مناهج البحث في الأنثروبولوجيا السياسية
الأنثربولوجيا السياسية
تعّد الأنثروبولوجيا السياسية من العلوم التي تناولت تحليل القوة والقيادة والتأثير في جميع أبعادها الاجتماعية والثقافية والرمزية والطقوسية والسياسية، وقد تناولت أيضاً الكشف عن أشكال السلطة في كل من الدولة والمجتمعات، بالإضافة إلى ديناميات الهوية السياسية والعنف الاجتماعي والسياسي والقومية والعرقية والاستعمار والحرب والسلام وأنماط المصالحة السياسية وبناء السلام، ولتحقيق ذلك فقد اعتمد الباحثون والعلماء على عدة مناهج علمية في تناولها للمجالات المتعددة في الأنثربولوجيا السياسية.
نشأة الأنثربولوجيا السياسية
بدأت الأنثروبولوجيا السياسية في القرن التاسع عشر حين حاول باحثون مثل لويس مورغان وهنري ماين القيام بتتبع عملية تطوّر المجتمعات البشرية من المرحلة البدائية إلى أشكال أكثر تطوراً وتعقيداً، وتلك المحاولات المبكّرة كانت تتسم بطابع العنصرية والمركزية العرقية، ومع ذلك فقد كانت تلك الدراسات بمثابة قواعد في بناء الأنثروبولوجيا السياسية من خلال إجراء دراسات حديثة انعكاساً إلى روح العلم الحديث، كما قام الباحثون بالتركيز على روابط القرابة كمفتاح لفهم النظام السياسي في المجتمع البشري، وأكدوا على دور النَسَب كموضوع للدراسة.
مناهج البحث في الأنثربولوجيا السياسية
إن الأنثربولوجيا السياسية أحد العلوم الإنسانية التي استخدمت المنهج العلمي في تناولها للظواهر السياسية، وهناك مجموعة من مناهج البحث التي يستخدمها الباحثون في مجال الإنثربولوجيا السياسية، وهي:
المنهج التكويني
يعد من أوائل المناهج البحثية في الأنثربويوجيا السياسية، والذي يقوم على طرح أسئلة حول مسائل المنشأ والتطوّر طويل الأمد، وتحوّل المدينة البدائية ومسيرتها، تحوّل المجتمعات من المجتمع المبني على القرابة إلى المجتمعات السياسية، وقد ظهر ذلك المنهج في أبحاث العلماء الأوائل (ماك ليود، كتابات ماركس) والتي أدخلت على ذلك المنهج مظهراً ديالكتياً عن تطوّر المجتمعات.
المنهج الوظائفي
يدرس هذا المنهج اعتماداً على نوع المؤسسات السياسية في المجتمعات البدائية، فهو يؤدي إلى التعامل مع التنظيم السياسي كأحد مجالات التنظيم الشامل للمجتمعات، حيث يتعلق هذا النموذج تحديداً بتحديد العلاقات السياسية وما تبنيه من نظم دون الاهتمام بتوضيح طبيعة الظاهرة السياسية.
المنهج النموذجي (التصنيفي)
وهو امتداد للمنهج الوظائفي، والذي يسعى إلى تحديد نماذج الأنظمة السياسية وتصنيف أشكال تنظيم الحياة السياسية، حيث من الممكن بناء سلسلة من النماذج ممتدة من أنظمة ذات حكم بالحد الأدنى حتى أنظمة الدولة التامة البناء، متقدمة من نموذج نحو النماذج الأخرى، وتنتظم تلك المجتمعات بطريقة أكثر تعقيدًا وتتركز بعد ذلك.
المنهج الاصطلاحي
تعّد من إحدى المبادرات المتميزة في مجال البحث بالأنثربولوجيا السياسية، والتي أحدثها العالم (سميث) ، والتي سعت لتحليل بعض المفاهيم السياسية: (عمل سياسي، منافسة، سلطة، الحكم،..) وبطريقة نافعة وفعّالة في إدارة النتائج، حيث قامت بتناول العمل السياسي بطريقة تحليلية، وذلك من أجل الكشف عن الناحية المشتركة لكل تلك الأنظمة السياسية ، وكذلك اهتمت على أن يكون إعداد هذه المفاهيم تاماً وبطريقة منهجية.
المنهج البنيوي
يقوم هذا المنهج على دراسة المجال السياسي من خلال نماذج بنيوية، فهو ينظر إلى السياسة من جانب العلاقات الشكلية، والتي تحلل علاقات السلطة القائمة فعلاً بين الأفراد وبين الجماعات، كما يرى أن لا بد بالاهتمام بالأبنية السياسية قبل الأبنية الاجتماعية حيث تعتبر البنى السياسية الأنظمة المجردة داخل المجتمع.
المنهج الديناميكي
يكمّل هذا المنهج بشكل جزئي المنهج البنيوي من خلال تصحيح بعض نقاطه؛ فهو يقوم بدراسة ديناميكية البنى وكذلك نظام العلاقات التي تكونها، أي أخذ التعارضات والتناقضات والتوترات والحركة الملازمة لكل مجتمع بعين الاعتبار، كما ويفرض هذا المنهج نفسه كأنثروبولوجيا سياسية خصوصاً وأن الميدان السياسي هو الميدان الذي تلتقط فيه تلك التعارضات والتناقضات والتوترات بشكل أفضل، ويترك فيه التاريخ بصماته بأوضح ما يكون.