موضوع حول العدل والإنصاف
تعريف العدل
العدل لغةً من عدَلَ عدْلَاً وعُدُولاً وعدالَة، والعدل بين المتخاصمين هو الإنصاف بينهما وتجنب ظلمهمها، وإعطاء كل ذي حقٍ حقّه؛ أي يساوون به ما يعبدون، وعَدَل الشيءَ بالشّيء أي سواه بعد عدل، وعَدَلَ قوله فعله أي ساوى بينهما، وتأتي بمعنى استقام، وحاد ورجع، وأنصف، والعدل اصطلاحاً أن يعطي الإنسان من نفسه الواجب ويأخذه منها، وهو أيضاً تقدير الأمور مقاديرها واستعمالها في أوقاتها ووجوهها ومواضعها، من غير إسراف ولا تقصير، ولا تقديم، ولا تأخير.
العدل في الإسلام
إنّ العدل قيمة إنسانية أساسية جاء بها الإسلام وأقرها، وجلها واحدة من المقومات الأساسية في الحياة الأسرية والاجتماعية والسياسية، وقد ورد في القرآن ما يدل على أنّ العدل بين الناس هدف الرسالات السماوية كافة، قال تعالى: (قَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)، فبعثت الرسل بالعدل وأنُزِلَ الكتاب به، وقامت به السماوات والأرض، وفي الإسلام العدل قيمة أساسية لا تتأثر بحب أو بغض، كما لا يفرق بين الناس به بين حسبٍ ونسب، ولا بين فقير ولا غني، ولا بين مسلم وكافر، فيتمتع به جميع المقيمين على أرض الإسلام.
إنّ حقيقة العدل في الإسلام هو ميزان الله على الأرض، ووسيلة لرد الحقوق إلى أصحابها، فينصف به المظلوم، ويصل صاحب الحق إلى حق بأيسر الطرق، فالعدل حقّا لكل فرد في المجتمع، وأمر الإسلام الإنسان أن يبتدأ بالعدل مع نفسه أولاً، فيزن بين حقّها وحقّ ربه وحق غيره، لحديث: (آخى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بين سلمانَ وأبي الدرداءِ، فزار سلمانُ أبا الدرداءِ، فرأى أمَّ الدرداءِ متبذِّلةً، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أَخُوكَ أبو الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدنيا، فجاء أبو الدرداءِ، فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ فإني صائمٌ، قال: ما أنا بآكِلٍ حتى تأكلَ، فأكل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداءِ يقومُ، فقال: نَمْ، فنام، ثمّ ذهب يقومُ، فقال: نَمْ، فلما كان آخِرُ الليلِ، قال سلمانُ: قُمِ الآنَ، قال: فصَلَّيَا، فقال له سلمانُ: إن لربِّكَ عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فذكر ذلك له، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: (صَدَق سلمانُ)، وأمر بالعدل في القول، والعدل في الحكم، والعدل في الصلح.
الإنصاف
الإنصاف لغةً مصدره أَنْصَفَ، وإنصاف المظلوم أن يستفي حقّه، وذلك يعني إزالة الظلم عنه، وتأتي بمعنى عدل، وبمعنى بلغ نصف.
آداب أهل الإنصاف
هنالك آداب لأهل الإنصاف نذكر منها الآتي:
- التجرّد من الهوى، وتحديد القصد عند الكلام عن المخالفين، فقد تلتبس المقاصد، فمنها ما هو حب ظهور، أو تشفٍ وانتقام، أو انتصار لنفس وطائفة، ويجب الحذر في هذا المقام من التباس المقاصد.
- التثبت والتبيّن قبل إصدار أي حكم، والمسلم بهذا يمتثل لأمر الله تعالى، قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ).
- حسن الظن بالناس، وتحميل الكلام حسن المحمل.
- عدم نشر سئات المخالف، وترك حسناته.
- أن يكون النقد موجهاً للرأي وليس لصاحبه ذاته.
- ترك المجادلة.
- الحكم على الظواهر، وعدم التعرض للنوايا.