مهارات البحث العلمي
تعريف مهارات البحث العلمي
تتعدّد تعريفات مهارات البحث العلمي ، حيث يتمّ تعريفها بأنّها مجموعة الاستراتيجيات المُتّبعة والأدوات المستخدمة للوصول إلى المعلومات المطلوبة وتقييمها، كما تُعرّف بأنّها استخدام أدوات البحث العلمي لاستنتاج الحقائق ونقدها وتحليلها واتخاذ القرارات فيما يخصّها.
أمّا التعريف الإجرائي للمهارات البحثية فهو القدرة على تحديد مشكلة البحث بدقة؛ للتوصل للنتائج التي يتمّ ربطها بنتائج دراسات سابقة في نفس المجال، وتفسيرها، ومعالجتها، وتحليلها، وذلك من خلال تصميم أدوات جمع البيانات والبحث في مصادر المعلومات الموثقّة علمياً.
حيث يُعتبر مصطلح مهارات البحث العلمي مفهومًا واسعًا يشمل الأمانة العلمية، ودقة الملاحظة، والعمل الجماعي، وتحديد المشكلة، ونوعية المعلومات المطلوبة، وتحليلها، كما تشتمل المهارات البحثية على طرق اختيار أساليب البحث العلمي المناسبة للحصول على المعلومات من مصادر مختلفة، ودمجها، وترتيبها في تسلسل منطقي مترابط.
تصنيف مهارات البحث العلمي
لم يُجمع العلماء على تصنيف واحد للمهارات البحثية، وفيما يأتي أهم التصنيفات وأشهرها:
- تصنيف العالمين كيرلنجر ولي لمهارات البحث العلمي
- مهارات التفكير الناقد
وتشمل مهارات المنطق، والإبداع، والتفكير التصوّري، والتغذية الراجعة.
- مهارات حل المشكلات
وتشمل القدرة على تحديد مشكلة البحث، وتعريفها، وتحليلها؛ بهدف إيجاد حلول مبتكرة لها.
- مهارات التحليل العلمي
وذلك من خلال معالجة أشكال البيانات المختلفة؛ كالرسوم والاختبارات الإحصائية.
- مهارات الاتصال
أيّ التواصل مع الآخرين فيما يتعلّق بنتائج البحوث وأهدافها.
- تصنيف الشمري لمهارات البحث العلمي
شمل هذا التصنيف جميع المهارات البحثية، وهي كالآتي:
- مهارات الحصول على المعلومات
وذلك من خلال استخدام مصادر البحث المختلفة؛ كالكتب والإنترنت، للحصول على المعلومات، ونقدها، ونقد مصادرها، وتبادلها مع الآخرين إلكترونيًا.
- مهارات تنفيذ خطوات البحث العلمي
اختلف العلماء في تحديد خطوات مُرتبة لتنفيذ البحث العلمي؛ فقد حصرها كلّ من كيرلنجر ولي وليدي وأورمورد في تحديد مشكلة البحث حيث يعتبرونها محور جميع عناصر البحث الأخرى، أمّا باقي العلماء فقد وضعوا خطوات متشابهة للبحث العلمي تتمثّل بشكل عام في تحديد المشكلة وصياغة فروض البحث واختبارها، واختيار منهج البحث و أدوات البحث المناسبة ، ثمّ تحديد العيّنة المناسبة للبحث لجمع البيانات وتحليلها إحصائيًا، ثمّ صياغة المُسلّمات والفرضيات، ثمّ صياغة النتائج والتوصيات وتفسيرها من خلال كتابتها في تقرير البحث.
- مهارات كتابة البحث العلمي
تتعدّد مهارات كتابة البحث العلمي، ومن أهم تلك المهارات ما أشار إليه القحطاني وآخرون؛ كالموضوعية، والبساطة، واللغة والصياغة السليمتين، وإيجاد هيكل عام للبحث يشمل عناصره الرئيسية، والاستعداد لاحتمالية التعديل أو إعادة الكتابة بشكل مستمر.
- تصنيف سيكاران لمهارات البحث العلمي
يرى سيكاران أنّ مهارات البحث العلمي تتمثّل فيما يأتي:
- صياغة عنوان البحث
بحيث يجب أن تتحقّق ثلاثة عناصر أساسية في العنوان؛ هي: الشمولية، والوضوح، والدلالة.
- تحديد خطوات البحث وأهدافه وحدوده
وذلك من خلال تحديد مشكلة البحث، ثمّ وضع الفرضيات، ثمّ تحديد طريقة جمع البيانات والمعلومات وتحليلها.
