من هن المحصنات
المعنى الأول: المحصنات العفيفات
قال العلماء في تعريف مصطلح المحصنات في سياق ما جاءت به الآيات القرآنية الكريمة، بأنّهن الحرائر العفيفات، ومن الآيات القرآنية التي وردت فيها لفظة المحصنات بهذا المعنى قوله -تعالى-: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ)، وقد وُصفت المرأة المحصنة بذلك؛ لأنّها حفظت عرضها وصانته من الوقوع في أمر قد نهى الله -تعالى- عنه.
المعنى الثاني: المحصنات من سبق لهن الزواج
جاء في القرآن الكريم موضع يوضح معنى ثانٍ لكلمة المحصنات، وهي مَن سبق بها الزواج، وقد جاءت هذه اللّفظة هنا في سياق بيان حد الزنا للمحصنين سواء من الرجال والنساء.
وقد جاءت في الآية الكريمة التالية؛ قال -تعالى-: (فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
عقوبة قذف المحصنات
القذف هو اتّهام أحد ما بجريمة الزنا أو اللّواط، وقد حُرّم القذف في الشريعة الإسلامية في الكتاب، والسنة، والإجماع، وللقاذف عقوبتان في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة، وبيان ذلك كما يأتي:
- العقوبة في الحياة الدنيا
عليه عقوبة الجلد ثمانين جلدة، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)، ولا تقبل شهادته، و اعتباره فاسقًا ما لم يثبت صدق دعواه، وإثبات صدق دعواه يكون بأن يأتي صاحب الدعوى بأربعة شهداء يثبتون صحة ما قاله بما يخص دعوى الزنا أو اللّواط، فإن لم يأت بالشهداء، يعاقب حينها القاذف بالجلد.
- العقاب في الحياة الآخرة
ثبوت اللّعنة عليه، وشهادة أعضاءه ضدّه، وعذابه في نار جهنّم، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* يومئذ يوفيهم الله يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ).
- اعتبارها من السبع الكبائر
قد عدّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قذف المسلمين من السبع الكبائر ؛ فعن أبي هريرة قال رسول الله -صلّى الله عله وسلّم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).
وتأتي الحكمة من إيجاب العقوب في الحياة الدنيا لسد باب الفساد المجتمعي من انتشار هذه الظاهرة لعدم وجود رادع يردع من لا يمنعه إيمانه عن مثل هذه الأفعال الشنيعة.