من اخترع البيانو
بارتولوميو كريستوفوري مخترع البيانو
يُعزى اختراع البيانو إلى الإيطالي بارتولوميو دي فرانشيسكو كريستوفوري، الذي وُلد عام 1655م في منطقة تُدعى بادوفا في إيطاليا ، ولم يقتصر دوره على اختراع البيانو فحسب بل تعدّاه إلى تطوير هذه الآلة وتحسينها، فبحلول عام 1726م كان كريستوفوري قد وصل إلى جميع الأساسيات الموجودة في البيانو الحديث، فقد كانت إطارات البيانو المصنوعة من الخشب غير قادرة على تحمّل التوتر الناتج عن ضرب الأوتار داخل الصندوق المصنوع على شكل قيثارة، الأمر الذي استدعى محاولات عدّة لتطويره حتى يصل إلى ما هو عليه الآن، وتجدر الإشارة إلى أنّ البيانوهات الثلاثة التي صنعها كريستوفوري لا زالت موجودة إلى الآن، إذ يوجد أحدها في متحف الآلات الموسيقية في لايبزيغ، فيما يوجد الآخر في مدينة نيويورك في متحف المتروبوليتان للفنون، والأخير في متحف الآلات الموسيقية في روما، ويُشار إلى أنّ كريستوفري توفي عام 1732م في مدينة فلورنسا.
لم تُذكر الدوافع التي جعلت كريستوفوري يخترع آلة البيانو، إلّا أنّ هنالك احتمالات تقول أنّ بداية القصة تعود إلى عام 1688م، عندما سافر الأمير فرديناندو دي ميديسي ابن دوق توسكانا الكبير إلى البندقية لحضور الكرنفال المُقام فيها آنذاك، وقد كان محبّاً للموسيقى وشغوفاً باقتناء الآلات الموسيقية، فقيل أنه قابل كريستوفوري خلال رحلة العودة في بادوفا، فعيّنه كفنيّ جديد يهتم بالآلات الموسيقية عوضاً عن العامل السّابق بعد وفاته، ومسؤول عن إصلاح وصيانة المجموعة الكبيرة التي كان يمتلكها من الآلات الموسيقية، بالإضافة إلى رغبة الأمير بتعيين كريستوفوري كصانع للآلات الموسيقية.
يُعدّ عام 1688م من أهم مراحل حياة كريستوفوري، فقد أثبت جدارته لدى الأمير في تلك الفترة، وهو الأمر الذي دفع بالأمير لأن يقدِّم له مرتباً يفوق ما قدّمه لمن سبقوه، وأن يمنحه منزلاً مفروشاً في فلورنسا انتقل للعيش فيه عام 1688م عندما تولّى منصب حراسة آلات الأمير وأدواته قبل أن يتم الخامسة والثلاثين من عمره.
الوصول إلى اختراع البيانو
اخترع الصينيون عام 2650 قبل الميلاد آلة موسيقية وَتَريّة أطلقوا عليها اسم "ke"، كانت عبارة عن أوتار مشدودة على صندوق خشبي ذي جسر متحرك، ثم طُوّرت فيما بعد واستوحي منها آلة أخرى سميت بالمونوكورد "Monochord"، ليشهد المنوكورد هو الآخر تطوراً تمثّل في إضافة جسر متحرك يُصدر المزيد من النوتات، بعد ذلك أضاف الياباني هيديكي كيتامورا مفاتيح لآلة المنوكورد تصدر نغمات صوتية مختلفة، وعند حلول القرن الرابع عشر بعد الميلاد تمّ اختراع آلة مستوحاة من آلة المنوكورد بعد الإضافات، سميّت بـِ "clavicytherium" وهي عبارة عن أوتار مرتبة داخل صندوق مثلث يشبه القيثارة أُضيفت إليه بعض التحسينات فيما بعد بوضع المزيد من السلاسل الوتريّة وتثبيتها بالمسامير لغاية تحسين اهتزاز الأوتار، وسمّيت هذه الآلة بالكلايفكورد "clavichord"، فيما طُوِّرت هذه الآلة فيما بعد بوضع قطع من القماش بين اوتارها لتعمل على تثبيط الاهتزاز بين الأوتار وبالتالي التحكم بحركتها، بالإضافة إلى زيادة المفاتيح لتسهيل العزف عليها.