- الإلمام الكافي بموضوع البحث
بحيث يتناسب البحث وموضوعه مع إمكانات الباحث.
- توافر الوقت الكافي
حيث يجب أن يُحدّد الباحث مدّةً زمنيةً لإنجاز بحثه تتناسب مع الحدود الموضوعية والمكانية له.
- وضوح أسلوب الكتابة
بحيث يكون موضوع البحث مكتوباً بأسلوب مُشوّق يجذب القارئ لقراءته كاملاً.
- الموضوعية
أيّ الابتعاد عن التحيّز في الوصول للنتائج.
أخلاقيّات البحث العلمي
تُعَدّ أخلاقيّات البحث العلميّ من أهمّ مباحث علم الأخلاق، ويُقصد بها إحياء المبادئ والآداب الخاصّة بالبحث العلميّ لدى كلٍّ من الباحثين، وطُلّاب العلم، وغيرهم، وهي بذلك تُحافظ على كيان العلم، وتعزز القيم الأساسية للعمل التعاوني، وتساهم في الحصول على دعم عام للبحث العلمي، هذا إلى جانب حماية حقوق المشاركين في البحث.
أخلاقيات الباحث العلمي
من أبرز الأخلاقيّات التي يجب على الباحث الاتّصاف بها ما يأتي:
- الأهليّة للبحث العلميّ
أيّ أن يكون لدى الباحث الخبرة بالتخصُّص الذي يُجري حوله بحثه.
- احترام المُلكيّة الفكريّة والدقّة في نقل آراء الآخرين
حيث إنّ من الأمانة العلميّة أن ينسب الباحث الآراء لأصحابها، ولا أن ينسبها إلى نفسه، كما أنّ على الباحث ألّا يتسرَّع في نقل آراء الآخرين؛ لانّ لهذا الأمر أثر سلبي على الباحث.
- التزام النقد الهادف
بحيث لا يتحوّل الباحث إلى ناقد، بل لا بُدّ من أن يلتزم النقد الهادف فقط في بحثه.
- الموضوعيّة والإنصاف
بحيث يكون نقاشه مبنيّاً على الأدلّة العلميّة والحجج التي تؤدّي إلى الوصول إلى الحقيقة.
- التواضع العلميّ
حيث يتمثّل التواضع العلمي باستعداد الباحث لتقبُّل نقد الآخرين.
- الصدق
حيث إنّ على الباحث أن يلتزم الصدق في بحثه سواء بالقول أو بالعمل، كما أنّ عليه أن ينقل نتائج بحثه بكلّ أمانة.
- عدم استغلال المواقف
وهذا يقتضي منه عدم تحريف أقوال المُستهدَفين في البحث؛ بهدف الوصول إلى النتائج التي تخدمُ هدف بحثه.
- التمتُّع بالصبر والعزيمة
بحيث يكون يكون مثابراً وصامداً في وجه الصعاب التي تُواجهه للتغلُّب عليها.
- الحفاظ على سرّية المعلومات
بحيث لا يكشف الباحث عن هُويّة المُستَهدفين أو أسرارهم في أيّ وقتٍ من الأوقات.
- الحصول على الموافقة
أيّ أن يُخبر الباحث من يريدون العمل معه في بحثه ويحصل على موافقتهم.
- عدم التأثُّر بالأفكار أو بالأشخاص
حيث إنّ على الباحث ألّا يُؤيِّد فكرةً ما تبعاً لشعبيّتها أو تأييد شخصٍ ما لها أو ما إلى ذلك.
- البعد عن الانفعال
حيث إنّ الانفعال من شأنه أن يُعرقل التفكير المنهجيّ والمُنظَّم، ممّا يؤثّر سلباً على البحث.
أخلاقيات البحث العلمي
هناك قيم أخلاقية فيما يتعلَّق بالبحث العلميّ نفسه، وفي ما يأتي بعض منها:
- الاستعداد للإجابة عن العديد من الاستفسارات؛ كبيان هدف الدراسة، وأثر النتائج على المجتمع أو على قطاع مُعيَّن، والمدّة اللازمة لجمع البيانات، والقيمة المُتوقَّعة للنتائج، ومدى المشاركة في تطبيق أدوات جمع المعلومات من قِبَل المسؤولين.
- الأمانة العلميّة وعدم تزييف المعلومات التي تمّ جمعها، وإلّا يُعدّ البحث غير مقبول.
- تقديم المعرفة دون أيّة إساءة إلى المُعتقدات أو العادات، وما إلى ذلك.
