موضوع تعبير عن الزيادة السكانية
المقدمة: الزيادة السكانية تحدي العصر الحديث
أصبح ازدياد أعداد السكان في معظم دول العالم أمراً مثيراً للقلق؛ وخاصة في العقود الأخيرة في ظل افتقاد الحياة الكريمة وشح الموارد، مما يستدعي من السكان في كافة أنحاء العالم أخذ الأمر على محمل الجدّ والبحث عن أساليب للوقاية من تفاقم المشكلة، وأساليب أخرى لحل المشكلة والتقليل من آثارها السلبية.
لأن تزايد أعداد السكان بهذه الوتيرة سيؤدي إلى عواقب وخيمة يصعب تقدير خطورة آثارها بدقة.
العرض: الزيادة السكانية خطر يهدد الحياة
تعرف الزيادة السكانية عامة في بلد ما بأنها عدم التناسب بين عدد السكان وكمية الموارد المتاحة؛ ما يعرض المواطنين لمعاناة الفقر؛ ولكن عندما يكون أعداد المواليد طبيعيًا سيتوفر حينها الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن المجتمعي والأمن الصحي، وفي حال كانت الزيادة غير طبيعية في دولة ما فسيعاني أفرادها جميعًا من عواقبها.
وتكمن آثار الزيادة السكانية بما يأتي:
- عدم توفر الطعام الذي يؤمن للأفراد معيشة جيدة، مما يؤدي إلى ظهور المجاعات وأمراض سوء التغذية، وقد يؤدي ذلك إلى وفيات بشكل جماعي.
- انتشار السرقات نتيجة البطالة والفقر، إضافة للانحرافات المجتمعية الناجمة عن الفقر فيصبح الفرد مستعداً للقيام بأي فعل مشين.
- انتشار الأمراض والأوبئة المعدية ؛ وذلك لعدم تلقي كل فرد حقه من الرعاية الصحية وكفايته من العلاج.
- انتشار الجهل والسلوكيات الهمجية في ظل عدم تلقي الأفراد للتعليم في المدارس، وعدم حصولهم على حقهم في التربية.
- ارتفاع نسبة الهجرة غير الشرعية للهرب من الأوضاع المأساوية التي يمر بها الفرد دون وجود مفر منها في بلادهم.
- ارتفاع نسبة التلوث في الهواء وتضخم مشكلة الاحتباس الحراري نتيجة ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو.
لا أظن أن حل هذه المشكلة يأتي للحد من آثارها السلبية فقط، بل ليحظى كل إنسان في هذه الحياة في حقه من الموارد، فلا نريد حلاً يوقف المشكلة فقط، بل وينظم الأعداد ليصبح الأمر مريحًا وليس طبيعياً فقط، ولا يمكن حل مشكلة عالمية كهذه دون تعاون دولي عظيم يوحد الهدف وهو الحصول على حياة كريمة وحقوق متساوية للجميع.
ويعد تهاون الدول في وضع قوانين منظمة ورادعة للأفراد من أبرز الأسباب التي لا تساعد في حل هذه المشكلة؛ فلو وضعت الدول التي تعاني من زيادة سكانية قوانين لتنظيم الأسرة، وخاصة في تلك الدول التي ترتفع بها معدلات الإنجاب، بحيث تفرض غرامات على من يتجاوز القانون، حينها سيفكر رب البيت بضرورة استخدام وسائل تنظيم الأسرة والمباعدة بين المواليد.
ولا تعد تلك دعوة لمنع التكاثر وهي حاجة إنسانية فطرية منذ بدء الخلق، لأن مثل هذه الحلول غايته الأولى هو التنظيم وضمان نشأة الأسر نشأة سليمة من كافة النواحي وتحقق مصالح الأفراد بحيث يتمتعون بحقوق متساوية في الحياة والعيش الكريم، وتتجنبهم المذلة والإهانة.
ويصب ذلك أيضًا في مصلحة الأم والأب بعدم إثقال كاهلهم بأعباء متطلبات أبناءهم، ووقوفهم بنظرة تملؤها الحسرة وهم يرون أولادهم يتزاحمون لأجل الحصول على أبسط حقوقهم، وينبغي على الحكومات نشر الوعي بالدرجة الأولى في بلادهم لسلبيات التزايد السكاني الذي يشهده العالم.
لأن فهم المشكلة وانتشار الوعي حولها يعد جزءًا كبيرًا من الحل، إضافة إلى ضرورة نشر الوعي حول فكرة الزواج المبكر الذي ازداد بريقه في هذه الأيام، ونشر الوعي حول أهمية التعليم والعمل وبناء مستقبل جيد قبل التفكير في الزواج والتكاثر؛ لأن الجهل حول موضوع الزواج والغاية منه خلق مجتمعات غايتها الأولى والأخيرة هي التكاثر فقط.
ويقع على عاتق الحكومات أيضًا تحسين نوعية الموارد والحياة في الأرياف والقرى وخلق فرص عمل وحياة كريمة لسكانها؛ لأن الأرياف أصبحت تهجر ويرحل سكانها للمدن للبحث عن العمل ولقمة العيش؛ أي أن حل مشكلة كهذه يعد مسؤولية دول وأفراد ولن يجدي الأمر نفعاً في حال تنصلت الحكومات من المسؤولية تجاه حلها.
إن السيطرة على الزيادة السكانية من شأنه النهوض بكافة أطياف المجتمع من مؤسسات وأفراد وتحسين الأوضاع المعيشية؛ فعندما تكون الأعداد طبيعية سيأخذ كل مواطن حقه من العمل المناسب وسيزيد دخله ومن هنا سيصبح إنتاجه أفضل، الأمر الذي سينهض بوضع المؤسسات؛ لأن الهدف من العمل حينها لن يقتصر على كسب المال بل سيرتقي إلى تطوير المؤسسات.
وسيحظى العامل بالراحة المادية، ما ينعكس بالإيجاب على المرافق العامة والمؤسسات الحكومية بسبب عدم وجود ضغط عليها، فيتمكن الفرد من استخدامها وسيجاهد للحفاظ عليها دون مزاحمة أحد، ويعود ذلك على الدولة بالمنفعة الاقتصادية عندما تقل نفقات الإصلاح.
ولا شك أن الحد من مشكلة الزيادة السكانية يرتبط ارتباطاً وثيقًا بكل شيء حولنا، كما أن حلها يعد خطوة أولى للارتقاء بالمجتمعات خاصة مجتمعات الدول الفقيرة التي لا تصادر مواردها، ويعيشون الحياة بأقسى تفاصيلها إضافة لوجوب تضافر الجهود بين الدول والأفراد لحل هذه المعضلة.
الخاتمة: الزيادة السكانية من عبء التنمية إلى استثمار الثروة
ختامًا، يجب على كل أسرة منذ نشأتها أن يسعى الأب والأم فيها إلى التفكير في نوعية الحياة التي سيقدمونها لأبنائهم، وبأعداد أبنائها ومصالحهم؛ لأن أول حل لمشكلة الزيادة السكانية خاصة في الدول النامية يبدأ من قناعة الأسرة نفسها؛ فالدول لا تملك تحكماً في مواردها ولا تقدر غالبًا على تحسين نوعية الموارد المقدمة لها أو كميتها.
فبدلاً من السعي إلى إنجاب عدد كبير من الأفراد بهدف المباهاة والفخر بأعدادهم، ينبغي السعي إلى الفخر بهم، وقد تمكنوا من تحقيق ما يرنون إليه في ظل أسرة وفرت لهم العيش الكريم بالتساوي مع أقرانهم.