موضوع عن الصدقة
مفهوم الصدقة
الصدقة لغة العطية، والجمع منها صدقات، ويقال: تصدقت أي أعطيته صدقة، واسم الفاعل المُتصدِّق، أو المُصّدِّق أي المعطي، وقد ورد كلا اللفظين في القرآن الكريم أمّا المُتصدِّق ورد في قول الله -تعالى-: (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ)، والمُصّدِّق ورد في قول الله -تعالى-: (الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ)، أمّا الصدقة في الإصطلاح: فهي العطية التي يبتغي بها المسلم رضا الله -تعالى- وثوابه.
يُقصد بالصدقة لغة العطية، وفي الاصطلاح العطية التي يبذلها المسلم بغية نيل ثواب الله -تعالى-ورضاه.
أنواع الصدقة
هناك نوعين رئيسيين للصدقة وهما:
- صدقة الفرض: وتطلق على الزكاة، التي يُقصد بها لغة الزيادة والنمو، وفي الإصطلاح: اخراج جزء مخصوص من المال لفئات مخصوصة بشروط مخصوصة من بلوغ النصاب وحولان الحول، وهي من أركان الإسلام الخمسة وقد دلّ على فرضيتها قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وقوله -تعالى-: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، وسمّيت الزكاة بالصدقة لأنّ المسلم يتحرّى بها الصدق والإخلاص لله -تعالى-.
- صدقة التطوع: وهي الصدقة التي تُستحب في سائر الأوقات دون تخصيص لمقدارها وفئاتها، وقد دلّ على استحبابها قول الله -تعالى-: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً). وتنقسم صدقة التطوع إلى نوعين هما:
- صدقة جارية: وهي الصدقة التي يستمر ثوابها وأجرها بعد موت الإنسان، ومن الأمثلة عليها: بناء المساجد، حفر الآبار، غرس الأشجار.
- صدقة غير جارية: وهي الصدقة التي لا يستمر ثوابها بعد موت الإنسان ومن الامثلة عليها: رعاية المسنين، وكفالة الأيتام، تفطير الصائمين، اطعام الفقراء.
الصدقة نوعان: صدقة فرض وصدقة تطوع، وتنقسم صدقة التطوع الى نوعين هما: صدقة جارية وصدقة غير جارية.
مشروعية الصدقة من الكتاب والسنة
مشروعية الصدقة من الكتاب
هناك العديد من الآيات القرآنية الدّالّة على مشروعية الصدقة ومنها ما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ).
- قول الله -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).
- قول الله -تعالى-: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ).
مشروعية الصدقة من السنة
هناك العديد من الأحاديث النبوية الدّالّة على مشروعية الصدقة ومنها ما يأتي:
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ).
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(لا نُورَثُ، ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ).
ثبتت مشروعية الصدقة في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد أشير إلى ما يدلّ على ذلك في كل منهما.
آداب الصدقة
هناك العديد من الآداب التي يجدر بالمسلم الإلتزام بها عند دفع الصدقة واخراجها ومنها ما يأتي:
- تنقية القلب من الرياء والمباهاة والتفاخر: وهي أمور تعدّ سببا في العقاب يوم القيامة، وملئ القلب بالإخلاص لله -تعالى- فقد قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: (يؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ ألم أوسِّعْ عليكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عمِلتَ فيما آتيتُك قالَ كنتُ أصلُ الرَّحمَ وأتصدَّقُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ لَه كذَبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جَوادٌ وقد قيلَ ذلكَ) إلى قوله (أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ).
- مجانبة المنّ والأذى: وهما سببان في ابطال الصدقة وعدم قبولها لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، والعلم بأنّ المنّة لله -تعالى- وحده الذي أعطاه المال وأنعم عليه به، والعلم بأنّ الفقير صاحب المنّة عليه لقبوله صدقته فأمكنه من كسب الأجر والثواب من الله -تعالى-.
- الإسرار بالصدقة وعدم البوح بها والإعلان عنها: إلّا إذا كان في ذلك مصلحة راجحة، حيقث قال الله -تعالى-: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
- كون الصدقة من كسب طيب: فذلك أدعى في قبولها وزيادة الثواب المترتب عليها حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما تَصَدَّقَ أحَدٌ بصَدَقَةٍ مِن طَيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، إلَّا أخَذَها الرَّحْمَنُ بيَمِينِهِ وإنْ كانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو في كَفِّ الرَّحْمَنِ حتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ كما يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أوْ فَصِيلَهُ).
- قصد المحتاجين والبحث عنهم: بحيث لا تُعطى الصدقة إلّا لمَن عُرفت حاجته وفقره، ويجدر بالمسلم تقديم ذوي الرحم حال كونهم من أهل الحاجة ولا يوجد من يصلهم بالمال فيكون حقهم في الصدقة أعظم من حق غيرهم لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ).
حريّ بالمسلم الإلتزام بآداب الصدقة التي تمّت الإشارة إليها لا سيما الإخلاص لله -تعالى-، ومجانبة المنّ والأذى، والإسرار وعدم البوح بها.
الفئات التي تستحق الصدقة
بيّن الله -تعالى- أنّ الفئات المُستَحِقَّة لصدقة الفرض ثمانية وذلك من خلال قوله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)، أمّا صدقة التطوع فتستحب لكل مسلم، مع مراعاة الأشد حاجة إليها، وتقديم ذوي الرحم من أهل الحاجة والفقر لقول رسول الله -صلّى اله عليه وسلّم- الذي أشير إليه مسبقا: (إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ).
الفئات التي تستحق صدقة الفرض ثمانية وهي: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل، أما صدقة التطوع فتستحب لكل مسلم.
شروط قبول الصدقة
يُشترط لقبول الأعمال الصالحة والتي منها الصدقة شروط ثلاثة وهي كما يأتي:
- الإيمان بالله -تعالى-: حيث أنّ الله -تعالى- لا يقبل العمل إلّا من المؤمن لقوله -تعالى-: (وَمَن يَعمَل مِنَ الصّالِحاتِ وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلمًا وَلا هَضمًا).
- الإخلاص لله -تعالى-: حيث أنّ الله -تعالى- لا يقبل العمل إلّا إذا كان خالصا له وحده لقوله -تعالى-: (فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
- موافقة الهدي النبوي: حيث أنّ الله -تعالى- لا يقبل العمل إلّا إذا كان ممّا جاء به رسول الله، وذلك لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).
يُشترط لقبول الصدقة والتي توافق الهدي النبوي الإيمان بالله -تعالى- والإخلاص له.
فضائل وفوائد الصدقة
هناك العديد من الفضائل والفوائد المترتبة على الصدقة ومنها ما يأتي:
- تكفير الذنوب والخطايا: وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ) .
- أحد أسباب النجاة من حر يوم القيامة: وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:( كلُّ امرئٍ في ظلّ صدقتِه، حتى يُقضَى بين الناسِ).
- أحد أسباب البركة والزيادة: وذلك لقول الله -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
- أحد أسباب النصر والرزق: وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ).
فضائل الصدقة وفوائدها عديدة، لا سيما أنّها سبب في تكفير الذنوب والخطايا، والنجاة من حر يوم القيامة.