- الحق في بقاء من يُشارك في البحث مجهول الهويّة، بحيث تظلّ المعلومات الخاصّة به محفوظةً بشكلٍ سرّي، وعدم تقديمها لأيّ جهة.
- الحصول على موافقة المبحوثين، واحترام كرامتهم، ودياناتهم، وثقافاتهم، إضافةً إلى الحفاظ على خصوصيّتهم، وعدم جرح مشاعرهم، أو التسبُّب لهم بأيّ ضرر، واحترام رغباتهم، واطلاعهم على نتائج البحث، وتحقيق الفائدة لهم.
- الحصول على الموافقات الخاصّة بالبحث قبل جمع المعلومات من المبحوثين، وذلك من قِبَل الجهات الرسميّة والمسؤولة، وعدم استخدام هذه المعلومات إلّا لغايات البحث العلميّ فقط.
كيفية تطوير مهارات البحث العلمي
فيما يأتي بعض الطرق والنصائح التي تساعد على تطوير مهارات البحث العلمي:
بدء البحث بشكل موسَّع ومن ثم التخصص شيئًا فشيئًا
يتيح بدء البحث العلمي بشكل موسع الاطلاع على الموضوع من جميع جوانبه والإلمام بجميع تفاصيله، ويكون ذلك ببدء البحث بشكل عام مع القراءة والاطلاع على جميع الجوانب المعنية بهذا البحث، ثم التعمق في كل منها شيئاً فشيئًا، والبحث التفصيلي فيها، وهذا يعطي الباحث الصورة الكاملة عن بحثه ويجعله محيطًا بجميع التفاصيل والعوامل المؤثرة فيه.
اختيار المراجع الموثوقة
يعتبر تمييز المراجع الموثوقة من غيرها من أهم مهارات البحث العلمي التي تدل على تمكّن الباحث، فالارتكاز على المراجع الصحيحة هو أساس بناء بحث علمي موضوعي، ويكون تمييز المراجع الموثوقة من خلال استخدام محركات البحث الخاصة بالأبحاث والتحقق من المعلومة من خلال إجراء عدة قراءات حول الموضوع والمقارنة بينها.
التنظيم وترتيب الأفكار
يتيح تنظيم المهام القيام بكل منها بشكل متكامل، كما يضمن عدم ضياع أو نسيان إحداها، ويبدأ التنظيم منذ جمع البيانات في بداية البحث، وخلال تحليلها، وحتى الوصول إلى النتائج.
استغلال المصادر
إن كان الباحث منتسبًا لمؤسسة أكاديمية فغالبًا توفر هذه المؤسسات اشتراكات مفتوحة للعديد من المصادر العلمية التي يمكن أن يصل إليها الباحث مجانًا، وبالإضافة للمكتبات وقواعد البيانات التي تتيح الوصول إلى العديد من المراجع.
المرونة والاستعداد للمعرفة
من أهم وسائل تطوير مهارات البحث ألّا يكون الباحث متحيزًا، إذ إنّ تحيّز الباحث لن يساعد على تطوير مهاراته ولن يؤدي إلى إنتاج معرفة جديدة، وإنما سينتج إثباتات لمعارفه السابقة بسبب تحيزه لها، لذلك فإن المرونة في البحث تعطي الباحث رؤية جديدة موسعة في موضوع بحثه.
كما أنّ التدرّب المستمر يساعد على زيادة التمكن من العديد من مهارات البحث العلمي، ومن الأمثلة على الأمور الواجب التدرب عليها ما يأتي :
- التدرّب على مهارات التفكير الناقد
وذلك من خلال التدرّب على القراءة الناقدة البنّاءة، أي القراءة بهدف المعرفة والتعلم، و التدرب على كتابة البحث العلمي بطريقة موضوعية، أي الكتابة الشاملة لكل الجوانب دون إخفاء جزء منها أو التحيز لبعضها.
- التدرّب على الوصول إلى النتائج بالاستدلال والحجة والبرهان
ويشمل فهم وتطبيق المنهج الاستقرائي أو الاستنباطي من خلال التفكير المنطقي وذلك من أجل الوصول إلى نتائج صحيحة.
- التدرّب على صياغة الأطروحة
حيث يمكن صياغتها من ناحية تحليلية، أو تفسيرية، أو جدلية، حيث يمكن تصوير الأطروحة من عدة وجهات نظر أو نواحٍ مختلفة، جميعها تتطلب طرح وتحليل البيانات، ومناقشتها ودعمها بالأدلة.