قادت التعديلات بعدها إلى تصميم آلة سبينيت "spinet"، إذ كان العازف على هذه الآلة قادراً على التحكم بشدّة النغمات الصادرة عنها، فيما تلى ذلك تصميم آلة الهارفيسكورد "harpsichord"، والتي قُدّمت على أنّها وجه من وجوه آلة السبينيت، وبحلول القرن السابع عشر ميلادي أُضيفت المطرقة على آلة الهارفيسكورد لتُسمّى هذه الآلة الجديدة بالبيانوفورت "pianoforte"، وقد كانت آلة البيانوفورت بمثابة الفكرة التي استوحى كريستوفوري منها البيانو، حيث قام بتصميم مطارق خشبية تضرب على هذه الأوتار عن طريق مفاتيح مربوطة بها عام 1720م، مما أدّى إلى اختراع البيانو لاحقاً،بعد سلسلة من المحاولات التي أجراها كريستوفوري في متجره الخاص بصنع القيثارات والآلات الوترية ذات المفاتيح، الواقع في بادوا في إيطاليا ، حيث بدأ بتطوير هذه الآلات منذ 1709م ليصل إلى اختراعه هذا.
تطوّرات البيانو عبر التاريخ
يختلف البيانو القديم عن البيانو الحديث، فلم يكن البيانو يحتوي على صفائح معدنيّة تدعمه كما هو الحال في البيانو الحديث، بالإضافة إلى أنّ وزنه كان خفيفاً لافتقاده للعديد من الأجزاء الموجودة في البيانو الحديث، في حين يمكن تشبيه الصوت الصادر عن البيانو القديم بأنّه مزيج بين الأصوات التي تصدرها القيثارات القديمة الموجودة في متحف المتروبوليتان في نيويورك، والأصوات التي يصدرها البيانو الحالي.
تطوّر البيانو عبر الزمن؛ حيث تمّ تصميم البيانو المربّع في ألمانيا عام 1742م بدايةً، وهو الذي انتشرت شعبيّته بشكل واسع بين لندن وما وراءها إلى سانت بطرسبرغ على عكس التصميم الأول لكريستوفوري، ثم ظهر بعده في عام 1781م بيانو جراند من تصميم جون برودوود "John Broadwood"، وقد عزّز هذا البيانو من اهتزاز الأوتار عند الضغط على الدوّاسات فيه، ليظهر بعد ذلك بيانو فورت في عام 1830م، والذي كان مملوكاً لأدولف فون مينزيل أحد الرّسامين الألمان الشهيرين، حيث كان يقيم حفلات موسيقيّة في منزله، ويُشار إلى أنّ العديد من الموسيقيين أمثال يوهانس برامز، وفيليكس مندلسون، وكلارا شومان قد عزفوا على هذا البيانو، قبل أن يظهر بيانو ستاين المربع "Stein Square Piano" الذي تميّز بمطارقه المغطاة بالجلد؛ حيث أضافت له ميّزة جديدة جعلت لمسة المطرقة للوتر خفيفة وسريعة الاستجابة.
ثم ظهر بعده البيانو المطوّر على يد سيباستيان إيرارد الذي حصل بواسطته على براءة اختراع لإنّه استطاع أن يجمع بين موسيقى فيينا والموسيقى الإنجليزيّة، وكان من ميّزات هذا البيانو سرعة الاستجابة التي تمكّن العازف من تكرار النوتات بسرعة وقوة، تلى ذلك اختراع بيانو "Streicher" والذي اعتُبر بناؤه ذروة بناء البيانو في فيينا في ذلك الوقت، ثم جاء بعده البيانو الكبير "Bechstein"، ففي عام 1878م كانت الحفلات التي تقام في أوروبا مع كبار عازفي البيانو تُعزف على هذا البيانو، ويعود الفضل في ذلك إلى لونه المخمليّ المميّز وقوّة إطاره المصنوع من الحديد.
