْ شَوقِي إليك جَنَانِي
- فَهَلْ يبلغ المقصود مِنْكَ عِيانِي
وهل تَمْسَح الأجفانَ موطئ أخمُصٍ
- مَشَتْ مِنْ ذُرى العَليَا بِأي مَكَانِ
وهل أنظُرنْ يَوماً بِقاعاً نَظرَتَهَا
- بِعَينَيكَ أو مَرَّتْ بِهَا القَدمَانِ
أمانِيُّ مَا بَعْدَ الرّضَا مِنْكَ بَعْدَهَا
- لِذي صَفوَةٍ صُبَّتْ عَلَيهِ أمَانِي
يُقَرّبُهَا مِنِّي رَجَاءٌ يُقِيمُنِي
- وَيُقعِدنِي عنها شَحِيح زَمانِي
إذا انْبعَثتَ مِنْ جانِب الغَرب رِفقةً
- لِنَحْوكَ هَمَّ القَلْبُ بِالطَيَران
وَقَلَّبْتُ طَرفاً جَاريَ الرفع ماله
- بِقيمة طَرْف لِلجُنُوحِ يَدَان
وَلَو أمكنت مَا بِتُّ إلاَّ مُعَانِقاً
- بِسَاحَة فَتْح الله حُمرَ هِجَان
أحَدّثُهَا عَجْمَاء عَنْ طِيب نُجْعَتِي
- فَتُصْغِي وَلاَ تَعْيَا مِنَ الوجدان
وتُصْبِح كَالإمْسَاء فِي كُلّ مَنْزل
- تُقَصِّر طُولَ الخَطْو بِالنَّزَوَان
وَتَخْتَصر التوْديعَ منْ قَبْل رَادِس
- لِتنزِلَ مِنْ بَعدِ عَلَى صَلَتَانِ
إذا أبصَرَتْ قَصْرَ الفَلاَحِينَ لاَئِحاً
- فَفِي المَحرِسِ التْعريسُ بَعْدَ ثَمَانِ
وإنْ قَابَلَتْهَا قابُسٌ أودَنَتْ لَهَا
- طَرابُلُسٌ مَرَّتْ بِغَيرِ عِنَانِ
لِتَطوي إلَى مِصْرَ مَنَازِلَ بَعضُهَا
- لِبَعْضٍ وَإنْ طَالَ المَدَى مُتَدانِ
تَقُولُ فَمَا فِي البِرْكَةِ الآنَ مَبْرَكٌ
- يَطِيبُ وَقَلبِي لِلبُويْبِ دَعَانِي
وَلاَ فِي رُبا الخضْراءِ يَثْبُتُ مَنسِمِي
- وَلاَ في القِبابِ يَسْتَقِرُّ جِرَانِي
وَشَوقِي لِبِئْرِ النخل من قَبلِ إيلَة
- وَقُرْبِي لِقُرّ زَادَ فِي هَيَمَانِي
كَأنِّي إذا جِئتُ المَغَارَةَ حَالِمٌ
- لَهُ النبْكُ وَالأقصَابُ يَلتَقِيانِ
فَمَا لِي وَلِلحَورَاءِ يَنْبُعُ دَمْعُهَا
- وَدَمْعِي بِذاتِ الدَّهْنَوَينِ ثَوَانِ
أحِنُّ إلَى مَرْآى حُنَيْنٍ وَمَقْصَدِي
- مَبَادَرَتِي بَدراً بِغَيرِ تَوانٍ
لَعَلِّي أرَى مِنْ رَابِغِ بَعْدَ بَزوةٍ
- وَبِئرِ عَلِي عَزمَةَ المُتوانِي
فَأخلُصُ مِنْ وادِي السَّوِيقِ وَعَسْفِهِ
- إلَى مَجمَعِ الخَلصَا إلَى عَسَفَانِ
وَمِنَ بَطنِ مُرَّ وَالمَسَاجِدُ دُونَهَا
- بُيُوتٌ إلى البَيْتِ العَتِيقِ دَوَانِ
مَنَازِلُ لِلإسْعَادِ لاَ غَيرُ كُونَتْ
- كَفَتْنَا عَنِ الشَّرْطَيْنِ وَالدَّبَرَانِ
بَلَغْنَا بِهَا لاَ بِالسَّماكَينِ مَطمَحاً
- بِهِ الوَحْيُ وَالإرْسَالُ يَلتَقِيانِ
مَزَارٌ يَرُوحُ الزَّوْرُ مِنْهُ بِمَا أتَوا
- لَهُ مِنْ مِنىً عُظْمَى وَعقد أمَانِ
إذا مَا أفَاضُوا مُصدِرِينَ وَمَسَحُوا
- بِأيمَانِهِم منْ أسوَدٍ وَيَمَنِي
دَعَتْهُمْ إلَى الإقلاعِ كُدمٌ مُسِنةٌ
