من هم الشفعاء يوم القيامة
الشفعاء يوم القيامة
توجد مجموعة من المخلوقات نالت شرف الشفاعة يوم القيامة ، وسيتم بيانهم فيما يأتي:
شفاعة النبي -محمد صلى الله عليه وسلم-
أوّل شافع يوم القيامة، يذهب الناس يوم القيامة إلى نبي الله آدم -عليه السلام- ليشفع لهم؛ فيرسلهم إلى نبي الله نوح -عليه السلام-؛ ويرسلهم نوح إلى نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، وإبراهيم يردّهم إلى نبي الله موسى -عليه السلام- ويردهم موسى إلى نبي الله عيسى -عليه السلام- فيقول لهم: (ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ)، ويتّضح من الحديث أنّ النبيّ -عليه السلام- لا يبدأ بطلب الشفاعة، وإنّما يبدأ بحمد الله -تعالى- و السجود له، ثم يطلب الشفاعة عندما يأذن له الله -تعالى-.
ويكون أولى الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- من قال: "لا إله إلا الله" وهو مخلص في ذلك من قلبه، لما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (قِيلَ يا رَسولَ اللَّهِ مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: لقَدْ ظَنَنْتُ يا أبَا هُرَيْرَةَ أنْ لا يَسْأَلُنِي عن هذا الحَديثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ لِما رَأَيْتُ مِن حِرْصِكَ علَى الحَديثِ أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قَلْبِهِ، أوْ نَفْسِهِ)،
وتجدر الإشارة إلى أنّ شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا ينالها من يعصيه ويخالف سنّته وأوامره، قال -تعالى-: (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ)،
شفاعة النبيين غير محمد -صلى الله عليه وسلم-
أكرم الله -تعالى أنبيائه وأصفيائه، بقبول شفاعتهم في قوم من أهل النار دخلوها بسبب ذنوبهم وليس بسبب كفرهم، ويكونون من الموحّدين الذين أخرجتهم لا إله إلا الله من النار، قال -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قدْ عادُوا حُمَمًا)، وقد وردت أحاديث أخرى تؤكّد شفاعة الأنبياء للمؤمنين، وعندما يحصل ذلك يتمنى الذين جحدوا لو كانوا مسلمين، قال -تعالى-: (رُبَما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا لَو كانوا مُسلِمينَ).خطأ استشهاد: إغلاق مفقود لوسم وفي الحديث السابق، ولا تكون شفاعة الملائكة إلّا لمن ارتضى الله -تعالى- لهم أن يشفعوا له وأَذِنَ بذلك؛ فلا تكون شفاعتهم لأيّ أحد، قال -تعالى-: (وَلا يَشفَعونَ إِلّا لِمَنِ ارتَضى)، واستغفارهم لمن في الأرض المذكور في قوله -تعالى-: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ)، هو من باب الشفاعة أيضاً.
شفاعة الشهداء
ثبتت شفاعتهم في عدد من الأحاديث الصحيحة منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ثمَّ يُقالُ: ادعُوا الشُّهداءَ، فيَشفَعونَ لمَن أرادُوا، قال: فإذا فعَلَتِ الشهداءُ ذلك، قال: يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا أرحَمُ الراحمينَ)، وجاء في حديث خصال الشهيد أيضاً أنّه يشفع في سبعين من أقاربه وفي رواية من أهل بيته، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الشهيدُ يشفَعُ في سبعينَ مِنَ أهلِ بيتِهِ)، وقد قال المِنَاوي في شرح الحديث: إنّه فضَّل الإحسان للأقارب عن الأجانب، كما أنّ أهل بيت الشهيد يعني أصوله وفروعه وزوجاته، وغيرهم من الأقارب، وعدد السبعين يمكن أن لا يكون مقصوداً لذاته وإنّما أُريد منه التكثير.
