من هم قوم هود
عاد قوم النبي هود
يرجع نسب عاد إلى عاد بن عُوض بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، وللعلماء قولان في قوم عاد، أحدهما: أن عاد قبيلتان وليس قبيلة واحدة: عاد الأولى، وعاد الآخرة، واستنتجوا ذلك من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}، فطالما ذُكر عاد الأولى، فمعناه أن هناك عاد ثانية وهي عاد الآخرة، وهي قبيلة عاد التي نَزَلت في الأحقاف.
ورأى بعض أهل العلم أن عاد هي قبيلة واحدة، وأن ورود كلمة عاد الأولى في القرآن الكريم، يعود لتقدّم زمنها ومضي فترة طويلة على وجودها، وأنها هي ذاتها عاد التي نزلت في منطقة الأحقاف، واستندوا برأيهم هذا على قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}.
عاش قوم عاد في منطقة اسمها الأحقاف في حضرموت، وتميّزوا ببناء القصور الضخمة والأعمدة الشاهقة والمنازل العظيمة، حتى أصبحوا مضربًا للمثل في طريقة بنائهم التي ليس لها مثيل، وقد كانوا أولي بأسٍ شديدٍ وقوة، ولكنهم كذبوا نبيهم هود، فعاقبهم الله على ذلك.
وبحسب الروايات فقد يكون قوم عاد قريبي الصلة بقوم ثمود، لأنه ارتبط ذكرهم في القرآن مع قوم ثمود في بعض الآيات.
قصة قوم عاد
عاش قوم عاد في منطقة الأحقاف، وهي أرض خصبة، بها الخير الكثير، والماء الوفير، والينابيع، وكل أنواع الزرع والنخيل والأعناب، وقد جعلها الله تعالى أرضًا مباركةً لكل من يعيش عليها.
وكان يتّسم قوم عاد بالقوة البدنيّة، وأجسامهم الضخمة، وقد بارك الله في صحتهم وفي أرضهم، ولما كثرت أموالهم بَنَوا القصور العالية، والمدن الضخمة، والمباني العجيبة التي كانت عبارة عن قطع من الذهب والفضة.
وبالرغم من الخير الوفير الذي كان يعمّ البلاد، إلا أنه كان في المدينة أغنياء وفقراء، وكان هناك أيضًا الأقوياء والضعفاء، لذا كثرت الضغائن والأحقاد بين أفراد القبيلة، وكان يبطش قويهم بضعيفهم، وغنيهم بفقيرهم، ولم يكتفوا بهذا الحدّ من الفساد والتجبّر، بل تركوا عبادة الله، وعبدوا الأصنام التي كانت مصنوعة من الحجارة والخشب.
فأرسل الله تعالى إليهم رجلاً منهم عُرف بالتقوى والصلاح، وهو هود عليه السلام، فدعاهم لعبادة الله وحده لا شريك له، وتَرك عبادة الأصنام، وحذّرهم من غضب الله وسخطه وعقابه.
تكذيب قوم عاد نبيهم
كذّب قوم عاد نبيهم، وعزفوا عن دعوته، وتمادوا في طغيانهم وظلمهم، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ، فأصابهم الله تعالى بالجدب، فجفت الأنهار، وغارت الينابيع، وذبلت النباتات والأشجار، وماتت الأنعام، وهزلت الماشية وقلّ حليبها.
فتيقّن هود عليه السلام أن ذلك كله ما هو إلا بداية لنزول عذابٍ شديدٍ بقومه، فعاد يدعوهم مرّة أخرى لعبادة الله، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوته، وبقوا على ضلالهم وكفرهم.
عذاب قوم هود
بعد تكذيب قوم عاد لهود عليه السلام، وتيقّنه بقدوم العذاب لا محالة، جمع أتباعه من المؤمنين، وخرج بهم من أرض عاد، لينجّيهم من العذاب القادم على قومهم، وما هي إلا أيام حتى أرسل الله تعالى على قوم عاد العواصفَ الشديدةَ ، والرياحَ العاتيةَ، فاقتلعت الأشجار، وهدمت البيوت، وقتلت الناس.
واستمرت العاصفة سبع ليالٍ وثمانية أيام متواصلة، قال تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}، وبعد أن زالت وهدأت العاصفة، لم يبقَ أحد لا نبات ولا بشر ولا أنعام، وتحوّلت الأحقاف من جنة خضراء إلى صحراء خاوية.