- تَخَيّرَهَا العَرَّافُ غَيْرَ سِمَانِ
تُبَاري مَهَبَّ الرّيِحِ إن قِيلَ طَيبَةٌ
- وَتُذرِي عَلَى الأطوَاقِ عِقدَ جُمَانِ
أمِن طَرَبٍ تَبكِي وَحَقَّ لِصَخرَةٍ
- تَكُونُ كَذا فَضلاً عنِ الحَيَوانِ
لِذاكَ تَرَى الرَّكْبَ المُجِدّينَ نَحوَهَا
- يَخُوضُونَ في بَحرٍ منَ الغَشيانِ
سَكَارَى وَلَكِنْ بِالحَبِيبِ وَذِكرِهِ
- جَرَى طَرَبُ الجِريَالِ فِي الشَّرَيَانِ
فَكَيفَ إذا قَامُوا وَمِنْ دُونِ قَبرِهِ
- إذا حُرّرَ التقْدِيِرُ قَيدَ بَنَانِ
هُناكَ فَحَدَثْ كَيفَ شِئْتَ عنِ الذي
- تَراهُ فَإنِّي مَا ارتَضَيتُ بَيَانِي
وَلاَ لَومَ إنْ أفحِمْتَ مِثْلِي فَإنهَا
- مَعَانٍ تُكِلُّ الفِكرَ إثرَ مَعَانِ
إذا مَدَحَتْهُ الآيُ قَبلِي فما عَسَى
- يُخَمِّنُ قَلبِي أو يَقُولُ لِسانِي
حِمَاكَ رَسُولَ اللهِ يَقبَلُ لاجِئاً
- أقَامَتْ لَهُ الأيامُ سُوقَ طِعَانِ
إلَى أين إنْ أغلَقْتَ بَابَكَ دُونَنَا
- وَحَاشَاكَ أنْ يُؤذَى بِعِرضِكَ جَانِي
أمَا إنَّكَ المَبْعُوثُ لِلخَلقِ رَحمَةً
- فَلَستُ إذا مَا كُنتَ لِي بِمهَانِ
وَمن شرْعكَ المَحمُودِ أنْ نُخلص الدُّعا
- لِذِي الأمرِ في حُبّ وَفِي شَنَآنِ
وَهَذا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ كَمَا ترى
- بِذِكرِكَ مَشغُولٌ بِكُلّ أوانِ
يُعَامِلُ مِنْ جَرَّاكَ أمَّتَكَ التِي
- تُوصّي بِهَا خَيْراً بِكُلّ حَنَانِ
وَيَروي أحَادِيثاً إلَيكَ استِنَادُهَا
- لِتَجزِيهِ خَيراً عَنْ فلٍ وَفُلاَنِ
وَلاَ تُلهِهِ الأشغَالُ عنْ نَشرِ طَيهَا
- صِحَاحٍ عَلَى طُولِ المَدَى وَحِسَانِ
وَلَكِنَّ فِي الجَعْفِي مِنْهُ مَحَبةً
- تُخلِصٌُ مِنْ ضِيقٍ وَمَسّ هَوَانِ
كَمَا أنهُ لَما بَنَى القُبَّةَ التي
- أجَادَ لَهَا الإحْسَانَ خَيْرَ مَكَانِ
حَمَى وَطْأهَا إلاَّ بِخَتْمِ صَحِيحِهِ
- بِإخلاَصِ نِياتٍ وَبَثَ مَثَانِي
فَكَانَ ابْتِداءُ الخَتمِ بَدْءَ دُخُولِهَا
- وَكَانَ بِلَيلِ القَدرِ فِي رَمَضَان
وَأنْتَ بِهَا يَا أكْرَمَ الخَلقِ حَاضِرٌ
- تُشَاهِدُ مَا يَأتِي بِهِ الثقَلاَنِ
عَسَى نَفْحَةً مِنْ فَيضِ فَضلْكَ تحتَوي
- وَتَشْمَلُ هَذا الجَمْعَ بِالسَّرَيَانِ
فَيَرْجِعُ رَاوٍ لِلحَدْيثِ وَسَامِعٌ
- وَمُنْبِي بمَا يَشْفِي الغَليلَ وَبَانِي
عَلَيكَ صَلاَةُ اللهِ ثُمَّ سَلاَمُهُ
- وَذَلِكَ طُراً ما التَوى المَلَوَان
طال شوقي إلى بقاع ثلاث
يقول ابن جبير الشاطبي :
طالَ شَوقي إلى بقاعٍ ثَلاث
- لا تشدّ الرِّحالُ إلا إليها
إنَّ للنفسِ في سَماء الأماني
- طَائراً لا يَحوم إلا عليها
قُصَّ منه الجَناحُ فهو مَهيضٌ
- كلَّ يَومٍ يَرجو الوقوع لديها