شفاعة الصالحين
ثبتت شفاعة عباد الله الصالحين في حديث القبضة، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- على لسان عباد الله الصالحين: (أيْ ربَّنا، عبادٌ من عبادِكَ كانوا معنا في الدُّنيا، يُصلُّونَ صلاتَنا، ويُزكُّونَ زَكاتَنا، ويصومونَ صيامَنا، ويَحُجُّونَ حَجَّنا)، فيُخرجون من قال لا إله إلا الله ، ويتعرّفون عليهم من خلال مواضع السجود؛ لأنّ الله -تعالى- حرَّم على النار أن تأكلها.
أما باقي أجزاء الجسم فإن النار تأكلها حسب حجم سيّئات المذنب، فمنهم من تألكه إلى ساقه، ومنهم إلى ركبته، ومنهم إلى صدره، وبعد ذلك يخرجون من النار ويُلقَونَ في نهر يُعرف بنهر الحياة، فينبتون، ويدخلون الجنة، قال -عليه السلام-: (فيُلْقَوْنَ في نَهَرِ الحَياةِ، أوِ الحَيا، فَيَنْبُتُونَ فيه كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ إلى جانِبِ السَّيْلِ). ومنها شفاعة المؤمنين لبعضهم البعض، قال -صلى الله عليه وسلم-:(والذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما مِنكُم مِن أحَدٍ بأَشَدَّ مُناشَدَةً لِلَّهِ في اسْتِقْصاءِ الحَقِّ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَومَ القِيامَةِ لإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ في النَّارِ).خطأ استشهاد: إغلاق مفقود لوسم وقد استنتج العلماء أنّ هذه الشفاعة تشمل الأب أيضاً، وتتحقق هذه الشفاعة عند موت الأبناء الكبار أيضاً، وهم أولى بها لأنّ المصيبة بفقدهم أكبر، كما أنّ كل ذلك مرهونٌ بتطبيق الإنسان لأحكام الشرع، و الصبر عند فقدهم، قال -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).
شفاعة القرآن
ثبتت شفاعة القرآن لقارئه ولمن عمل به في الدنيا، وهناك بعض السور التي ذكرها النبي -عليه السلام- والتي تشفع لمن يحافظ عليها؛ فقراءة سورة الملك كلّ ليلة تمنع عن صاحبها عذاب القبر، وسورتيّ البقرة وآل عمران تكونان كالغمامتان تظللان الذي يواصل قراءتهما؛ إذ يقول -صلى الله عليه وسلم-: (تعلَّموا القرآنَ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شافعًا لأصحابِه وعليكم بالزَّهْراوَيْنِ: البقرةِ وآلِ عِمرانَ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ أو كأنَّهما غَيَايَتانِ أو فِرْقانِ مِن طيرٍ تُحاجَّانِ عن أصحابِهما).
شروط الشفاعة يوم القيامة
يوجد شرطين لا بد من توافرهما في الشفاعة حتى تكون مقبوله، بيانهما فيما يأتي:
- إذن الله تعالى
يشمل ذلك الإذن الكوني والإذن الشرعي، بمعنى أنّ الله -تعالى- يمكن أن يأذن لأحد بالشفاعة في الدنيا والآخرة وذلك الإذن الكوني، لكن إذا لم تتحقق شروط الشفاعة الشرعية فلا تُقبل هذه الشفاعة؛ كما في شفاعة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- لأبيه فإنها لم تُقبل، وكذلك شفاعة نبي الله نوح -عليه السلام- لابنه فإنها لم تقبل، وشفاعة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- لعمّه أبي طالب فإنّها لم تُقبل، لأنّها شفاعات غير موافقة للشرع يعني أنّ الإذن الشرعيّة غير متوفرة فيها، وذلك في صفتها وفي المشفوع له.
- رضا الله تعالى
يشمل ذلك رضا الله -تعالى- عن الشافع ومن ذلك قوله -تعالى-: (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،
حكمة الشفاعة يوم القيامة
أحب الله -تعالى- أن يُكرِّم بعض عباده ويميّزهم عن غيرهم بأن يكون لهم شرف الشفاعة لغيرهم، بالإضافة إلى إظهار الكرم الرباني على المشفوع له، وليس كما اعتقد بعض الناس بأنّ الشفاعة هي فرصة للجرأه على ارتكاب المعاصي؛ لأنّه لا أحد يستطيع أن يتأكّد أن هناك من سيشفع له.