موضوع تعبير عن البتراء
البتراء مدينة ورديّة تتباهى بجمالها وعراقتها تقع في المملكة الأردنيّة الهاشميّة، تفتح ذراعيها دائمًا لتجرّب فيها رحلة سياحية لا تُنسى، فهي شاهدة على حضارة من أشهر الحضارات، ألا وهي حضارة الأنباط الذين اتَّخذوها عاصمة لدولتهم، وقد أصبحت البتراء مدينة الجمال والسحر والتفرّد، حتى غدت من عجائب الدنيا السبع ، وأصبحت محطّ اهتمام للسياح والزوار، وقد جرى اكتشافها في عام 1812م على يد المُكتشِف والرحّالة السويسريّ يوهان بوركهارت، واستمرَّت التنقيبات في تلك المنطقة فتمَّ العثور في عام 2016م على هيكل أثريّ ضخم ما زال مدفوناً في الرمال.
وما يُميّز البتراء هو أنها تُحفة رائعة وعمل فنّي خالص؛ نظراً لكونها منحوتةً نحتاً في الجبال الصحراويّة التي تتكوَّن من الحجر الرمليّ ذي اللون الورديّ الغامق، وهو ما جعلها أهمّ المناطق جَذباً للسيّاح في الأردنّ ، كما أنَّها تُمثِّل واحدة من أشهر وأهمّ المناطق التراثيّة في العالَم، علماً بأنّ ملايين الزوّار يقصدونها من أنحاء العالَم جميعها كلّ عام، ومن يراها يشعر بأنّها عروس زاهية تتزين بفستانها الوردي الجميل، كما سيشعر أنّ كلّ حجر فيها يُناديه ليلتفت إليه ويدوّن عنه كل جميل.
عند زيارتك إلى هذه المدينة الزاهية بلونها الوردي ستجد فيها العديد من المَعالِم البارزة المنحوتة بدقّة في الصخور الورديّة، والتي تُعتبَر مركزاً مهمّاً لجَذب الزوّار، والسيّاح من داخل المنطقة، وخارجها، وقبل أن تدخل إلى عمق الحضارة والجمال ستمرّ من السِّيق، وهو مَمرٌّ وطريق مُلتوٍ عندما تمشي فيه بين الجبال الشاهقة الأخّاذة ستشعر بالجمال الرهيب وتسيطر عليكِ مشاعر الدهشة والعَظمة، ويبلغ طوله حوالي 1200م، وارتفاعه نحو 80 م، أمّا عرضه فهو يتراوح بين 3 م- 12م، وبعد ذلك سترى الخزنة التي تُعَدُّ من أبرز مَعالِم المدينة، حيث تُوجَد في نهاية السِّيق، وقد سُمِّيت بالخزنة؛ بسبب الاعتقادات السائدة عند السكّان المَحلّيين (البدو) بأنّ الجرّة التي في أعلاها تحتوي على كنز.
ومما يُثير دهشتك في هذه المدينة التي تجمع في داخلها كلّ نفيس وعريق هو السدّ، وهو سَدٌّ تمّ بناؤه على طريقة الأنباط بواسطة الحكومة الأردنيّة في عام 1964م، أمّا المكان الذي أُنشِئ عليه فهو مكان السدِّ القديم الذي بناه الأنباط في الزمن القديم ذاته؛ بهدف الحماية من الفيضانات العارمة التي تُسبِّبها الأمطار خلال فصل الشتاء، ويُصادفكِ أيضًا قَبر المسلّات، وهو بناء أثريّ مُكوَّن من طابقَين، حيث يعود تاريخ إنشاء الطابق الثاني إلى القرن الأوّل قَبل الميلاد، وهو يضمُّ حجرة مُخصَّصة؛ لدَفْن الملوك، علماً بأنّها تحتوي على 5 قبور.
وإذا أكملت طريقك لتستكشف المدينة الوردية أكثر سيصادفكِ مدفن الحرير، الذي يقع بجوار قَبر المسلّات، وهو مبنى يبلغ ارتفاعه نحو 19م، وتتزيّن واجهته التي يبلغ عَرضها 11م بأربعة أعمدة مُلتصِقة بالجدار، علماً بأنّ تاريخ إنشاء هذا المبنى يعود إلى النصف الأوّل من القرن الأوّل الميلاديّ، أما المَسرح فهو يقعُ في وسط المدينة الورديّة، حيث يأخذُ شكل الدائرة بقُطر 95م، وارتفاع 23م، ومن الجدير بالذكر أنّ الأنباط نحتوا أجزاءه جميعها في الصخر عدا الجزء الأماميّ، علماً بأنّ تاريخ إنشائه يعود إلى القرن الأوّل للميلاد، وأضف إلى رصيد جولتكِ السياحية في مدينة البتراء مَعالِم أخرى عديدة، ومنها: الشارع المُعمَّد، وشارع الواجهات، وقبر القيصر، والقبر الكورنثي، ومدفن سكستوسفلورنتينوس، والكنائس، والحدائق، والمَعبد الكبير، ومعبد الأسود المُجنَّحة، ومُجمَّع أبنية البركة، بالإضافة إلى العديد من المَعالِم الأثريّة الأخرى.
مثَّلت البتراء قديماً موطناً للأنباط الذين جعلوا منها مركزاً للقوافل التجاريّة؛ فقد سيطر الأنباط على تجارة البضائع القادمة من الصين، والهند، والجزيرة العربيّة، حيث اشتملت هذه البضائع على العطور، والبهارات، والحرير، علماً بأنّ النشاط التجاريّ للأنباط ساهم في توسُّع دولتهم، وتحقيق الازدهار المادّي، والاكتفاء الذاتيّ، وهذا ما حافظ على هوّيتهم، وجعلهم قادرين على مُواجهة الحضارة اليونانيّة التي غَزَت المناطق المُحيطة، ومع مرور الوقت، تمكَّن الأنباط من إحكام سيطرتهم التجاريّة على المنطقة الواقعة بين دمشق وشمال الجزيرة العربيّة.
وفي الختام لا يسعنا أن نقول إلا أنّ البتراء عالم من السحر والجمال، تفاصيله الصغيرة لا تُنسى وتمنحكَ المزيد من المتعة والإثارة في اكتشاف هذه المدينة الوردية الرائعة، وفيها يسكن التاريخ العريق ويتحدث عن نفسه، فها هي أعجوبة الصحراء تحتضن كلّ نفيس وجميل، وتستقبل الجميع بصدر رحب من شتّى بقاع العالم.