آلية عمل البيانو
يمتاز البيانو بأنّه مختلف عن أيّة آلة موسيقيّة أخرى، فهو مزيج بين آلتين موسيقيّتين إحداهما وتريّة تتمثل بالأوتار الداخلية، والأخرى قرعيّة تتمثل بالمطارق الموجودة في الصندوق، حيث تتصل الأخيرة بلوحة مفاتيح مكونة من 88 مفتاحاً يُصدر كل مفتاح منها لحناً مختلفاً عن المفتاح الآخر، ويكون ذلك بحركة طرف المفتاح الداخلي عند الضغط عليه فيرفع حينها المطرقة المثبتتة في الداخل، والتي تضرب بدورها أحد الأوتار المشدودة داخل قيثارة البيانو فتصدر إحدى النّوتات ، أمّا عند رفع الأصبع عن المفتاح فإنّ ذلك سيؤدي إلى هبوطه، وبالتالي إلى هبوط المثبط ( بالإنجليزية: damper) الموجود خلف المطرقة وملامس للوتر، وهو الأمر الذي سيُنهي النوتة الموسيقية.
يتواجد في البيانو ثلاث دوسات مسؤولة عن تغيير مستوى الصوت، وتحديد مدى طول النّغمات، وتتحكم بضعفها أو قوتها، فعند الضغط على الدوّاسة اللّينة الموجودة على اليسار مثلاً ستقوم أغلب المفاتيح بالضغط على مجموعتين أو ثلاث من السلاسل الوتريّة، فينتج عنه صوت عالٍ ونغمة واضحة، أمّا عند الضغط على الدوّاسة الموجودة على اليمين فستعمل على رفع كل مثبطات النغمة عن الأوتار لتدوم النغمة لفترة أطول، وعند الضّغط على الدوّاسة الوسطى والتي تُسمّى دوّاسة "sostenuto"، فستعمل على إزاحة المطارق إلى جانب واحد بحيث تتصل بعدد أوتار أقلّ، الأمر الذي يصدر عنه نغمات هادئة وناعمة.
الاختلاف بين البيانو القديم والحديث
يختلف أقدم بيانو اختلافاً واضحاً عن البيانو الحديث، فمن هذه الاختلافات أنّ البيانو الحديث يحتوي على ثمانية وثمانين مفتاحاً عوضاً عن الأربعة والخمسين مفتاحاً التي كان يحتوي عليها البيانو القديم، بالإضافة إلى أنّ مدى الصوت في البيانو القديم أقصر منه في نظيره الحديث، كما أنّ الأوتار الرقيقة والمطارق القوية الموجودة في البيانو الحديث تعطي أداءً أفضل بكثير وتجعله يختلف في صوته عن البيانو الأول الذي اخترعه كريستوفوري، لذا يُعدّ بيانو كريستوفوري مناسباً للعزف المنفرد بسبب صوته الخفيف الذي لا يمكن سماعه من مسافات بعيدة مما يجعله غير مناسب للحفلات الموسيقية الصاخبة، في حين يصلح البيانو الحديث للعزف الجماعي بسبب ما يمّيزه من صوت عالٍ وواضح، بالرغم ممّا يؤخذ عليه من عدم قدرته على إبراز مهارة العازف لافتقاره لخاصيّة التدرج الموسيقي الذي يعطي للنوتة تميّزها.
آلة البيانو
يُعدُّ البيانو إحدى الآلات الموسيقيّة التي اختُرعت لأول مرة في إيطاليا عام 1709م على يد مخترع القيثارة بارتولوميو كريستوفوري، وقد تمّ اشتقاق اسم البيانو من كلمة (pianoforte) التي تعني الصوت النّاعم المرتفع، وهي آلة كثيرة التعقيد؛ حيث تتكوّن من إطار حديدي مصنوع من حديد الزهر يحتوي بداخله على أوتار ومطارق لغايات إصدار النوتات المتعارف عليها، بالإضافة إلى 2,000 قطعة ثابتة، و10,000 قطعة متحركة، و88 مفتاحاً تتراوح ألوانها بين الأبيض والأسود، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المفاتيح كانت تصنع من عاج الفيلة حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، قبل أن تُستبدل مادتها الخام بالبلاستيك لحماية الفيلة والمحافظة عليها من الانقراض، كما يتكون البيانو من عدّة أجزاء رئيسية؛ وهي: لوحة المفاتيح (Keyboard)، والمطارق (Hammers)، والإطار (Frame)، ولوحة الصوت (Soundboard)، وأجهزة الأداء (Action).