من صور الأخوة في الله عند السلف
من صور الأخوة عند السلف
كان السلف مثالاً وقدوة لغيرهم في الأخوة والحب في الله والتعاون على التقوى، ومن المعلوم أجر الأخوة ومنزلتها في الإسلام فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (قالَ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- المتحابُّونَ في جلالي لَهُم مَنابرُ مِن نورٍ يغبطُهُمُ النَّبيُّونَ والشُّهداءُ)، ومن هذه النماذج:
- ورد عن عمر بن الخطاب في السيرة أنه لما صلى الفجر قال: أين معاذ؟ قال: هأنذا يا أمير المؤمنين. قال: تعال، لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حباً وشوقاً إليك، فتعال، فتعانقا وتباكيا.
- ورد أن عمر بن الخطاب -رضي الله- عنه كان يتناوب هو وأخاه الأنصاري؛ على التناوب في حضور مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- فيأتي من حضر المجلس بالذكر والشرائع ويخبر بها الآخر، والآخر يقوم بقضاء ما يحتاجان في ذلك اليوم من أمور الدنيا.
- يقول ابن المبارك إذا ودع أصحابه وأحبابه وإخوانه وهو يبكي: (وخفف وجدي أن فرقة واحدة فراق حياة لا فراق ممات).
- يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه-: (إن من إخواني من أدعو لهم في السحر وأسميهم).
- يقول الإمام أحمد لابن الشافعي: (أبوك من الذين أدعو الله لهم في السحر).
- قال أنس -رضي الله تعالى عنه- عندما سمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: (المَرْءُ مع مَن أحَبَّ)، قال: فأنا والله أحب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم).
- سأل بعض التابعين بعض تلاميذه: (كيف محبتكم في الله؟ قالوا: الحمد لله، نتحاب ونتآخى في الله، قال: أيمد أحدكم يده إلى كُمَّ أخيه، فيأخذ منه ما يشاء ويدع ما يشاء؟ قالوا: لا، قال: إذاً أين المحبة؟).
- يقول الإمام أبو حازم الأعرج -رحمه الله تعالى-: لقد رأيتنا عند زيد بن أسلم أربعين فقيهاً أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، وما رأيت في مجلسه متجادلين ولا متنازعين في حديثٍ لا ينفعنا.
ووجد أخاه في الله غير موجود، فسأل الجارية: أين ذهب؟ قالت: غير موجود، قال: دلوني على مكان المال، فدلته الجارية، فأخذ ما يحتاج إليه وانصرف، فلما رجع الأخ المسلم وعرف ما فعل أخاه وأنه أخذ المال الذي يحتاجه ولم يشعر بأي حرج، قال للجارية: إن كنت صادقة فأنت حرة لوجه الله، ففتش المال فوجده قد أخذ منه فعلاً فعتقت الجارية.
- أتى أشخاص إلى الحسن البصري فقال إن فلاناً قد سبك اليوم، فأخذ الحسن رطباً في طبق وقال: اذهب به إليه، وقل له: أهديت لنا حسناتك وأهديناك رطباً.
منزلة الأخوة في الإسلام
قال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، الأخوة في الله نعمة إلهية ورحمة من رحماته، وقد حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على غرس قيم الأخوة بين الصحابة بعد أن كانت قلوبهم متنافرة قبل الإسلام فصاروا مثل الجسد الواحد، قال -تعالى-: (وَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِهِم لَو أَنفَقتَ ما فِي الأَرضِ جَميعًا ما أَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم وَلـكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَينَهُم)، ومما عمله النبي للتأليف بين قلوب الصحابة:
- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
- الحث على التعاون على التقوى والبر.
- الأحاديث التي تتحدث عن فضل الأخوة في الإسلام.
- الأحاديث التي تصور المؤمنون بأنهم كالجسد الواحد.
واجبات الأخوة في الله
واجبات الأخوة موجودة وثابتة في السنة النبوية بالأحاديث المختلفة، ومن هذه الحقوق:
- إعانة الأخ في قضاء الحوائج
قال رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ).
- زيارة الإخوان ولا سيما عند المرض
(كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ؛ طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ).
- إهداء النصيحة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ).
- حفظ عرض الأخ المسلم
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ).
- التماس الأعذار
فالتماس الأعذار للإخوان من أفضل الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان، فكما يقول الناس: التمس لأخيك سبعين عذراً.