من فتح الأندلس
فكرة فتح الأندلس
ترجع فكرة فتح مدينة الأندلس إلى زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ حيث كان عقبة بن نافع الفهريّ يفكّر دائماً في اجتياز المضيق من أفريقيا، والذهاب إلى إسبانيا إن أمكن حدوث ذلك، ويُذكر أنّ موسى بن النصير قبل أن يفتح الأندلس بسنوات أرسل ابنه عبد الله في سنة 89هـ؛ لكي يفتح جزر الأندلس الشرقية، أو جزر البليار، وميورقة، ومنورقة، وقد عُدّ هذا الفتح المبكّر أحد العوامل التي سهّلت فتح الأندلس.
قادة فتح الأندلس
كان فتح الأندلس الطريقة الوحيدة لحماية البر الأفريقيّ الذي فتحه المسلمون، بعد صراع استمرّ مدّة 68 سنة، حيث بذل المسلمون خلال فتوحاتهم الكثير من الجهد، والمال، والشهداء؛ وللحفاظ على المناطق التي فتحوها أرادوا أن يفتحوا مناطق أخرى.
موسى بن نصير
ولذلك أرسل موسى بن نصير سرية استطلاعيّة إلى جنوب الأندلس بقيادة طريف بن مالك في شهر رمضان سنة 91هـ ، ومن ثمّ أكمل طارق بن زياد الفتح فنزل بقوّاته في منطقة جبل طارق، وأرسل أحد قادته وهو عبد الرحمن بن أبي عامر المعافريّ، ففتح مدينة قرطاجنة الجزيرة، ومدينة الجزيرة الخضراء، وانتصر على جيش لذريق في معركة وادي لكة الحاسمة، وفتح بعدها شذونة، والمدور، وقَرمونة، وإشبيلية، وإستجة، وأرسل مغيث الروميّ ففتح قرطبة، كما أرسل سرايا ففتحت مالَقَة، وإلبيرة، وغرناطة، وكورة، وتدمير، وأوريولة، ومرسية، ثمّ توجّه إلى طليطلة ففتحها.
وبعد ذلك قام موسى بن نصير بإعادة فتح شذونة، وقَرمونة، ورعواق، وإشبيلية، وماردَة، ولقنت، وإستجة، مرة أخرى، ثمّ التقى كلاً من موسى بطارق وفتحا معاً سرقسطة، ووشقَة، ولارِدة، وطرمونة، وبرشلونة، وجليقِية، وقشتالة القديمة، ثمّ انقسم جيش المسلمين إلى قسمين قسم بقيادة موسى، وقسم بقيادة طارق، ففتح موسى بلد الوليد، وقلعة لُك، وخيخون، وقام طارق بفتح أماية، وأشرقة، وليون، ثمّ عادا إلى دمشق بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك، وقام طارق بإرسال جيش بقيادة مغيث الروميّ لفتح مدينة قرطبة، فاستطاع فتحها دون جهد كبير، وأرسل موسى بن نصير ابنيه عبد العزيز وعبد الأعلى إلى جنوب شرق الأندلس فاستطاعا فتح مالَقَة وإلبيرة مرة أخرى، ثمّ توجّه عبد العزيز بن موسى إلى المنطقة الجنوبيّة الشرقيّة من البلاد، فالتقى بالدوق تدمير بالقرب من أوريولة حاكم المقاطعة، فصالحه على مدن المقاطعة كلها، وهي: أُوريولة، وبلانة، ولَقَنت، ومولة، وبسْقَرة، ولورقَة، فاستعادها المسلمون بموجب المعاهدة.
طارق بن زياد
يعدّ طارق بن زياد الليثيّ فاتح الأندلس، ويشار إلى أنّه أسلم على يد موسى بن النصير، وكان من أقوى رجاله، وأشجعهم، ويُذكر في إنسانية طارق أنّه كان وفياً في جُلّ مواقفه، حيث اتّصف بوفاء العهد، وكان له فضل عظيم على اليهود، حيث أصدر القوط أمراً بتنصير أو تعميد جميع أبناء اليهود عندما يصلون إلى السابعة من عمرهم، وأمروا بمصادرة أملاك اليهود، ثمّ أتى طارق وفتح الأندلس، وكان فتحه الطريق الوحيد لإنقاذ اليهود من ظلم القوط، وإنقاذ حاكم سبتة المغربية جوليان، الذي كان على خلاف مع القوط، وكان من حسن أخلاقه ورحمته أن أعاد أملاك الأمراء إليهم، كذلك لم ينقض عهود الأمان التي أعطاها لبعض المدن.
خروج المسلمين من الأندلس
هناك عدّة أسباب مهّدت لخروج المسلمين من الأندلس وضعف موقفهم أمام الأعداء، وهي:
- ضعف العقيدة الإسلامية عند أغلب السلاطين وأصحاب المال، وانحرافهم عن المنهج الإسلاميّ، وموالاتهم وتحالفهم مع النصارى، ومن الأمثلة على ذلك، عندما طلب المعتمد بن عباد المساعدة من ملك قشتالة في حربه ضد أقاربه من أمراء الطوائف من أجل القضاء عليهم.
- الانغماس في الشهوات، وعدم توجّه طاقات الأمة نحو الجهاد.
- إلغاء الخلافة الأموية وإعلان بداية عهد الطوائف ، الذين كانوا غير مؤهّلين لقيادة الأمة الإسلامية والنهوض بها، ممّا أدى إلى ضعف المسلمين.