مواصفات البئر التكنيزي
مواصفات البئر التكنيزي
لقد لجأ القدماء منذ القِدَم إلى تخبئة كنوزهم في أماكن آمنة، وقد تعددت طرق إخفاؤها والإشارات الموضوعة الدالّة عليها، وفي يومنا هذا يتسابق قانصو الآثار والباحثون عن الكنوز في البحث عنها، بعضهم يعمل بطرق رسمية والبعض الآخر بطرق غير رسمية، ويمكن للآبار أن تكون جنائزية وتكنيزية في ذات الوقت كما هو حال الآبار الفرعونية.
المواصفات المعمارية للبئر التكنيزي
استخدم القدماء البئر التكنيزي من أجل إخفاء الذهب وكل ما هو ثمين؛ ففي بعضها بعد حفر البئر يتم عمل غرفة مجوفة وتُغطَى بغطاء حجري من نفس الحجارة التي يُبنَى بها البئر العادي للتمويه وجعل اكتشافها أكثر صعوبة.
وقد شهدت الآبار تطورات على مراحل مختلفة، ففي العصر الفرعوني كانت الآبار الجنائزية يتم استخدامها أيضاً لتخبئة الكنوز والممتلكات الثمينة بالإضافة لهدف الدفن منها إيماناً من القدماء بوجود حياة بعد الموت والخلود والحاجة لكل ما هو ثمين في هذه الحياة القادمة.
فيما كانت آبار أخرى تبنى بطريقة مختلفة؛ حيث كان عمق البئر يصل حوالي 30 متر، ويتم ملؤه بأواني فخارية تحتوي على الرمال، ثم يتم بناء بئر ضيق بجواره بالعمق نفس ويكون هناك ممر أفقي ضيق يصل ما بين البئر العلوي والبئر السفلي، وعند الانتهاء يتم تكسير الأواني فيمتلئ البئر بالرمال، ويتم سد الممر بسدادات من الرمال، وفي النهاية يتم ردم البئر الصغير، وهذه الخطوات تجعل وصول السارقين للمقبرة وما تحويه أشد صعوبة قبل أن يغرقوا في رمال المقبرة.
مراحل تطور شكل البئر التكنيزي
مرت الآبار التكنيزية بتطورات متعددة على اختلاف حضاراتها للحفاظ على مقتنيات الميت من اللصوص، وظهرت هذه التطورات من خلال تغير مواصفات بناء هذه الآبار، فعلى سبيل المثال مرت آبار الحضارة الفرعونية ب 3 مراحل هي:
- مرحلة ما قبل التاريخ حيث الآبار السطحية غير العميقة.
- مرحلة آبار الأسر الأولى حيث كان يتم بناء مصطبة فوقها.
- مرحلة الآبار العميقة حيث تتسم بشدة بنائها وتعقيده وذلك لحماية الدفائن من السرقة.
أمثلة على الآبار التكنيزية
فيما يأتي نُوردُ بعض الأمثلة على مناطق أثرية تحوي آباراً تكنيزية في مصر منذ ما قبل التاريخ تم اكتشافها في عصرنا الحالي، وقد استخدمها الأمراء وحكام الأقاليم وعامة الشعب لأنها غير مكلفة.
ونهدف من خلال هذه الأمثلة المختلفة إلى توضيح مواصفاتها ومعالم اهتمام القدماء بها ونوعية محتوياتها وقدَم كل منها وفقاً لبعثات التنقيب مما يُظهر المعمارية الجيدة والتي ساهمت في وجودها حتى يومنا هذا:
منطقة سقارة
تُعتبَر سقارة أحد أهم المناطق الأثرية المصرية المسجلة على قائمة التراث العالمي، ففي عام 2020م بمقابر منطقة سقارة الأثرية أعلنت عن اكتشافات أثرية في منطقة أبواب القطط التي يوجد بها أشهر المقابر الفرعونية، حيث نتج عن عمليات التنقيب 3 آبار بأعماق مختلفة تتراوح ما بين 10-12 م، حيث عُثِر بداخل هذه الآبار على 59 تابوت خشبي.
وكانت هذه التوابيت ملونة ومغلقة ومرصوصة فوق بعضها البعض، ولم تقتصر فقط على هذا العدد، حيث نوَهَ القائمون على أن الاكتشاف الأثري لم ينتهِ بعد؛ وذلك لوجود طبقات من التوابيت ما زالت فوق بعضها البعض في هذه الآبار، وتتميز هذه المدفونات بأنها بحالة جيدة وتحتفظ بألوانها الأصلية رغم أنها تعود لعصر الأسرة 26.
مقابر دير البرشا الأثرية
تقع مقابر دير البرشا الأثرية جنوب العاصمة المصرية، واستُخدمت خلال عصر الدولة الوسطى للأشمونين، حيث شيدوا مقابر تم زخرفتها بإتقان كبير لدفن الحكام وكبار الموظفين ووضع مقتنياتهم معهم، وتم بها العثور على 4 آبار تحوي تابوتاً وأجزاء من الأثاث الجنائزي وآثار قيّمة مصنوعة من الألباستر والفاينس.
منطقة الخلوة بالفيوم
في عام 2018م كشفت بعثة أثرية مصرية عن بئر شرق مقبرة الأمير واجي من عصر الدولة الوسطى بمنطقة الخلوة في الفيوم، ويضم البئر 3 حجرات للدفن فيها تماثيل وأواني فخارية ورؤوس أواني كانوبية وأحشاء موتى.