من الذي تكلم في المهد
من الذي تكلم في المهد؟
لقد تكلم في المهدِ سبعةُ رضّعٍ، لكنَّ النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد ذكر ثلاثةٌ منهم ممّا أوحيَ إليه بأسمائهم، حيث قال: (لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَكانَ في بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ له: جُرَيْجٌ، كانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ فَقالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ، وَكانَ جُرَيْجٌ في صَوْمعتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ له امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فأبَى، فأتَتْ رَاعِيًا فأمْكَنَتْهُ مِن نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقالَتْ: مِن جُرَيْجٍ، فأتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمعتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلَامَ، فَقالَ: مَن أَبُوكَ يا غُلَامُ؟ قالَ: الرَّاعِي،... وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ علَى الرَّاكِبِ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ).
عيسى ابن مريم
لقد بيَّن القرآنُ الكريم أنَّ نبيَّ الله عيسى -عليه السلام- كان قد تكلَّم في المهدِ مرتانِ، وفيما يأتي تفصيلُ ذلك:
- المرة الأولى
لقد تكلَّم عيسى في المرة الأولى بعد ولادته مباشرةً، وقد أنطقه الله -عزَّ وجلَّ- في هذه المرة ليدعو والدته إلى عدمِ الحزنِ، ولإرشادها إلى الطعام والشراب، وإلى عدمِ كلامِ النَّاس.
- المرة الثانية
عندما حملته أمُّه إلى قومها، لتواجههم به، وقد أنطقه الله في هذه المرة ليعرَّف عن نفسه وليدافع عن طهارة أمِّه.
الشاهد في قصة يوسف
معلومٌ أنَّ امرأة العزيز قامت بمراودة يوسف -عليه السلام- عن نفسه، وبعد أن استطاع يوسف الهرب منها قامت بلحاقه وقدَّ قميصه من الخلف، وفي هذه الأثناء اكتشف العزيزُ أمرهما، لكن اختلط الأمر عليه؛ إذ إنَّ امرأته بادرت فوراً باتهام يوسف، وبأنَّه هو الذي دعاها لنفسه فأبت.
وحينها أنطق الله -عزَّ وجلَّ- طفلًا ليشهدَ لصالحِ يوسف، وليقوم بتبرئته من التهمةِ التي وُجِّهت إليه، وقد حكى الله -عزَّ وجلَّ- ذلك في القرآنِ الكريم، حيث قال: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
ابن ماشطة بنت فرعون
بعد أن أقرَّت ماشطةُ بنت فرعونَ بربوبيّة الله وحده أمام فرعونَ، قرر عقاباها، فما كان منه إلَّا أن أمر بإحضارِ قدرٍ فيهِ زيت مغلي، وبدأ بإلقاءِ واحدهم تلو الآخر، حتَّى وصل إلى طفلها الرضيع، فأشفقت عليه وكادت أن تتراجع عمَّا أقرت به، فأنطق الله ذاك الرضيعِ حينها؛ ليذكرَّها بأنَّها على الحقِّ.
الرضيع في قصة الراهب جريج
لقد كان جريج عابداً من عبَّاد بني إسرائيل، وقد همَّت إحدى المومساتِ بفتنته، لكنَّها فشلت بذلك؛ حيث إنَّها دعته إلى نفسها فردها جريج ولم يقبل، فذهبت هذه المرأة وزنت مع راعٍ حتى حملت منه، وحين أنجبت منه أخبرت قومها بأنَّ هذا الطفل من جريج، فأتى قومه وضربوه وهدموا صومعته، وحين سألهم جريجُ عن السبب، قاموا بإخباره عن شأنِ هذه المرأة.
وطلب جريج منهم إحضار الطفلِ، وأن يتركون ليصلِّي، ثمَّ طعن هذا الطفلِ في بطنه وسأله عن أبيه، وحينها أنطق الله -عزَّ وجلَّ- هذا الطفلِ؛ ليبرِّئ جريجاً من التهمةِ التي وجهتها تلك المرأةُ إليه.
الرضيع في قصة أصحاب الأخدود
لقد جاء ذكر قصة أصحاب الأخدود في القرآنِ الكريم، حيث إنَّهم أُحرقوا في النارِ بتهمة إيمانهم بالله وحده، وكان من هؤلاء امرأةٌ صالحة، تحمل طفلها، وحين جاءت لتُلقى في النار أشفقت على طفلها، فكادت أن تُفتن لولا أن ثبَّتها الله -عزَّ وجلَّ- وذلك بإنطاقِ رضيعها الذي صبَّرها وأخبرها بأنَّها على الحقِّ.