من أول سلطان عثماني
عثمان بن أرطغرل
يُعتبر السلطان عثمان بن أرطغرل هو مؤسس الدولة العثمانية وأول سلاطينها، وبانيها وواضع الأساس الأول لدستورها من خلال وصيّته لابنه أورخان الذي عهد له بحكم الدولة من بعده، فسار عليها ومن بعده سلاطين الدولة العثمانية، حيث ظهرت على السلطان عثمان ملامح الصفات القيادية في شخصيته مبكراً، مما ساعده على تمكين الدولة وتثبيت أركانها، بعد أن كانت تسير في فلك حكم السلطان السلجوقي الملك علاء الدين، مع امتلاك السلطان عثمان بعض الصلاحيات في إمارته، استمر ذلك حتى غزو المغول لإمارة السلاجقة وفرار علاء الدين إلى الإمبراطورية البيزنطية ووفاته بها، فبدأ السلطان عثمان في توسيع إمارته بعد أن أصبح بلا سلطة أعلى منه يأخذ منها الأوامر والمهمات، فاتّخذ من مدينة بني شهر قاعدة له ولُقّب بباديشاه آل عثمان، وخيّر أمراء الروم في آسيا الوسطى بالإسلام أو دفع الجزية وإمّا القتال، فما كان منهم سوى الاستعانة بالمغول ، إلّا أنّ السلطان عثمان كان قد جهز جيشاً بقيادة ابنه أورخان فشتتهم، فكانت هذه الخطوة الأولى والبالغة الأهمية في تأسيس السلطنة العثمانية والتي أصبحت فيما بعد تُعرف بالخلافة الإسلامية.
صفاته القيادية
صادف ميلاد عثمان بن أرطغرل مع سقوط الدولة العباسية على يد المغول، وكان ذلك في عام 1258 للميلاد، مما كان له الأثر على شخصيته بعد أن ترعرع في أجواع من الضعف، فبرزت صفاته الشخصية كقائد عسكري، ومن هذه الصفات:
- الشجاعة: وظهر ذلك جلياً عندما اجتمع الصليبيون للقضاء على إمارته الناشئة، فخرج بجيشه مواجهاً حتى شتتهم.
- الحكمة: حيث اصطف أبان توليه رئاسة قومه مع السلطان علاء الدين ضد الصليبيين وساعده في فتح عدة مدن.
- الإخلاص: فعندما رأى سكان الأراضي القريبة منه إخلاصه للدين ساندوه ووقفوا في مواجهة أعدائه.
- الصبر: وبرزت هذه الصفة، عندما بدأ في فتح الحصون حيث صبر ورابط حتّى تحقق المراد.
- جاذبية الإيمان: والتي كان لها دور مهم في جذب من كانوا أعداء وإسلامهم والإنضمام له.
- العدل: فقد ولّاه والده أرطغرل قضاء مدينة قره جه، فظهر عدله وعدم تمييزه بين مسلم أو غيره.
- الوفاء : عُرف عن عثمان الأول الاهتمام الشديد بالعهود والا لتزام بها.
- التجرّد في الفتوحات: حيث كان دافع فتوحاته نشر دين الله وليس مصالح اقتصادية أو عسكرية.
شخصيته ووصيته
امتلك السلطان عثمان شخصيّة جذابة أثّرت في الجميع مسلمين وكفار، فقد كان لها دور في إسلام كثير من الأعداء، فقوته لا تطمس عدله والسلطة لم تغلب الرحمة، كان صادق الوعد والعهد وفياً لكلمته، مما ساهم في إرساء دعائم الخلافة العثمانية.فكانت وصيّته على فراش الموت لابنه أورخان الطريق الذي سارت عليه سلالته من بعده في الحكم، حيث قال فيها "يا بني إيّاك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة، فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلا، يا بني أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرّك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة، يا بني إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله، يا بني لسنا من هؤلاء الذين يُقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا ونموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل".