من أين خلقت حواء
من أين خلقت حواء
تعدّدت آراء أهل العلم في كيفية خلق حواء، وبيان آرائهم فيما يأتي:
الرأي الأول: خُلقت من ضلع آدم
قيل إن حواء خُلِقت من ضلعٍ من أضلاع آدم -عليه السلام-، وممّا يدلّ على ذلك ما يأتي:
- قول الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لكَ علَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بهَا اسْتَمْتَعْتَ بهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا).
إذْ قال العديد من أهل التفسير إنّ النفس الواحدة هي آدم، وخلْق حواء منها يعني أنّها خُلِقت من آدم؛ أي من أحد أضلاعه، وهو قول ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهما-، وقول جمهور المفسّرين؛ ومنهم: ابن كثير، والطبري، والبغوي، والرازي، وابن الجوزي، وأبو السعود، وابن عاشور، وجلال الدين المحلّي، والشنقيطي، والطنطاوي، وغيرهم.
الرأي الثاني: خُلقت من تراب
يرى بعض العلماء أنّ حواء خُلِقت من جنس آدم؛ أي من نفس المادة التي خُلق منها، وهي التراب، ومما يدلّ على ذلك قوله -تعالى-: (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)، وقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، فقالوا ليس شرطاً أن يكون لفظ (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) محمول على خلق حواء من ضلع آدم، إذ من هذا القبيل مثلا قوله -تعالى-: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ).
مكان نزول حواء
ذكر القرآن الكريم نزول آدم وحواء من الجنة إلى الأرض بشكلٍ عام دون تحديد مكان النزول، ولم يثبت في النصوص الشرعية ما يدلّ على مكان نزولهما بالتحديد، فقد قال الله -تعالى-: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ).
وقال بعض المؤرّخين في كتبهم إنّ حواء نزلت في جدة، ودُفنت فيها كذلك، وقيل إنّها نزلت في مكة في المروة، ونزل آدم عند الصفا، وقيل إنّهما -أي آدم وحواء- نزلا في الهند، وتبقى هذه الأقوال ظنّية لا دليل شرعي صحيح عليها.
أمّا سبب نزول آدم وحواء من الجنّة فهو بسبب إغراء الشيطان لهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله -تعالى- عن الأكل منها، لِذا حاول الشيطان بكافة الطرق أن يسوقهما للأكل منها، ثم أخذ يغريهم بالتدريج، ويُبيّن لهما أنّه ناصح أمين، وأنّ الأكل منها سيكون سبباً لخلودهما في الجنة، وحينها أكل آدم -عليه السلام- وزوجته من الشجرة، وانتهى الاختبار بأن نزلا إلى الأرض.
قال الله -تعالى-: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِين).
أقوال العلماء في سبب تسمية حواء
تعدّدت أقوال العلماء في سبب تسمية حوّاء، وبيان ذلك على النّحو الآتي:
- قيل: لأنّها خلقت من شيءٍ حيّ، أي لأنّها خلقت من ضلع آدم.
- قيل: لأنّ بشَرتها كانت سمراء أو تميل إلى السّمرة، وقيل كذلك لأنّ شفتها كان فيها حمرة، وذلك من الحوّة؛ أي السّمرة أو الاحمرار الذي يميل إلى السّواد.
- قيل: لأنّها أمّ كلّ حيّ.
- قيل: لأنّها تحتوي آدم بمشاعرها واستماعها إليه.