منزلة عبدالرحمن بن عوف
منزلة عبد الرحمن بن عوف
اتصف عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- بالكثير من الصفات ، الأمر الذي أكسبه مكانةً ومنزلةً عالية بين الصحابة الكِرام، ومن هذه الصِفات ما يأتي:
- أحد العشرة المُبشرين بالجنة، وكان من الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة الذين رضي الله -تعالى- عنهم، لِقولهِ -تعالى-: (لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشّجَرَةِ)، وهو من أهل بدر الذين عدّهم الصحابة من أفضل الناس، لما جاء في الحديث: (جَاءَ جِبْرِيلُ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: ما تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قالَ: مِن أفْضَلِ المُسْلِمِينَ -أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- قالَ: وكَذلكَ مَن شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلَائِكَةِ).
- أحد الذين شاركوا في معركة بدر الذين قيل فيهم: "اعملوا ما شئتم فقد غُفر لكم"، كما أنه كان من الصحابة البررة بأُمهات المؤمنين، فقد كان يُنفق عليهنّ.
- أحد الصحابة الذين كانو يخافون من بسط الدُنيا، وكان يبكي من أجل ذلك.
- أحد الصحابة الذين كانوا يعملون بالتِجارة وبارك الله -تعالى- لهم في ذلك، وكان كثير التواضع، فقد ورد عنه أنه كان لا يُعرف من بين عبيده، كما أنه كان كثير الإنفاق والصدقة، فقد جاء عنه أنّه تبرّع أربعين ألفاً في يومٍ واحد على قبيلته، وعلى أُمهات المؤمنين، وعلى فُقراء المُسلمين.
- أحد الستة الذين عينهم عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أهل الشورى؛ ليختار المُسلمين واحداً منهم ليكون خليفةً لهم من بعده، ولكنه عزل نفسه واختار من اختاره الباقون.
- أحد السابقين إلى الإسلام، فقد كان أحد العشرة الأوائل دُخولاً في الإسلام، حيث أسلم بعد أبي بكر -رضي الله عنه- بيومين.
- أحد الصحابة الذين غيّر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أسماءهم، فقد كان اسمه عبد عمرة فغيّره إلى عبد الرحمن.
- أحد أوائل المُهاجرين من مكة إلى المدينة، كما هاجر إلى الحبشة، وآخى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بينه وبين سعد بن الربيع من الأنصار، ولكنه كان عفيفاً عن ماله وبما أعطاه الله -تعالى- من مال.
- أحد الذين شاركوا في تجهيز جيش تبوك، فقد تبرّع بمئتي أوقية من الذهب، ودعا له النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بأن يُبارك له في تجارته وماله، فكان من أغنياء الصحابة.
جهاد عبد الرحمن بن عوف وشجاعته
كان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- ممن شارك في غزوة بدر ، وكان ممن تشارك مع أبي بكر وعُمر -رضي الله عنهم- في الرُّكوب على نفس البعير، وكان له دورٌ بارزٌ في مقتل أبي جهل عند دلالته لأبناء عفراء عليه، وكان ممن شارك في غزوة أُحد وشاهد مقتل أُمية بن خلف، وكان أحد العِصابة الأربعة عشر الذين ثبتوا مع النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ودافعوا عنه، وجُرح إحدى عشر جُرحاً، وقتل عدداً من المُشركين فيها.
كما أنه شهد غزوة بني النضير في السنة الرابعة للهجرة، وشهد غزوة الخندق بعدها بسنة، وغزوة بني المُصطلق، ويُطلق عليها أيضاً غزوة المريسيع، كما شهد غزوة بني قُريظة، وغزوة ذي قرد من السنة السادسة للهِجرة، وعيّنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قائداً على سرية دومة الجندل من السنة السادسة للهجرة، كما أنه شهد غزوة الحُديبية، بل وكان ممن شهد الصُلح بين المُسلمين وقُريش، وشهد غزوة خيبر، وفتح مكة، وغزوة حُنين، وحصار الطائف، وغزوة تبوك.
فهو من الصحابة الذين شهدوا بدراً وجميع المشاهد بعدها، ويذكُر أن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- صلّى خلفه في غزوة تبوك، وكان هو أحد القِلة الذين ثبتوا في الدِفاع عن النبي -عليه الصلاةُ والسلام- في غزوة أُحد ، وعيّنه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قائداً في سرية بعثها إلى دومة الجندل.
زهد عبد الرحمن بن عوف وإنفاقه في سبيل الله
توجد الكثير من مواقف عبد الرحمن بن عوف التي يظهر فيها زُهده وكثره إنفاقه، ومنها ما يأتي:
- زُهدُه: لما حضرت عبد الرحمن بن عوف الوفاة بكى من بسط الدُّنيا عليه، وتذكر موقف تكفين مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه- بِبُردة، إن غُطّي رأسه بدت منه رجلاه، وإن غُطّي رجلاه ظهر رأسه، ولما جيء له بصحيفةٍ فيها خُبزٌ ولحم بكى، فسُئل عن ذلك؛ فأجاب أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مات ولم يشبع من خُبز الشعير هو وأهل بيته، ومما ساعده على اتصاف بالزُهد مُصاحبته للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وتفكره بحقيقة الدنيا، وأنها دارُ ابتلاءٍ واختبار، وأنها طريقٌ للآخرة.
- إنفاقُه: كان عبد الرحمن بن عوف كثير الإنفاق في سبيل الله -تعالى-، ورُوي عنه أنه باع أرضاً بأربعين ألفاً، وأنفقها في يومٍ واحد على أُمهات المؤمنين، وفُقراء المُسلمين، وعلى أهله، وأنفق خمسمئة فرس في سبيل الله -تعالى-، وأوصى عند موته بخمسين ألف دينار تُنفق في سبيل الله، وتصدّق بِنصف ماله، وأوصى عند موته بأربعمئة دينار للبدريين، وأوصى بألف فرس في سبيل الله، الأمر الذي ساعد على مُباركة الله -تعالى- له في ماله.
- وقد كان يقولُ عن نفسه: "إنه لو رفع حجراً لوجد تحته ذهباً وفضة"، وأوصى بِثُلثي ماله لله، ولكن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أرشده بأن يتبرع بِثُلثه فقط، ومن كثره إنفاقه قيل عنه: "أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله، ثُلث يقرضهم، وثُلث يقضي عنهم ديونهم، وثلث يصِلَهم ويُعطيهم"، فكان جهادهُ بالمال أكثر من جهاده بالنفس؛ لِكثرة إنفاقه وتصدُقه، حتى أنه تصدّق بمئتي أوقية من الذهب تجهيزاً لجيش العُسرة في غزوة تبوك.