من الذي يشرب من حوض النبي
حوض النبي عليه الصلاة والسلام
يعبد المسلم ربّه في الحياة الدنيا ويُكثر من الصالحات واضعًا نصب عينيه أن يدخل جنّة الله التي أعدّها لعبادة في الآخرة؛ ليتمتّع بصنوف الخيرات والنعيم المقيم؛ ففي الجنّة من النعيم ما لا يتصوّره بشرٌ، كما جاء في الحديث القدسي: (أعْدَدْتُ لِعِبادِيَ الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ).
إنّ ومن وجوه التكريم والجزاء الحسن لمن عمل صالحًا في الحياة الدنيا؛ ما أعطاه الله للنبي محمد -عليه الصلاة والسلام- وخصّه به يوم القيامة؛ وهو الحوض المبارك العظيم الذي يرِدُه الصالحون، يشربون منه؛ فيرتوون من مائه ولا يظمئون بعدها أبدًا، والمراد بحوض النبيّ؛ نهر الكوثر الذي أعطاه الله له؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ، الذي أعْطاكَ رَبُّكَ).
أول من يشرب من حوض النبي عليه الصلاة والسلام
ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن أوّل من يشرب من حوضه من المؤمنين: فقراء المهاجرين، الذين عاشوا في حياتهم الدنيا دون أن يذوقوا نعيمها، كما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنّ من أوّل الشاربين من حوضه: أهل اليمن ؛ لفضلهم وسبقهم في الإسلام ونصرتهم له.
فقد ورد في الحديث الشريف عنهم: (إنِّي لبِعُقرِ حوضي أذودُ النَّاسَ لأَهلِ اليمنِ، أضرِبُ بعصايَ حتَّى يرفَضَّ عليهِم)؛ أي أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- يحجز الناس عن الشرب من الحوض حتّى يشرب أهل اليمن.
من يستأهل أن يشرب من حوض النبي
يشرب من حوض النبي -عليه الصلاة والسلام- إضافةً إلى الأصناف التي سبق ذكرهم؛ كل مؤمنٍ تقيٍّ استقام على دين الله -تعالى- ولم يبدله أو يغير فيه أو يبتدع، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنّه يرد عن حوضه عليه الصلاة والسلام رجالٌ يعرف أنهم غيّروا وبدلوا، وفي الحديث: (لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ ناسٌ مِن أصْحابِي الحَوْضَ، حتَّى عَرَفْتُهُمُ، اخْتُلِجُوا دُونِي، فأقُولُ: أصْحابِي! فيَقولُ: لا تَدْرِي ما أحْدَثُوا بَعْدَكَ).
أسباب الفوز بشربة ماء من حوض النبي
يطمع كلّ مسلمٍ بأن يرد حوض النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ويشرب منه، ومن أسباب ورود حوض النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يأتي:
- الثبات على الدين والتمسّك بالقرآن الكريم وسنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
- اجتناب الظلم وعدم معاونة الظالمين في ظلمهم، أو نصرتهم وموافقتهم عليه.
صفة حوض النبي
وردت رواياتٌ عدَّةٌ في وصف حوض النبي محمد ؛ فهو حوضٌ واسع عظيم تبلغ مساحته ما بين أيلة في الشام، وصنعاء في اليمن، وماء هذا الحوض أشدّ بياضًا من اللبن، وطعمه أحلى من العسل، وأمّا آنيته؛ فهي أباريق وأكواب كنجوم السماء؛ قيل مثلها في العدد والكثرة وقيل في اللمعان، يشرب منها المؤمنون، ولهذا الحوض أيضًا ميزابان؛ والميزاب ما يُعلّق في السقف ويُمدّ؛ ليسيل منه الماء، فيدفق الماء من خلالهما دفقًا متتابعًا، أحدهما من ذهبٍ، والآخر من ورِق؛ أي من فضةٍ.