نبذة عن العصر العباسي الثاني
بدأ العصر العباسي الثاني مع بداية عهد الخليفة العباسي المتوكل عام 847م، واستمر لغاية تولي الخليفة المستكفي بالله الخلافة في العام 946م، وأكثر ما ميز هذا العصر أنه لم يكن مماثلاً للعصر الذي سبقه في مختلف الجوانب الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية والاجتماعية.
مميزات العصر العباسي الثاني
ولأن العصر العباسي الثاني كان مختلفًا عن العصر العباسي الأول ؛ فقد تميز بعدد من المظاهر التي رسمت ملامحه وجعلته مختلفًا عما سبقه، ومن أبرز هذه الميزات:
اتساع نفوذ الأتراك
وعن النفوذ التركي في العصر العباسي الثاني:
- إنّ السبب الأساسي الذي أدى لتوسع النفوذ التركي في العصر العباسي الثاني هو اعتماد الخليفة العباسي المعتصم على الأتراك وتعينه لهم كنجد للخلافة، إضافة إلى أنه أعطاهم سلطاتٍ ومناصب رفيعة، ومثال هذا تعيينه لأبو جعفر أشناس، المعروف بأشناس التركي، ليصبح أحد قادته، وواليًا على مصر في العام 834م، وتوكيله بولاية كلٍ من الشام وبلاد ما بين النهرين في العام 838م، كما منحه سلطة لا حدود لها؛ حتى أنّ المنابر في الخطب أصبحت تدعو له.
- ومن الشخصيات التركية الأخرى التي منحها الخليفة المعتصم نفوذًا القائد التركي إيتاخ الخزري، والذي تمّ تعيينه واليًا على كلٍ من خراسان، والسند، وبعض محافظات نهر دجلة ؛ الأمر الذي ساهم في توسيع النفوذ التركي مع مرور الوقت، وإحكامهم السيطرة على مفاصل الدولة الرئيسية.
- أدى اتساع النفوذ التركي خلال العصر العباسي الثاني، وسيطرتهم على المفاصل العسكرية والإدارية، إلى تقليص سلطة الخليفة، لتغدو سلطته صورية، وأوامره شكلية، ومهمته التوقيع على بعض القرارات فقط.
سامراء عاصمة للخلافة
تم بناء مدينة سامراء في عهد الخليفة المعتصم، من أجل أن تغدو عاصمة الدولة العباسية بدلاً من مدينة بغداد، وقد اتسمت مدينة سامراء بانتشار نفوذ الأتراك فيها.
المبالغة بالترف والبذخ
ساد في العصر العباسي الثاني مظاهر بالغت بالترف والبذخ لحدٍ أدى لانتشار الفساد، وعن هذه المظاهر:
- ساهمت التوسعات التي جرت على يد قادة بني عباس في العصر العباسي الأول بجلب الكثير من المال من البلدان والمناطق التي أصبحت تابعة للدولة العباسية؛ لكن تلك المصادر وظفت في العصر العباسي الثاني في بناء القصور، وعلى الجواري، مما أدى لانتشار الفساد والفسق.
- طغت في العصر العباسي الثاني أصوات المغنيين على أصوات العلماء والشعراء، وأصبح الناس ميالون للتمتع بالحياة وترفها، وجرى التوقف عن الفتوحات الإسلامية، والاهتمام بالحياة الثقافية.
ازدهار الحركة الشعوبية
وعن أهم مظاهر هذه الحركة:
- تعرف الحركة الشعوبية بأنها حركة تميل لتفضيل العجم على العرب، وقد ساهم في نموها دخول أقوام تدين بالإسلام ولكن ولاءها لقومها كالفرس والأتراك في الدولة العباسية، وقد تمكنوا من تبوء مناصب عليا فيها.
- أدت هذه الحركة إلى ظهور صراعات بين هؤلاء الأقوام والعرب، مما تسبب في شكلٍ من أشكال الانقسام في المجتمعات آنذاك، وكان العرب يحاولون القضاء على هذه الحركة من خلال معاملة هؤلاء الأقوام بالرفق واللين.
الحركات الانفصالية
وعن هذه الحركات:
- من أبرز مظاهر العصر العباسي الثاني ضعف الإدارة؛ الأمر الذي ساعد على انفصال دويلات عن جسد الدولة العباسية.
- ومن الأمثلة على الدول التي ظهرت بسبب الحركاتٌ الانفصالية: الدولة الطاهرية، والدولة الصفارية، والدولة السامانية، والدولة الطولونية، والدولة الإخشيدية، والدولة الفاطمية، والدولة الحمدانية.