من حواري الرسول
الزبير حواري الرسول
تُطلَق لفظة الحواري في اللغة العربية على الصديق، والمؤيِّد، والنصير المخلص، وقد استعمل القرآن الكريم هذه التسمية للدلالة على أصحاب عيسى -عليه الصلاة والسلام- الذين أخلصوا له، ونصروه، وتحمَّلوا العناء معه.
عندما بُعِث خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالديانة الخاتمة، التفَّ حوله الصحابة الكرام، الذين دافعوا عنه وعن الرسالة، وتحمَّلوا الأذى في سبيل ذلك، طلباً لمرضاة الله تعالى. وقد اختصَّ كل واحد من الصحابة الكرام بخصيصة مُعيّنة اشتهر بها، ولعلَّ أبرز هؤلاء الصحابة وأكثرهم شهرة هو الصحابي الجليل الزبير بن العوام -رضي الله عنه- الذي صار حواريَّ الرسول الأعظم. قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن لكل نبيٍّ حواري، وإن حواريّ الزبير بن العوام). وفيما يلي نسلط الضوء على بعض المشاهد من حياة هذا الصحابي الجليل، وعلى بعض فضائله.
فضائل الزبير بن العوام
هو الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، وهو ابن عمَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمُّه هي السيدة صفية بنت عبد المطلب -رضي الله عنها-، وهو أيضاً ابن أخ السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- الزوجة الأولى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأم أبنائه وبناته، وسيدة نساء العالمين.
إلى جانب هذا النسب الشريف، فللزبير بن العوام -رضي الله عنه- فضائل عظيمة أخرى؛ فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وهو أحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما طُعِن في آخر عهده بالدنيا؛ ليتشاوروا فيما بينهم ويختاروا من بينهم خليفة للمسلمين من بعده، وهو أول من سلَّ سيفاً في الإسلام، وهو من نزل جبريل على سيماه في معركة بدر، وهو من قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بأبي وأمي".
إلى جانب كلِّ هذه الفضائل، فقد كانت للزبير بن العوام -رضي الله عنه- أخلاقٌ عالية؛ حيث كان دائم التوكل على الله، مطيعاً لأوامر الرسول الأعظم، وقد كان -رضي الله عنه- فارساً لا يُشَقُّ له غبار، وأحد أبطال الإسلام.
مشاهد من حياة الزبير
كان مولد الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قبل بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنحو خمسة عشر عاماً، وهذا كان عمره حين أسلم بعد البعثة على يدي أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-، ومن هنا فإنّ الزبير بن العوام هو أحد المسلمين الأوائل، وقد نال هذا الصحابي الجليل الأذى الشديد من عمه بسبب إسلامه، غير أنه صبر واحتسب على حداثة سنه آنذاك.
هاجر الزبير إلى الحبشة، وتزوج من الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر الصديق، فأنجبا الصحابي عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم جميعاً- الذي كان له أثر كبير، ودور مفصلي فيما وقع من أحداث بعد انقضاء العهد النبوي الميمون. هاجر الزّبير أيضاً إلى المدينة المنورة، وشهد المشاهد كُلَّها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما كان له شرف المشاركة في الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب، وقد كانت نهاية حياة هذا الصحابي قتلاً على يدي عمرو بن جرموز في سنة ستٍّ وثلاثين هجرية.