من تكلم في المهد
المتكلّمين في المهد
صحّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لم يتَكَلَّم في المَهْدِ إلَّا أربَعةٌ: عيسَى وشاهدُ يوسُفَ وصاحبُ جُرَيْجٍ، وابنُ ماشِطةٍ فِرعونَ)، وفي أقوالٍ أخرى للعلماء ذُكر أنّ آخرون تكلّموا في المهد؛ كالطفل الذي كلّم في حادثة الأخدود ، الذي نطق ليثبّت أمّه على الحقّ.
عيسى ابن مريم
تكلّم عيسى ابن مريم -عليهما السلام- في مهده، وكان تكلّمه معجزةً أمام قومه؛ لذبّ الفاحشة عن مريم، والتأكيد أنّ ما حصل معها بمثابة معجزة من عند الله تعالى، فما إن وضعت مريم ابنها عيسى، وأقبلت على قومها حتّى أنطقه الله -تعالى- بين يديها أمامهم، قال الله سبحانه: (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا*قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا).
صاحب جريج
من الأربعة الذين أورد الحديث الشريف ذكرهم؛ صاحب جريج، وهذه القصّة وقعت مع عابدٍ راهبٍ من بني إسرائيل اسمه جريج، إذ كان معتكفاً مصلياً ذات مرّةٍ، فنادته والدته، فآثر الصلاة على تلبية ندائها، وتكرّر ذلك الفعل منه ثلاث مراتٍ، فدعت عليه والدته ألّا يموت حتى ينظر في وجوه المومسات، فأراد نفرٌ من قومه فتنته، فتطوّعت إحدى المومسات أن تعرض نفسها عليه لتفتنه، فحاولت فتنته، فلم يلتفت إليها، فمكّنت راعٍ من نفسها فحملت منه، فلما ولدت أتت القوم بالغلام، ونسبته إلى جريجاً، فأقبل القوم مغتاظون من جريجٍ، وحطّموا له صومعته يظنّون أنّه كاذبٌ، ولمّا علم بأمر الافتراء؛ توضّأ، وصلّى ركعتين، ودعا الله تعالى، وجاء إلى الغلام وهو في مهده، فسأله من والدك، فنطق الصبي، وقال بأنّه ابن الراعي، فثبتت براءة جريجٍ.
ماشطة بنت فرعون
علم فرعون أنّ ماشطة ابنته قد أسلمت لله تعالى، فنازعها عن دينها، إلّا أنّها ثبتت، فنادى بأولادها الخمسة، وأمر بقدرٍ من نحاسٍ في زيتٍ يغلي، وطلب منها أن تكفر أو أن يلقي أبناءها في الزيت المغلي، وهي ثابتةٌ على الحقّ، فأمر بابنها الأول، فالثاني، فالثالث، فالرابع، فغُيّبوا في الزيت، وأمّهم ثابتة، وعندما أراد فرعون إلقاء الولد الخامس، وكان صبياً صغيراً في المهد، فأشفقت عليه أمّه، فأنطقه الله -تعالى- ليثبّتها على ما هي عليه، ثمّ أخذه جند فرعون، وألقوه في القدر مع أخوته، وأمهم ثابتة على التوحيد.
شاهد يوسف
اختلف العلماء في شاهد براءة يوسف -عليه السلام-؛ إن كان طفلاً في المهد، أم غير ذلك، وحكم الشاهد بالنظر في القميص الذي قُدّ، فإن كان قُدّ من قُبلٍ فيكون يوسف -عليه السلام- من الكاذبين، وإن كان قُدّ من الدبر فيكون من الصادقين، فلمّا نظروا في القميص كان قد قُدّ من الدبر، فبانت براءة يوسف عليه السلام.